لا يزال الانقسام اللبناني الداخلي حول تطوّرات الأحداث في المنطقة، ولا سيّما العدوان الذي يشنّه «التحالف العربي» بقيادة المملكة العربية السعودية على اليمن، تحت سقف «ربط النزاع الإيراني ــ السعودي» في لبنان، والتفاهمات التي رعت سابقاً تشكيل الحكومة اللبنانية، وترعى حتى الآن، استمرار الحوار بين حزب الله وتيار المستقبل.
إلّا أن موقف رئيس الحكومة تمام سلام في مؤتمر القمة العربية في شرم الشيخ قبل يومين، دفع وزير حزب الله في الحكومة حسين الحاج حسن، إلى إصدار بيان ليل أمس، اعتبر فيه أن خطاب سلام في مؤتمر القمة العربية «برّر ما تقوم به بعض الدول العربية من عدوان على اليمن وشعبه»، مشيراً أيضاً إلى «تأييده لإنشاء قوة عربية مشتركة من خلال الجامعة العربية». وقال: «يهمّنا أن نوضح أن هذين الموقفين: العدوان على اليمن وإنشاء القوة العربية المشتركة، لم يُناقشا في الحكومة اللبنانية، وما أدلى به دولة الرئيس سلام يعبّر عن وجهة نظر قسم من اللبنانيين ولا يعبّر عن وجهة نظر لبنان الرسمي المتمثل بالحكومة اللبنانية، وسنطرح هذا الأمر للنقاش في أول جلسة لمجلس الوزراء».
وأتى خطاب سلام بعد كلمة وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل خلال اجتماع وزراء الخارجية العرب التمهيدي للقمة العربية الخميس الماضي، والذي عبّر فيه عن أن لبنان «يسير مع ما يتفق عليه الجميع، وفيه وحدة موقف وقوة موقف، فإننا نسير به، وما يختلف عليه العرب بشأن عربي فيه ضعف للموقف، وبالتالي فإننا من خلال سياسة النأي بالنفس، نمتنع عنه». وحدّد باسيل ثلاث مسائل يتفّق لبنان عليها مع «الإجماع العربي»، هي: «دعم الشرعية في أي بلد عربي، اعتماد الحلول السياسية، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول».
مصادر وزارية بارزة، اعتبرت أن «كلام باسيل يناسب الموقف اللبناني الرسمي المعتمد منذ سنوات»، ويناسب تحديداً سياسة «النأي بالنفس» تجاه الأزمة السورية والأزمات الأخرى، في الخطاب الرسمي على الأقل. إلّا أن كلام سلام، بحسب المصادر، «زاد على موقف باسيل»، معتبرةً أن «موقف لبنان الخارجي يناقش في مجلس الوزراء قبل التعبير عنه في الخارج». إذ أشار سلام إلى أن «الصراعات السياسية في اليمن، مدفوعة بتدخلات خارجية، أدت إلى نشوء حالة من الفوضى الأمنية والسياسية… هذا الواقع، حدا المملكة العربية السعودية، تلبيةً لنداء الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، إلى قيادة تحالف عسكري عربي وإسلامي للحؤول دون تفاقم هذا الخطر، ولتثبيت الشرعية وإعادة الأوضاع في اليمن إلى نصابها الطبيعي». وأعلن سلام تأييده «إنشاء قوة عربية مشتركة لمكافحة الإرهاب وصون الأمن القومي العربي».
مصادر معنية أكدت ان أحداً ليس في وارد تفجير الحكومة، إلا أن بيان الحاج حسن «هو تسجيل موقف ولفت نظر لرئيس الحكومة إلى أن سياسة لبنان الخارجية لا تقرر بهذه الطريقة، بل ينبغي أن تُبحث أولاً على طاولة مجلس الوزراء».