IMLebanon

اعتداء جديد من محكمة الحريري!

أعادت المحكمة الدولية الخاصة بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري إلى اختصاصها أمس إمكان محاكمة شخصيات معنوية. قرار اعترض عليه عضو المحكمة نفسها القاضي وليد العاكوم، لأنه يتيح محاكمة أحزاب سياسية لبنانية

لم تستطع المحكمة الدولية أن تبدّل «طَبعها»، ولا هي قادرة على أن تحيد عمّا رسمه لها أسياد مجلس الامن الدولي. أصدرت هيئة الاستئناف الاستثنائية فيها أمس قراراً يحمل في طياته من الخطورة ما دفع أحد أعضاء الهيئة، القاضي وليد العاكوم، إلى التحفظ على القرار (ثم التوقيع عليه)، وتسجيل تحفظه، محذراً بالقول: «إن الإجراءات الجارية حساسة.

أضفنا إليها قراراً يسمح، حين تسنح الفرصة، بتوجيه اتهامات ضد أحزاب سياسية، مؤسسات وجمعيات لبنانية، وأي لاعبين آخرين معرّفين كشخصيات معنوية. ومن وجهة نظري، لا سبب يدفعنا إلى القيام بذلك».

ما يتحدّث عنه العاكوم، وما أصدرت المحكمة قرارها في شأنه أمس، متصل بملاحقة «الأخبار» وتلفزيون «الجديد» والزميلين إبراهيم الأمين وكرمى الخياط، بتهمة تحقير المحكمة من خلال نشر معلومات عن شهود سريين استند الادعاء العام إلى إفادات بعضهم لتنظيم قرارات اتهامية. لاحقاً، أصدر القاضي الناظر في قضايا التحقير، نيكولا ليتييري، قراراً يوم 24 تموز الماضي، قال فيه إن المحكمة تلاحق أفراداً، ولا تحاكم الأشخاص المعنويين (الشركات والمؤسسات والأحزاب والدول والهيئات…)، معلناً عدم اختصاص المحكمة في ملاحقة شركة تلفزيون «الجديد». وقرر متابعة محاكمة الخياط من دون الشركة التي تعمل فيها. سجّل قرار ليتييري حينذاك نقطة إيجابية في سجل المحكمة الحافل بالسلبية والتسييس. لكن هيئة الاستئناف الخاصة (برئاسة القاضية جانيت نوسوورثي وعضوية القاضي وليد العاكوم والقاضية إيافانا هردليكوفا ـ قاضية رديفة) تولت أمس إزالة تلك النقطة، لتعيد توسيع اختصاص المحكمة، وتكرر القول إنه ليس محصوراً بمحاكمة أفراد متهمين باغتيال الحريري، بل يتعداه إلى محاكمة أشخاص معنويين.

ما تحدّث عنه العاكوم يتخطى ملاحقة «الجديد» حالياً، و«الأخبار» في الأسابيع والأشهر المقبلة، ويتجاوز الحديث عن حرية الرأي والتعبير وعن خرق السيادة اللبنانية. إنه متصل بالدرجة الأولى بعملية تسويق المحكمة منذ ما قبل صدور قرار إنشائها عام 2007، من خلال القول إن المحكمة لن تتهم دولاً ولا أحزاباً ولا مؤسسات، بل إن عملها محصور في ملاحقة أفراد.

المشنوق: لا يمكن لبنان قبول الهبة الإيرانية لأن قرار مجلس الأمن 1747 يحظر ذلك

والترجمة السياسية اللبنانية لذلك تفيد بأن المحكمة باتت بعد قرار أمس قادرة على ملاحقة حزب الله، لا الاكتفاء بأفراد معدودين منه.

«النصرة» تهدّد بالقتل

داخلياً، بقي ملف العسكريين المخطوفين في عرسال على رأس أولويات القضايا التي تتابعها القوى السياسية. وبعدما كان متوقعاً أن تكون جلسة مجلس الوزراء أمس حامية، جرى تبريدها من خلال ترحيل معظم الملفات الخلافية (مخيمات النازحين السوريين، تمديد عقود إدارة الخلوي، مقر شركة كهرباء لبنان…)، ليقتصر النقاش ـ من خارج جدول الاعمال ـ على ملف المخطوفين. وجرى التأكيد على «وحدة الموقف وعدم الخضوع لابتزاز الجهات الخاطفة وإكمال مساعي المفاوضات عبر القنوات المتوفرة والحرص على سلامة العسكريين». وتوافق الحاضرون على «دعم رئيس الحكومة المكلف بهذا الملف، على أن يوضع مجلس الوزراء بكل التفاصيل ويجتمع عند الضرورة أو طلب الرئيس ذلك». وأضافت المصادر أن «المقايضة لم تطرح، لأن المفاوضات لم تبلغ مرحلة الحديث عنها، فلا الخاطفون ينتمون الى جهة واحدة ولا مطالبهم واضحة أو ثابتة، فضلاً عن أن ما هو واضح وثابت لا يلتزمون به».

وفي هذا الإطار، أصدرت «جبهة النصرة» بياناً هدّدت فيه بقتل عسكريين مخطوفين، قائلة إن «ما ورد في وسائل الإعلام اللبنانية مؤخراً عن تعهدنا بعدم قتل أي جندي محتجز لدينا عار من الصحة، ولا يوجد أي جهة تمثلنا أو تفاوض عنا». وتوجه بيان «النصرة» إلى اللبنانيين عموماً وإلى أهالي المخطوفين خصوصاً بالقول: «حكومتكم لا تزال على موقفها تجاه اللاجئين، فقد أعلنّا سابقاً، مراراً وتكراراً، أنه «لا مفاوضات» حتى يتم تسوية وضع بلدة عرسال بشكل كامل، وحل مشاكل اللاجئين السوريين والإفراج عمن اعتقل منهم مؤخراً، وقد حمّلنا الموفد القطري هذه الشروط ولم يردنا منه أي ردّ حتى هذه اللحظة، وأبلغناه أننا على استعداد لإطلاق سراح أسرى من الجنود مقابل إفراج الحكومة اللبنانية عن سجناء من رومية بعد تنفيذ الشروط الأولية الآنف ذكرها واستئناف المفاوضات. ونعيد ونحذر أن أي تعدٍ مقبل على أهل السنّة سيدفع ثمنه كلّ من ينتمي لهذه المؤسسة العسكرية، ولا أهمية للمفاوضات حينها، وننصحكم بالوقوف على الحياد، لأنه إن استمر الجيش اللبناني في تعدياته فسيكون هدفاً لنا، فبادروا إلى إنقاذ أبنائكم قبل ألا ينفع الندم».

وكان الأهالي قد اعتصموا أمام السراي الحكومي في بيروت، تزامناً مع انعقاد مجلس الوزراء أمس، وأصدروا بياناً حذّروا فيه «من المماطلة» في معالجة قضية أبنائهم، متوجهين إلى المواطنين «بالاعتذار عمّا قد يطالكم جراء الخطوات التصعيدية التي قد تشل البلد وتعيق حركته».

وحضر وزير الصحة العامة وائل أبو فاعور الى مكان الاعتصام، مكلّفاً من رئيس الحكومة تمام سلام، يرافقه الامين العام للمجلس الاعلى للدفاع اللواء محمد خير. وأكّد أبو فاعور أن «الأمور تتحرك إيجاباً بشكل كبير، وما كان حاصلاً سابقاً من انسداد في أفق التفاوض هو أمر تجاوزناه، وما كان حاصلاً من تهديد يومي بالقتل قد تجاوزناه».

وفي عرسال، أفرج المسلحون الذين يحتلون جرود عرسال عن المواطن ماهر العماطوري الذي خطف قبل يومين في الجرود.

ومن ناحية أخرى، صدر أمس أول موقف رسمي لبناني سلبي من الهبة الإيرانية المعروضة على لبنان، إذ قال وزير الداخلية نهاد المشنوق (في مقابلة على محطة «أل بي سي آي») إن لبنان لا يستطيع قبول سلاح من إيران بسبب وجود قرار من مجلس الامن الدولي (1747) يحظر استيراد السلاح من إيران.