إرادة استمرار الحوار بين حزب الله وتيار المستقبل لا تزال أقوى من كل أجواء التوتير والاحتقان وتبادل القصف الإعلامي على خلفية العدوان السعودي على اليمن. الحزب، من جهته، لم يتبلّغ أي قرار في شأن تأجيل الجلسات بعض الوقت ريثما تهدأ النفوس. والرئيس سعد الحريري، أقفل الباب أمام أي سعي في هذا الشأن «مهما تكُن الأجواء». وعليه، جلسة الحوار قائمة اليوم، مع توقعات بأن تراوح درجة حرارتها بين «عادية» و»ساخنة»
ازدياد منسوب التوتّر في المناخ السياسي الداخلي، نتيجة الانقسام حول الموقف من العدوان السعودي على اليمن، لن يفسد لحوار عين التينة قضية… حتى الآن. قرار رئيس مجلس النواب نبيه برّي باستمرار الحوار بين تيار المستقبل وحزب الله، تلقّى جرعة دعم من الرئيس سعد الحريري. فقد نقلت مصادر في تيار المستقبل عن الأخير قوله، خلال استقباله وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق في الرياض، إن «خيار تيار المستقبل الاستمرار في الحوار مهما تكُن الأجواء».
وهو ما يقفل الباب في وجه المستقبليين الذين سعوا في الأيام الأخيرة إلى إقناع رئيس الحكومة السابق بتأجيل جلسة اليوم، وآخرهم النائب السابق مصطفى علّوش الذي صرّح بأن «الحوار بين الحزب والتيار يجب أن يتوقف في ظل الظروف الراهنة».
ومن المؤكد أن موقف علوش ليس يتيماً، إذ إن أوساطاً عدة في صفوف التيار الأزرق ترى في انعقاد جلسة اليوم أمراً «غير منطقي»، على قاعدة التساؤل عما سيحقّقه هذا الحوار، «في ظل هذا الجوّ المتشنّج».
يذهب موفدو حزب الله إلى جلسة اليوم «بشكل عادي، من دون أي التزام مسبق بجدول أعمال». مصادر الرئيس بري، بدورها، أكّدت أن «جلسة اليوم ستكون عادية، وتناول موضوع الأحداث في اليمن وتأثيرها على الخطابات السياسية الداخلية سيمر بشكل عابر». وشدّدت على أنه «لا يمكن هذا الموضوع أن يكون بنداً أساسياً، لأننا هذا أمر لا نتحكّم به. ونحن في الحوار لسنا في وارد العمل على تغيير مواقف أي من الطرفين، فلا حزب الله سيتوقّف عن دعمه للحوثيين، ولا الحريري وتيار المستقبل سيتراجعان عن تأييدهما للخيار العسكري السعودي». واعتبرت المصادر «أننا نبالغ إذا قرّرنا تحميل أنفسنا نقاش هذا الموضوع، لأننا لسنا مؤهلين». ولفتت إلى أن «الطرفين غير ملتزمين جدول أعمال محدّد، ونحن عادة نناقش كل ما بين أيدينا من معطيات جديدة، وعلى الأرجح سنتحدّث عن الإنجاز الأمني الذي حصل في طرابلس أخيراً، والمتمثل بقتل الإرهابي أسامة منصور واعتقال الشيخ خالد حبلص. وبالإمكان أيضاً التطرّق إلى ملف الفراغ الرئاسي».
غير أن مصادر مستقبلية رأت أن جلسة اليوم «لن تكون سهلة. وسيكون النقاش كما لو أن الفريقين قد بدآ لتوّهما بالحوار، أي من النقطة الصفر، إن لم نقل أنه سيكون حاداً». وأوضحت أن «حدث اليمن وما تلاه من مستجدّات وتوترات على الساحة الداخلية، سيفرض نفسه بنداً أساسياً على جدول أعمال هذه الجلسة، خصوصاً أن التراشق الإعلامي بين الطرفين تخطّى في الأيام الأخيرة السقف المعقول». ورأت المصادر أن «الدخول في هذا النقاش أمر طبيعي. فقد تعوّدنا أن تفرض الأحداث الداخلية والخارجية الأمنية والسياسية نفسها، كما حصل في جلسات سابقة».
إلى ذلك، لفتت التغطية التي منحها الحريري لمواقف وزير الداخلية الأخيرة في شأن التعامل مع المطلوبين الارهابيين، بعد الجملة الأخيرة على الأجهزة الأمنية عقب مقتل منصور واعتقال حبلص. فقد أشاد الحريري بـ«أهمية الإنجازات التي تحققها قوى الأمن الداخلي في مجال مكافحة الإرهاب، وآخرها الإنجاز الذي قامت به شعبة المعلومات في طرابلس». جاء ذلك، بالتزامن مع نفي مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار اتصاله بالمشنوق مهنئاً إياه بالعملية الأمنية التي قامت بها شعبة المعلومات أخيراً، وتأكيد وزير الداخلية للاتصال رغم النفي. وقالت مصادر بارزة في التيار إن «كلام الحريري بمثابة تغطية للوزير المشنوق، ضد الأصوات التي تعارضه».
وكان الحريري قد أكد في تغريدة له عبر «تويتر» في الذكرى الأربعين لبدء الحرب اللبنانية «أننا لن نسمح أبداً أن تعود». ولفت إلى أن «لبنان لم يخرج من الحرب الأهلية ليدخل أتون الحروب العربية»، ومشيراً إلى أننا «لا يمكن أن نحمي لبنان إذا لم نقفل الأبواب في وجه الحرائق المحيطة ونتوقف عن الذهاب اليها بأنفسنا».
من جهة أخرى، ردّ عضو كتلة المستقبل النائب أحمد فتفت خلال مشاركته في الاحتفال التكريمي الذي أقامته منسقية الضنية في التيار في بلدة سير، على النائب وليد جنبلاط الذي دعا إلى تعديل الطائف، معتبراً أن «هذا الكلام فيه خطورة لكونه سيراعي وجود سلاح حزب الله، ولن نقبل بأي تعديل للطائف إلا عندما يطبق اتفاق الطائف كاملاً ويسلم سلاح الميليشيات للدولة».
توقيفات في بريتال
من جهة أخرى، أوقفت مخابرات الجيش اللبناني في عملية أمنية نفّذتها في بلدة بريتال البقاعية ح. ط. الملقب بـ «حسونة جميلة»، وهو مطلوب بأكثر من 200 مذكرة توقيف تتعلق بسطو مسلح وسلب سيارات وخطف. وقد أصيب شخص في تبادل لاطلاق النار بين عناصر المخابرات والمطلوب الذي اعتقل مع أربعة آخرين.