لم تنسحب أجواء التشنج على جلسة الحوار العاشرة في عين التينة أمس. «جلسة عادية» عقدها المتحاورون من حزب الله وتيار المستقبل تناولت مواضيع أمنية وسياسية وملف النازحين السوريين في عرسال، فيما غاب الملف اليمني
بين التشنّج المسيطر على البلد منذ نحو ثلاثة أسابيع، على خلفية العدوان السعودي على اليمن، والخطاب الناري ضد إيران على لسان وزير الداخلية المحاور نهاد المشنوق، انعقدت جلسة الحوار العاشرة في عين التينة أمس، بين الحزب وتيار المستقبل، في أجواء «هادئة وعادية، وحكينا إنو بلا ما نحكي عن اليمن»، بحسب مصادر مشاركة في الحوار. وأوضحت المصادر أن الجلسة بحثت في مواضيع عدّة، أبرزها استكمال الإجراءات الأمنية في بعض المناطق، حيث أكد وزير الداخلية «أنها ستكون مشدّدة في البقاع والشمال»، وأن «الاجراءات الأمنية في الضاحية الجنوبية ستبدأ نهاية الشهر الجاري».
ومن المواضيع التي نوقشت داخل الجلسة، بحسب المصادر، موضوع « مخيمات النازحين السوريين، حيث جرى البحث في إمكانية التخفيف منها أو تفكيكها في عرسال ونقلها الى مكان آخر لأسباب أمنية وعسكرية. كذلك تناول المتحاورون بشكل مقتضب وضع الحكومة والموازنة».
وكانت كتلة المستقبل رأت في بيان، عقب انتهاء الاجتماع، أن «الحوار الجاري مع حزب الله في هذه الظروف يشكل ضرورة يجب استمرارها رغم التباين الكبير بين الطموح والواقع في ما وصل إليه هذا الحوار من المراوحة وعدم التقدم في أكثر من موضوع، وذلك بهدف العمل على خفض التشنج والتوتر تمهيداً للوصول الى توافق وطني يؤمن انتخاب رئيس للجمهورية وينهي الشغور في موقع الرئاسة الأولى».
وفيما تشخص الأنظار الى الموقف الذي سيُعلنه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، يوم الجمعة، أبدت مصادر في تيار المستقبل خشيتها من أن يرفع السيد نصرالله سقف الخطاب مجدداً، إلى حدّ لا يستطيع بعده المستقبليون تبرير حوارهم مع الحزب. وأشارت المصادر الى أن نواب التيار تحدثوا، على هامش الاجتماع الأسبوعي لكتلتهم، عن «الإحراج الذي يُسببه استمرار الحوار لهم داخل الشارع السنّي».
من جهته، شنّ الوزير المشنوق هجوماً لاذعاً على إيران وقادتها على خلفية العدوان السعودي على اليمن. وقال في احتفال تكريمي أقامه له اتحاد جمعيات العائلات البيروتية: «سمعنا قبل أيام كلاماً يتوعد المملكة العربية السعودية بالهزيمة وبتمريغ أنفها بالتراب، وأنا أقول من بيروت التي عانت من صاحب الكلام ومن مدرسته، بقدر ما عانت من إسرائيل: من سيُمرّغ أنفه بالتراب هو كل من احترف ثقافة العدوان والإلغاء وتزوير الإرادات والتطاول على الشرعيات وكل من يعتقد أن زمن الاستضعاف سيدوم إلى الأبد». وأكّد أن السعودية تدعو الى تأمين مناخات ملائمة للحوار، معرباً عن استغرابه للتزوير الاعلامي عبر وسائل الاعلام والسياسيين في محور الممانعة لما يتعلق بالأزمة اليمنية. وشدد على «أننا نرفض رفضاً قاطعاً الإساءة الى السعودية»، و»لا نقبل المساواة بين السعودية وإيران وسوريا»، مشيراً الى أن إيران كادت تنجح في إنجاح الفتنة بين السنة والشيعة، ومؤكداً أن عملية «عاصفة الحزم» أتت «لتحرير العرب من براثن السطو الإيراني».
المشنوق يحمل
على ايران ويحيّد حزب الله:
السعودية تدعو الى تأمين مناخات ملائمة للحوار
ورأى المشنوق «اننا ما نجحنا في لبنان هذا النجاح في وجه الارهاب إلا عبر القوى الامنية»، وتوجه بالتحية الى الجيش اللبناني وقيادته وقوى الامن الداخلي، لا سيما شعبة المعلومات، «على ثباتها في معركتها مع الارهاب»، مؤكداً أن «علاج الارهاب يكون بمزيد من الاصرار على الخطة الامنية». ووجّه المشنوق التحية الى رئيس مجلس النواب نبيه بري «على دوره وما يقوم به على مستوى الوطن».
مصادر قريبة من وزير الداخلية قالت لـ»الأخبار» إن تصعيد المشنوق «كان حصراً في وجه الايرانيين، وهو لم يتعرّض لحزب الله بالمعنى اللبناني، كما لم يتطرق الى مواقف أمينه العام»، مشيرة الى أنه «ما كان ممكناً القول أقل من ذلك في ظل الهجمة الايرانية وبعد قرار مجلس الأمن المؤيّد لعاصفة الحزم أمس».
من جهته، كرر الرئيس بري أمام زواره مساء أمس تأكيد ثقته بالحوار وباستمراره. وقال إنه طلب من الوزير علي حسن خليل، قبل انضمامه الى الجولة العاشرة، أن ينقل الى المجتمعين «ضرورة عدم تصعيد النبرة والتمييز بين مواقفهم من الملفات المختلف عليها وبين مقتضيات الحوار، وأن أحداً لا يطلب من أحد التخلي عن مواقفه السياسية». وأكد أن الطرفين متمسكان بالحوار «رغم بعض الاصوات التي تطالب بوقفه». وسأل: «لماذا لا يقتدى بالمواقف بين إيران والسعودية اللتين رغم الخلاف الحاد بينهما تتحدثان بنبرة مخفوضة، وتؤكدان الرغبة في الحوار»، وأثنى على إعلان الرئيس سعد الحريري والسيد نصرالله أكثر من مرة إصرارهما على الحوار. وأوضح أن جدول الاعمال «يفترض أن يتناول تنفيس الاحتقان بعد المواقف الاخيرة، بعدما كانت الجولات السابقة باشرت الخوض في موضوع انتخابات الرئاسة والخطة الامنية للضاحية الجنوبية». وقال: «يقتضي تعميم الحوار على العالم العربي، وإلا فانتظروا زيادة الكراسي في الجامعة العربية، لأن عدم الحوار سيؤدي الى تفكيك العالم العربي ونشوء دويلات جديدة ستزيد من المقاعد في الجامعة».
عون: فليحكموا من دوننا
الى ذلك، صعّد تكتل التغيير والاصلاح أمس موقفه من ملف التعيينات الأمنية، معتبراً التمديد في الأسلاك العسكريّة والأمنيّة «انتقائيّة وخطيرة، ومخالِفة لقانون الدفاع الوطني وقانون تنظيم قوى الأمن الداخلي (…) وهذا الأمر وجوديّ بالنسبة إلينا، أحبَّ الآخرون أو كرهوا»، مشيراً الى «أنّنا نرفع الصوت اليوم قبل أن نرفع القبضات بوجه من يفكّر بلحظةٍ واحدة أن يعزلنا عن رئاستنا وجيشنا وشراكتنا الفعلية في صناعة القرار الوطني». ودعا شركاءه الى «أن لا تفسروا انفتاحنا ضعفاً ولا حاجة»، داعياً مجلس الوزراء الى «التعيين الفوري لقياداتنا العسكرية والأمنية». وقالت مصادر عونية لـ»الأخبار»: «إذا تواصل هذا المسار بتجاهل تام للشراكة وبالتطويق المتمادي للتكتل في الدوائر المعنية، فالمؤكد أننا ذاهبون الى مشكل حقيقي». وأشارت المصادر الى امتعاض العماد ميشال عون «من تمادي شركائنا في الحكومة وخارجها في التضييق عليه واعتبار أنه يمكن أن يغض النظر باسم التوافق. وهو ينظر الى التعيينات الامنية كرأس حربة في سعيه الى قلب الطاولة على من يريد منه أخذ موافقته على مطالب شركائه في الحكومة من دون استثناء، ولا يأخذ في المقابل موافقة على مطالب قانونية بحجة الشراكة الوطنية، أو بحجة الاوضاع الاقليمية». وأكدت المصادر أن الاتفاق تم على أن تتخذ القرارات في الحكومة بالتوافق، ولكن أي طرح يتقدم به التكتل يقابل فوراً بالرفض، مشيرة الى أن التفكير في قرار الاعتكاف أو الاستقالة جدي، و»إذا أرادوا أن يحكموا من دون التكتل فليحكموا».