كلمة مفصلية لها ما قبلها وما بعدها تلك التي ألقاها السيد حسن نصر الله. عنوانها واضح: كفى للسعودية. موقف رأى أن على العالم الإسلامي اتخاذه، مترافقا مع تدخل لوضع حد للعدوان، الذي لن يحقق أهدافه على اليمن
مرّة جديدة، رفع الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أمس سقف خطابه ضدّ السعودية، مطالباً «المسلمين والعالم بأسره» بقول «كفى» للسعودية، «من أجل سوريا ولبنان والعراق واليمن ودول الخليج ومصر وليبيا… من أجل كل بلد فيه عصابة إرهابية تكفيرية تقتل وترتكب المجازر يجب أن يقف العالم ليقول للسعودية كفى».
وأكد نصرالله، في كلمته خلال مهرجان «التضامن مع اليمن المظلوم» الذي نظمه الحزب في مجمع سيد الشهداء في الضاحية الجنوبية لبيروت، أنه «لن يمنعنا شيء، لا التهويل ولا التهديد، من أن نواصل إعلاننا لموقف التنديد للعدوان السعودي ـ الأميركي على اليمن».
وتناول «الحجج الواهية لتبرير الحرب السعودية على اليمن»، مفنّداً «الحديث عن التهديد اليمني المفترض للسعودية، ومواجهة الهيمنة الإيرانية، وحرب العرب والعروبة، وحرب الدفاع عن عروبة اليمن»، سائلاً: «هل فوضت الشعوب العربية النظام السعودي بالحرب على اليمن؟».
كما سأل: «إن لم يكن الشعب اليمني من العرب، فمن هم العرب؟ قبل الإسلام كانوا هم حضارة العرب، وعندما كان أهل شبه الجزيرة العربية لا يتقنون القراءة، كان في اليمن مدنية، وكان في اليمن ملوك للعرب، فضل اليمنيين في الجهاد معروف وتشهد له بلاد المسلمين. علماء وتجار اليمن أدخلوا الإسلام إلى إندونيسيا أكبر البلاد الإسلامية، اليمنيون لا يحتاجون إلى شهادة على عروبتهم وإسلامهم، ومن يعتدِ على الشعب اليمني يجب أن يبحث عن شهادة لإسلامه وعروبته».
وتابع نصرالله: «حاولوا إعطاء الحرب بعداً طائفياً بأنها حرب سنية شيعية، وفشلوا. أما أكثر عنوان مضحك طرح خلال الأسابيع الماضية، فهو عنوان الدفاع عن الحرمين الشريفين في مكة المكرمة والمدينة المنورة. من الذي يهدد الحرمين الشريفين؟ الشعب اليمني؟ الجيش اليمني؟ اليمنيون يعشقون رسول الله وآل البيت».
وجزم نصرالله بأن «هناك تهديدا للحرمين الشريفين»، لكن «من قبل داعش… عندما أُعلن أن دولة الخلافة ستهدم الكعبة، لأنها مجموعة أحجار تعبد من دون الله وتتنافى مع التوحيد، فالحرم النبوي في خطر من داخل السعودية والفكر والثقافة الوهابية، كتب التاريخ تشهد على ذلك».
وتحدث عن تشابه الحرب على اليمن، بالحرب التي شنتها إسرائيل على لبنان عام 2006، مؤكداً أن «الحرب واحدة والعقل واحد والأهداف واحدة والإدارة واحدة، يعني النتيجة ستكون واحدة».
وأكد أن العدوان «فشل في إعادة عبد ربه منصور هادي إلى صنعاء أو عدن، وأن أي تسوية سياسية لا يمكنها إعادته إلى اليمن»، مشيراً إلى تعيين خالد البحاح نائباً للرئيس اليمني. وعدّد نصرالله إنجازات الجيش اليمني والحوثيين بعد 22 يوماً من العدوان، على الرغم من القصف الجوي السعودي ــ الأميركي، مؤكّداً أن « عدن تحت سيطرة الجيش واللجان الشعبية، وكذلك معظم المحافظات تحت سيطرتهم، فيما القاعدة وحلفاؤها في تراجع»، وأشار إلى أن «هناك فشلا في تحويل الصراع الداخلي إلى صراع زيدي ـــ سني، أو شيعي ــ سني، بل هناك وقفة يمنية في مواجهة العدوان، وبعض القوى السياسية المؤيدة للعدوان بدأت تتنصل من مواقف قادتها».
ورأى أن «التهديد اليمني للسعودية كما قيل، تحوّل بعد العدوان على اليمن من محتمل إلى قطعي»، واصفاً قائد الحوثيين «السيد عبد الملك الحوثي بالقائد الشاب»، ومضيفا أن عدم ردّه على العدوان السعودي هو «صبر استراتيجي»، وأن «اليمنيون لم يلجأوا إلى خياراتهم الحقيقية، فيما وصل العدوان إلى آخر الخط»، مشككاً في إمكانية حصول عملية برية ضد اليمن.
وأشار إلى ما سماه «المسار التنازلي في التهديد بشن عدوان بري»، لافتاً إلى مسألة « استئجار الجيوش» من قبل السعودية بعد رفض باكستان المشاركة في العملية العسكرية. وشكر نصرالله البرلمان الباكستاني والشعب والحكومة على موقفهم، كما وجه نداء إلى مصر والأزهر الشريف وباكستان لـ «منع هدم بلد من بلاد رسول الله، وألا تكونوا شركاء فيه»، مشدداً على «ضرورة دخول العالم الإسلامي في رعاية لحل سياسي ووقف الحرب، لأنه لا أحد يريد إسقاط النظام السعودي وكل ما نتمناه الخير لها»، مشيراً إلى أنه «لا يبدو أن أفق التسوية السياسية نضج، مع أن أغلب الأصوات في العالم تنادي بالحل السياسي».
وعن موقف الحزب من السعودية، «بعد سنوات في تدوير الزوايا في مواقفه»، قال نصرالله: «نحن أتينا متأخرين في هذا الموقف، مع أننا ننتقد ولا نشتم، ولكن اسمحوا لنا، ونحن لا نريد فتح ملفات ما قدمته السعودية في سنوات الحرب الأهلية في لبنان، ولا في الموقف تجاه سوريا»، متسائلاً «لو أن سوريا سقطت بيد القاعدة فأين سيكون مصير مسيحيي ومسلمي لبنان؟». وجدّد نصرالله شكره لسوريا «لأنها صمدت وواجهت وقاتلت ولم تخضع لهذا الفكر التكفيري الأسود، ولم تسقط في يد القاعدة»، مكرّراً « اتهامه للسعودية بالتدخل مباشرة في البحرين وبمنعها الحل السياسي فيه».
وأشار إلى أن الحزب من «دعاة الحوار السعودي ــ الإيراني، لأنه يترك أثر إيجابياً»، وأن «إيران تسعى للتفاهم مع السعودية منذ سنوات، ولكن السعودية كانت دائماً ترفض، وإيران مستعدة اليوم للحوار مع السعودية، لكن السعودية تكابر وترفض لأنها فشلت، لهذا تفتش عن نجاح في مكان ما قبل أن تذهب إلى طاولة الحوار».
وعقّب أن «المسؤولين السعوديين أعلنوا الحرب، وهذا لم يعد بحاجة إلى دليل»، مؤكداً «الرغبة بالصلح والتسوية، لأنه آن الأوان كي يقول العالم الإسلامي للسعودية كفى».
ووجه سؤالاً إلى «الشعوب العربية» حول «الفكر الذي تحمله الجماعات التكفيرية»، وقال: «هذا فكر وكتب وثقافة من؟ ومن الذي يبني مدارس في كل أنحاء العالم لتدريس هذا الفكر التدميري التكفيري؟ إنها السعودية وأموالها وتحريضها الطائفي والمذهبي». وأضاف أن « الخاسر الأكبر في كل ما جرى ويجري كانت فلسطين، وأي تهديد لا يمنعنا من اتخاذ موقفنا هذا. كفى حروباً وكفى تضليلاً باسم الحرمين الشريفين».
وحول لبنان، أكد نصرالله أنه «في حزب الله، لا نلزم حلفاءنا شيئا، ولا نطلب من شركائنا أي شيء، لأننا نريد مصلحة لبنان الكبرى، ومن أجل هذه المصلحة نقول إنه يجب الانتهاء من الطمع بالمال السعودي لأنكم خربتم الدنيا».
وقدم نصيحة إلى اللبنانيين قائلاً: «لقد اختلفنا حول اليمن وسوريا وقبلها لبنان، ولكن أقول طولوا بالكم ولا تخطئوا بالحسابات، ولا تكون هذه الحسابات كما راهنتم على سقوط النظام السوري خلال شهرين»، مشيراً إلى أنه «نحن هنا في لبنان نريد أن نعيش معاً، ولا نريد أن ننقل الخلاف حول موضوع اليمن إلى لبنان». وتمنّى «اعتماد أسلوب النقد لا الشتم، وليحتفظ كل بموقفه ورأيه مع التزام الحدود والضوابط الأخلاقية ».
الحريري: عاصفة الحزم يا عزيزي!
عبر «تويتر»، ردّ الرئيس سعد الحريري على خطاب السيد حسن نصر الله، فاعتبر أن «ما سمعناه افتراءات تاريخية ونبش في قبور الاحقاد وانكشاف مفضوح لما في الصدور من ضغائن تجاه السعودية ومؤسسها وقيادتها»، محذراً من أن «تناول الملك الراحل عبد العزيز بالإساءة يضع المتطاولين في المرمى المضاد، من اكبر مقامٍ في طهران الى أصغرهم في الضاحية». وأكد ان «التوتر السياسي لن ينجح في تشويه صورة السعودية ودورها ومكانتها». ولاحظ ان «المشهد الذي يقدمه حزب الله مستورد من ايران وبعيد عن مصلحة لبنان»، وقال: «ما بين السعودية واليمن من تاريخ مشترك ومصير واحد، أعمق من منابر النحيب الإيراني التي نسمعها من الضاحية الى طهران». وجزم بأن «التصعيد المتواصل لحزب الله لن يستدرجنا الى مواقف تخل بقواعد الحوار والسلم الأهلي». وختم سائلاً: «لماذا كل هذا الجنون في الكلام؟ انها عاصفة الحزم يا عزيزي!».