مع انتصاف فصل الربيع، تبدو معركة حزب الله «الموعودة» ضد إرهابيي «داعش» و«النصرة» في جرود القلمون أقرب من أي وقت مضى. وفيما تبدأ القوى الأمنية بتنفيذ الخطة الأمنية في الضاحية غداً، تمكّن الجيش أمس من توقيف عدد من تجّار المخدرات
مع اقتراب نهاية نيسان، وانحسار الثلوج فوق سلسلة الجبال الشرقية الفاصلة بين لبنان وسوريا، وتحديداً في الجزء الشمالي من السلسلة أو جبال القلمون، يعود الحديث عن المعركة المرتقبة بين حزب الله والمجموعات الإرهابية المنتشرة على الحدود الشرقية اللبنانية، من مشاريع القاع شمالاً حتى جرود بريتال ونحلة جنوباً.
وليست خافيةً التحضيرات التي يعدّها حزب الله لـ«خوض المعركة الحاسمة مع الإرهابيين وطردهم من الجرود»، والتي «بدأت حتى قبل كلام الأمين العام لحزب الله عن مفاجآت الربيع»، كما يقول مصدر في قوى 8 آذار.
وإذا كانت المرحلة الماضية قد حملت هدوءاً نسبياً في المناوشات بين الجيش السوري وحزب الله من جهة، ومسلحي «داعش» و«تنظيم القاعدة في بلاد الشام ــ جبهة النصرة» من جهة مقابلة، في القلمون، بفعل العوامل المناخية القاسية، فإن المرحلة المقبلة تتجه نحو «عودة القلمون إلى الضوء، مع توارد المعلومات عن نية حزب الله فتح المعركة مع الإرهابيين في وقت قريب، واستباق خطط الإرهابيين بالهجوم على مواقع حزب الله ومحاولات الدخول إلى الأراضي اللبنانية». ويشير أكثر من مصدر ميداني إلى أن «الإعداد لمعركة الجرود يوازي من حيث العدّة والعديد ما تم التحضير له إبان معركة القصير».
غير أن المرجّح بحسب المصادر، هو بدء حزب الله بهجومه من الجرود المقابلة لبريتال ونحلة، حيث ينتشر إرهابيو «النصرة». ففي «الوقت المستقطع» الذي فرضه الشتاء القاسي، أجرى حزب الله والجيش السوري سلسلة «عمليات» استباقية، تساهم إلى حدٍّ كبير في تطويق إرهابيي «النصرة» وقطع الطريق عليهم جنوباً وشرقاً. فإلى جانب عزل مدينة الزبداني وحصارها، (التي يسيطر عليها مسلحو «النصرة» و«حركة أحرار الشام» ومسلحون محليون)، أتت سيطرة الجيش السوري وحزب الله على التلال الغربية للزبداني، بهدف قطع الطريق بين المدينة السورية وجبال القلمون، وإغلاق الممرات الجبلية التي كان يستفيد منها مسلحو القلمون باتجاه بلدتي مضايا وسرغايا، لتبقى طرق إمدادهم نحو الشمال والشرق، حيث يبسط إرهابيو داعش سيطرتهم.
من المرجّح أن يبدأ
حزب الله هجومه من الجرود المقابلة لبريتال ونحلة
كذلك سيطر الجيش السوري في الأسابيع الماضية على تلال جديدة في الجرود من الجهة السورية، وهي «شعبة الخشيعة» و«تلال الحمرا»، وعزّز مواقعه المطلّة على الممرات الجبلية. وسجّلت أربع محاولات للتقدم من «النصرة» باتجاه بلدة فليطا السورية، باءت بالفشل، آخرها قبل أسبوع وأدت إلى مقتل قيادي بارز في «النصرة» إلى جانب 12 آخرين.
الحديث عن خروج «داعش» من القلمون باتجاه الرّقة والبادية السورية تضعه مصادر ميدانية في إطار «التضليل الإعلامي». وتشير المصادر إلى أن «القول بأن داعش خرج من الجرود اللبنانية الشرقية والقريبة من لبنان يصبّ في سياق تبييض صفحة المسلّحين الذين يهدّدون لبنان من الشرق، وفي السياق ذاته لما يحاول البعض ترويجه عن أن إرهابيي النصرة الموجودين على الحدود لا يستهدفون لبنان». وتشير المعلومات إلى أن «تنظيم داعش لا يزال موجوداً بفعالية في جرود عرسال، وصولاً إلى جرود مشاريع القاع، وخلفها إلى داخل الأراضي السورية في جبال الحسياء ومحيطها».
وتؤكّد المعلومات أن «خطوط إمداد داعش إلى القلمون انتعشت في الفترة الأخيرة، مع تقدّم التنظيم في مناطق سورية موازية لمشاريع القاع».
من جهته، يتحسّب الجيش اللبناني لمفاعيل المعركة في الجرود، وهو لم يوفّر جهداً على مدى الشهرين الماضيين في تثبيت مواقعه وتعزيزها والسيطرة على نقاط استراتيجية جديدة، تقطع الطريق على المسلحين نحو الداخل اللبناني، مع اشتداد المعارك، ولا سيما في جرود بلدتي رأس بعلبك والقاع، إذ استحدث الجيش ثلاث نقاط جديدة في جرود بلدة الفاكهة، وعزز نقاطاً كان موجوداً فيها ومنها الطريق من جرود الفاكهة إلى وادي الحصن وجرود عرسال العُلوية، وهذا الطريق سبق أن مرت عبره سيارتان مفخختان نحو لبنان، واحدة فجرها انتحاري في بلدة النبي عثمان وأخرى فجرها الجيش بعدما فرّ الإرهابيون وتركوها خلفهم. كذلك سيطر على جرود الكويخات، التي كان الإرهابيون يستخدمونها للقصف بالهاون على مواقع رأس بعلبك.
توقيف «نفنف» وبدء خطة الضاحية
وفي سياق آخر، تضع الأجهزة الأمنية اللمسات الأخيرة على الخطة الأمنية التي ستبدأ تنفيذها في الضاحية الجنوبية لبيروت. وبحسب مصادر أمنية، فإن تطبيق الخطة سيبدأ غداً، بالتعاون بين الجيش وقوى الأمن الداخلي والأمن العام. ولفتت المصادر إلى أن الأجهزة الأمنية الثلاثة أعدّت لوائح بأسماء المطلوبين للقضاء المنوي توقيفهم. وستُركّز عمليات الدهم على المطلوبين بجرائم الاتجار بالمخدرات وترويجها، وعمليات السلب والسرقة، وغيرها من الجرائم. وأكّدت المصادر أن العملية تحظى بغطاء سياسي من جميع القوى. ولفتت إلى أن عمليات الدهم التي جرت في برج البراجنة، أمس، تشير إلى جدية ما ستشهده الضاحية في الأيام المقبلة. فقد نفّذ الجيش انتشاراً واسعاً وعمليات دهم في أكثر من حي في برج البراجنة، بعدما تعرّضت دورية لقوى الأمن الداخلي لإطلاق نار من مطلوبين.
وأوقف الجيش المدعو حسن ش. المعروف بـ«حسن نفنف»، وهو مطلوب بأكثر من 50 مذكرة توقيف بتهم متعددة؛ أبرزها تجارة المخدرات، وأوقف معه أربعة مطلوبين من كبار المتهمين بترويج المخدرات. وفي التفاصيل، أن دورية من مكتب استقصاء جبل لبنان أوقفت عدداً من مروجي المخدرات قبل ثلاثة أيام، وتعرّضت لإلقاء قنبلة يدوية أثناء العملية، من دون وقوع ضحايا في صفوف القوى الأمنية. غير أن تجار المخدرات ظهروا أمس في حي الجورة في منطقة برج البراجنة، وعمدوا إلى عرض «بضاعتهم» علناً. وعندما حاولت دورية من الاستقصاء توقيفهم، ردّ التجار بإطلاق النيران، فأصيب مدنيان بجروح. وتدخلت قوة من الجيش وتمكّنت من توقيف المذكورين بعد اشتباك معهم، وتمّ ضبط أسلحة وذخائر متعدّدة كانت بحوزتهم.