IMLebanon

حزب الله يردّ في القلمون: عشرات القتلى والجرحى من «النصرة»

مساء أمس، هدأت المعارك العنيفة التي اندلعت منذ الأحد الماضي في جرود القلمون وعرسال. وبعد الضربة القاسية التي تلقاها حزب الله في جرود بريتال، انقشع الغبار عن «مقتلة» سقط فيها عشرات المقاتلين من «النصرة» وحلفائها

تنفّس جنود الجيش السوري وحزب الله في منطقة القلمون الصعداء، ولو إلى حين. بعد أربع من المعارك العنيفة مع مقاتلي “جبهة النصرة” و”داعش” وحلفائهما، تمكن جنود الجيش وحزب الله من صدّ هجمات المسلحين، ووجهوا لهم ضربة قاسية ملحقين بهم خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد، في ما بدا وكأنه رد على هجمات مسلحي “تنظيم القاعدة” وحلفائهم.

ماذا جرى في جرود القلمون خلال الأيام الماضية، وصولاً إلى “المقتلة” التي تعرّض لها مقاتلو “جبهة النصرة” ومن يساندهم أمس؟

المسلحون المعارضون للنظام السوري توحدوا في القلمون تحت راية واحدة. “داعش” و”النصرة” وبقايا “الجيش الحر”، كلهم يقاتلون جنباً إلى جنب. نفّذوا الهجمات على مواقع حزب الله في جرود بريتال ونحلة يوم الأحد الماضي. وبعد تمكنهم من إحداث خرق وتكبيد الحزب خسائر كبيرة، سرعان ما تراجعوا أمام ضربات المقاومة التي منعت أعداءها من احتلال مواقعها واستخدامها للهجوم على الأراضي اللبنانية. سريعاً، غيّر إرهابيو “النصرة” و”داعش” وحلفاؤهم مسارهم. هاجموا مواقع للحزب والجيش السوري في جرود بلدات عسال الورد والجبة وفليطا السورية. الهجوم كان أعنف من الهجمات على المواقع في لبنان. عدد المهاجمين أكبر، بحسب مصادر ميدانية، وغزارة النيران أكثف من ذي قبل. أحدث المهاجمون خرقاً هذه المرة أيضاً، وتمكنوا صباح أول من أمس من السيطرة على موقع يشرف على بلدة عسال الورد، ويطل على طريق يؤدي إلى بلدة الجبة. صوروا شريط فيديو يُظهرهم داخل الموقع. ورغم أنهم كانوا على بعد كيلومترات من عسال الورد، فإنهم قالوا في الشريط إنهم سيطروا على البلدة. ولما كانوا يعلمون أنهم عاجزون عن السيطرة على الموقع، فجّروا الذخائر التي فيه. شنّ جنود الجيش والحزب هجوماً مضاداً أعنف من هجوم أعدائهما، فاستعادوا الموقع، ولاحقوا المسلحين الذين كانوا يتحدّثون عن نيتهم استنزاف من يقفون في وجههم. لكن الاستنزاف كان من نصيبهم. فبحسب ما ذكرت مصادر ميدانية، سقط عشرات المسلحين بين قتيل وجريح. أكثر من 10 جثث بقيت في أرض المعركة. وأكّدت ما ذكره المصادر الصور والفيديوات من أرض المعركة. كذلك أكّدت المصادر أن الجيش السوري اكتشف مستشفى ميدانياً قرب معبر مرطبية في جرود القلمون، فقصفه بعدما نقل المسلحون جرحاهم إليه، فتضاعف عدد الجرحى والقتلى.

أعلنت جهات معارضة أسرَمقاتل من حزب الله في القلمون من دون أن تنشر فيديو له

وعلى مقربة من الحدود اللبنانية، كان مقاتلو حزب الله قد تمكنوا ليل أول من أمس من السيطرة على موقع “أم خرج” الاستراتيجي في جرود عسال الورد، بعد اشتباكات عنيفة مع مسلحي “جبهة النصرة”. وأشارت المصادر الميدانية إلى أن الاشتباكات التي استمرت حتى ساعة متأخرة من ليل الثلاثاء ـــ الأربعاء، أدت إلى مقتل أكثر من 10 مسلحين من “النصرة”، وجرح العشرات، وتدمير آليات مزودة برشاشات متوسطة. وقالت مصادر مطلعة لـ”الأخبار” أن تلة “أم خرج” تعتبر استراتيجية بالنظر إلى موقعها المرتفع 2600 متر عن سطح البحر، وهي تطل على منطقة واسعة من جرود الجبّة، والخشع، وتلال أخرى في القلمون. وتجدر الإشارة إلى أن موقع “أم خرج” في جرود عسال الورد، كان قد ذُكِر في مقطع الفيديو الذي نشرته “جبهة النصرة”، وأنه المكان الذي انطلق منه مسلحوها للهجوم على موقع “عين ساعة” في جرود بريتال. واستمرت حالة رفع الجاهزية على طول جرود السلسلة الشرقية، للتصدي لأي عمليات هجومية قد يلجأ إليها مسلحو “داعش” و”النصرة”. وأعلن مسلحون معارضون أمس أسرهم مقاتلاً من حزب الله، يُدعى ع. ع. (24 عاماً). ونشروا صورة له تظهر يديه مقيدتين. وفيما أكدت مصادر ميدانية أن المقاوم كان قد أصيب بجروح وقطع الاتصال به، كان لافتاً أن من أعلنوا أسره لم يبثوا شريط فيديو له، واكتفوا بالصور الثابتة. ورفضت مصادر ميدانية تأكيد ما إذا كان المقاتل اللبناني قد بقي على قيد الحياة ليكون أول أسير حي من حزب الله في يد “جبهة النصرة” وأخواتها، أو ستتكرر تجربة الشهيد ذو الفقار عز الدين (من صور)، الذي قضى في ريف دمشق قبل عام، بعدما أسره مسلحو المعارضة وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة ونشروا صور فيديو تظهر آخر ما قاله قبل مفارقته الحياة؟

الضربات التي تلقاها حزب الله خلال الأيام الماضية كانت قاسية. لكن مقربين منه يرون أن “الثمن يبقى أقل بكثير مما كنا سندفعه وسيدفعه كل اللبنانيين فيما لو نجح التكفيريون في اختراق تحصيناتنا، والوصول إلى القرى والمدن اللبنانية، وفيما لو أن إرهابيي “داعش” و”النصرة” كانوا لا يزالون يسيطرون على كامل منطقة القلمون والقصير”. وبرأي المصادر، “حصد المسلحون نتائج تكتيكية لمصلحتهم، لكنهم لم يتمكنوا من دون أن يحصّلوا أي نتائج استراتيجية. فهم تمكنوا من إحداث خرق في موقع في جرود بريتال، وآخر في عسال الورد، لكنهم سرعان ما تلقوا ضربات أكثر إيلاماً، وانسحبوا من الموقعين”. وذكّرت مصادر ميدانية بما جرى قبل معركة السيطرة على مدينة القصير. فحينذاك، حقّق المسلحون أكثر من تقدّم، كان آخرها في مطار الضبعة الذي كان لا يزال بيد الجيش السوري، ثم سرعان ما تلقوا ضربات موجعة، أدّت إلى تسريع خسارتهم لاحقاً. وفي جرود القلمون حالياً، التقط المسلحون أنفاسهم، مستندين إلى شريان عرسال. وهم يريدون شنّ حرب استنزاف على المقاومة والجيش السوري. لكنهم سيواجَهون بقسوة، تماماً كما جرى أمس في جرود عسال الورد”. لكن المصادر لا تتوقع أن “يحفظ هؤلاء المقاتلون درس يوم أمس، بل إنهم سيكررون الهجمات على المواقع الحدودية خلال الأسابيع المقبلة. وسيستمرون بتكرار التجربة إلى أن يُطرَدوا من المنطقة بشكل تام إلى منطقة الزبداني، أو غيرها من المناطق داخل سوريا”. وهل بمقدور الجيش السوري وحزب الله شنّ معركة كبرى لدحر المسلحين عن الجرود؟ الإجابة ليست سهلة، على أبواب فصل الشتاء. بعض المصادر الميدانية تقول إن الشتاء سيكون كفيلاً بإضعافهم، وسيكونون منهكين في بداية الربيع المقبل، فيما تقول مصادر أخرى إن الحزب والجيش السوري سيحسبان كلفة معركة شاملة في المنطقة: “إذا كانت أقل من كلفة الاستنزاف، فسيخوضانها”.