على الرغم من رضوخ بلديات الشحار الغربي للضغوط من أجل قبول إعادة فتح مطمر الناعمة ــ عين درافيل، نجح الاعتصام التضامني مع حملة إقفال المطمر أمس في إعادة الزخم الى حركة الاحتجاج المحلية، ولا سيما أن مجموعات الحراك الشعبي أعلنت أنها أعدّت خطة بديلة تقضي بإعلان حالة طوارئ بيئية وتسلّح المتضررين من المطمر بحجج إضافية لإسقاط قرار مجلس الوزراء
تعقد مكونات الحراك الشعبي مؤتمراً صحافياً اليوم في مقر جمعية «المفكرة القانونية» للإعلان عن خطّة بديلة لإدارة النفايات. وبحسب المعلومات التي تم تداولها أمس في الاعتصام أمام مطمر الناعمة ــ عين درافيل، فإن الخطة البديلة يجري وضعها بالتعاون مع 5 خبراء بيئيين متطوعين بتكليف من المجموعات الناشطة، وتتضمن هذه الخطة خيارات بيئية مستدامة قوامها المعالجة دون الطمر وتحميل كل منطقة مسؤولية إدارة نفاياتها وإعلان حالة طوارئ بيئية في المرحلة الانتقالية ومحاسبة المسؤولين عن فساد إدارة النفايات في المرحلة السابقة.
ويلفت رئيس الحركة البيئية اللبنانية بول أبي راشد الى أن الخطة المقترحة يفترض أن تناقش بشكل علمي في مقابل خطة شهيب، وذلك لتجنيب منطقة الشحار الغربي كارثة حقيقية.
وكان العشرات قد شاركوا أمس في الاعتصام الداعم لحملة إقفال مطمر الناعمة، وكرروا رفضهم الضغوط على بلديات منطقة الشحار الغربي. وقد جرى الاعتصام في ظل إجراءات أمنية مشددة، وانتشار كثيف للعناصر الأمنية على مدخل المطمر. واتهم المعتصمون السلطة بأنها تعرض الإغراءات على البعض وتمارس التهويل ضد كل من يعارض خطة شهيب.
في هذا السياق، دعا رئيس مجلس الوزراء تمام سلام اللبنانيين الى «التجاوب مع الخطة وتسهيل تطبيقها»، معتبراً أن ذلك يساهم في «رفع فتيل متفجر تمثل بغضب الشارع». وحذر سلام من «أن الاستقرار الاقتصادي والمعيشي والاجتماعي لا يزال في خطر ويتطلب الكثير من العناية لمواجهته، وإلا انزلقت البلاد في اتجاه الانهيار نتيجة استفحال الصراع السياسي الداخلي».
يفترض أن
تناقش الخطة بشكل علمي في مقابل خطة شهيب
من جهته، استبق الوزير شهيب الخطة البديلة المقرر إعلانها اليوم، وتساءل في بيان أصدره السبت الماضي عمّا إذا كان «بعض المستفيدين من الواقع الضاغط من غير البيئيين يريد إبقاء ملف النفايات جاثماً على صدور اللبنانيين؟». وقال «إن الطرح الذي قدم باسم الحراك المدني تحت اسم حالة طوارئ بيئية يقضي باستخدام كل معامل الفرز في لبنان بطاقتها القصوى وتأهيل المقالع باستخدام العوادم، بالإضافة إلى استخدام المواد العضوية بعد معالجتها في مواقع المقالع»، وردّ على ذلك «إن تحسين نسبة الفرز لا يمكن أن يتم إلا باعتماد الفرز من المصدر، وهذا ما تبنته الخطة مع كل متطلباته» و»إن المشكلة الحالية في نفايات بيروت وجبل لبنان هي عدم توفر منشآت المعالجة الكافية وليس منشآت الفرز». واعتبر بيان شهيب «أن المقارنة الوحيدة بين الخطة التي وافق عليها مجلس الوزراء وحالة الطوارئ البيئية المقترحة هي أن حالة الطوارئ تقترح خلال المرحلة الانتقالية استبدال الطمر الصحي بمعالجة أولية في الهواء الطلق للمواد العضوية والتخلص منها بعد فترة طويلة في استصلاح المقالع وذلك في مواقع محددة في جميع أقضية جبل لبنان». وردّ على ذلك بالقول «إننا نعتقد أن الطمر الصحي، خلال المرحلة الانتقالية، هو الحل الأنسب». وأشار شهيب الى أن «أحد المآخذ على الخطة هو أنها اقترحت تمديد عقد الكنس والجمع والنقل مع شركة سوكلين»، وبرر ذلك «إن هذا الاقتراح جاء لضرورة تسيير المرفق العام ولاستحالة تلزيم هذه الخدمات بشكل فوري إلى مشغل جديد وأن التلزيم يتطلب ثلاثة أشهر على الأقل. وفي جميع الأحوال، لا نتمسك بهذا الاقتراح وندعو البلديات إلى البدء بتلزيم خدمات الكنس والجمع والنقل أو القيام بها مباشرة تمهيداً لإنهاء خدمات سوكلين تدريجياً».
نتائج الضغوط على بلديات منطقة الشحار الغربي ظهرت أمس في لقاء عُقد في ساحة كنيسة عين درافيل ــ عبيه، دعماً لخطة شهيب، بدعوة من اتحاد بلديات الغرب الأعلى والشحار والبلديات المحيطة لمطمر الناعمة وبلديات الساحل، وبالتنسيق مع الحزب التقدمي الاشتراكي والحزب الديموقراطي اللبناني وحركة «أمل». وأعلن المشاركون في اللقاء (في غياب عدد من البلديات المعنية مباشرة) وقوفهم الى جانب تنفيذ المرحلة الانتقالية من الخطة، التي تقضي بإعادة فتح المطمر لمدة سبعة أيام.
وقد علّق مختار بعورته خالد غرز الدين، الذي شارك في الاعتصام، أمس، أن رؤساء البلديات والمخاتير المشاركين في اللقاء المذكور هم «مسيّرون لا مخيّرون» بسبب ولائهم الحزبي «الأعمى»، وقال إن اللقاء «لم يستطع أن يحشد مئة شخص، في حين أن الكلمة النهائية هي للأهالي وللحراك المدني الذي احتشد مساءً»، رافضاً منطق الصفقات في سبيل إعادة فتح المطمر.
وكانت مجموعات الحراك الشعبي قد اتهمت السلطة السياسية بأنها تسوّق لخطة شهيب على أنها «خطة حتمية لا بديل منها لتفادي الكارثة البيئية الناجمة عن أزمة النفايات، وأن الحراك هو الذي يعطل قيامها من خلال رفض فتح مطمر الناعمة. وطبعاً هدفها من ذلك هو الالتفاف على الحراك، وصولاً الى معاودة استغلال النفايات من أجل الفساد تحت مظلات جديدة». وقال بيان صادر عن مجموعات الحراك «إن الحكومة لا تزال عاجزة عن لمّ النفايات المتراكمة هنا وهنالك ومعالجتها. وتؤشر سياستها الحالية الى نية في تضخيم المشكلة، لتبرير ما تريده من تدابير مشبوهة وللاستمرار في سياسة المطامر. وما يؤكد هذا التوجه يقيناً هو أن الحكومة لا تزال تغلق جميع معامل الفرز من دون أي تبرير، ما يؤدي الى زيادة حجم النفايات المتراكمة من دون معالجة. ولو كان لديها أي اهتمام بالصالح العام، لكانت اعتمدت أساليب فرز خاصة لمعالجة النفايات المتراكمة من دون تأخير، ولكانت سارعت الى إعادة فتح الكورال وتشغيل جميع المعامل بكامل طاقاتها، على نحو يخفض من كمية النفايات المتراكمة». ولفت البيان الى أن «اللجنة (الخبراء) أقرّت بغلبة الفساد لعقدين، إلا أنها عادت لتطلب الوثوق بشركاء الفساد أنفسهم في المرحلة القادمة، وفي مقدمهم مجلس الإنماء والإعمار المكلف التعاقد مجدداً مع شركة سوكلين وأخواتها، مشيراً الى «أن الحكومة لم تقم بأي خطوة إيجابية في اتجاه الفرز من المصدر، ولا في اتجاه تحرير أموال البلديات في الصندوق البلدي المستقل».
الى ذلك، تتواصل الاحتجاجات ضد إقامة مطمر في سرارــ عكار,حيث قام مجهولون بحرق جرافة كانت تعمل على شق الطريق الجديد المؤدي الى مطمر سرار, وفي المصنع في البقاع واستعمال معمل نفايات صيدا، وعقدت حملة «طمرتونا بفضلكم»، مؤتمراً صحافياً في مبرة مشحة عكار، أعلنت فيها عن «لائحة شرف» تضم أسماء الذين رفضوا نقل النفايات الى عكار، بمشاركة حملة إقفال مطمر الناعمة وحضور عدد من رؤساء البلديات ومخاتير وهيئات من المجتمع المدني وفاعليات.
ونفّذ ناشطون اعتصاماً أمس على طريق مجدل عنجر، احتجاجاً على إقامة مطمر للنفايات على السلسلة الشرقية عند الحدود اللبنانية ــ السورية. في حين أعاد رئيس بلدية صيدا السابق عبد الرحمن البزري تأكيد رفضه دخول نفايات جديدة الى صيدا قبل تحقيق مطالب المدينة المشروعة والمتمثلة بـ»تأمين مطمر صحي للعوادم ولبقايا المعالجة، وضرورة مراقبة دخول وخروج النفايات من المدينة وإليها، والتأكد الدائم من قيام مركز المعالجة بتطبيق الشروط والمواصفات البيئية بإشراف من قبل البلدية ووزارة البيئة».