يترك تبديل البطريرك بشارة الراعي موقفه من قبول التمديد إلى رفضه آثاراً سلبية لدى الرئيس سعد الحريري، فضلاً عن أن كلامه من أستراليا وهجومه على النوّاب يضعان نواب 14 آذار على ضفة مقابلة لبكركي، بعد سنوات من «السمن والعسل»
حسم التيار الوطني الحرّ أمره في اتجاه الطعن في التمديد للمجلس النيابي أمام المجلس الدستوري، بعد توقيع عشرة نوّاب من «تكتّل التغيير والإصلاح» على الطعن خلال جلسة التكتّل الدورية بعد ظهر أمس. من جهتها، ردّت كتلة نوّاب المستقبل، بعد اجتماعها الدوري، معتبرةً أن «التمديد أهون الشرور، بالمقارنة مع ما كان متاحاً من خيارات».
ومن تداعيات التمديد أيضاً الأجواء السلبية التي تسود فريق 14 آذار حيال تصريحات البطريرك بشارة الراعي الأخيرة خلال زيارته أستراليا، وانتقاداته اللاذعة للنواب الذين صوّتوا إلى جانب القانون، المسيحيين منهم خصوصاً، فيما أكدت مصادر مقربة من قيادة تيار المستقبل لـ«الأخبار» أن الرئيس سعد الحريري «ليس في وارد نسيان التقلّبات في مواقف الراعي من ملف التمديد، ومعارضته له بعد أن وافق عليه خلال العشاء الذي جمعه مع الحريري في روما». وعلّق أحد نواب المستقبل على كلام الراعي بالقول: «الراعي معصّب حالياً، ولن نردّ على تصريحاته، وحين يهدأ سنزوره ونتفاهم معه».
بري يتحدث عن «إشارات إيجابية» حيال الرئاسة وحزب الله مع الحوار المفتوح من دون شروط مسبقة
بدورها، عبّرت مصادر نيابية في كتلة القوات اللبنانية عن استيائها من تصريحات الراعي الذي اتهم النواب بالولاء لدول خارجية، وقالت لـ«الأخبار»: «حرام أن يصدر كلام كهذا عن البطريرك». وردّت على دعوة الراعي «المجتمع المدني إلى الإمساك بزمام المبادرة وإفراز قادة سياسيين جدد» بالقول: «ليست المرة الأولى التي يتحمس فيها الراعي ويدعو إلى جملة تغييرات. ولكن هذه المرة عليه أن يحدد ما الذي يقصده بالمجتمع المدني. كذلك فإن المطالبة بأن يتسلم هذا المجتمع السلطة تعني القبول بجملة مطالب مثل الزواج المدني وحقوق المرأة وغيرهما، فهل هو مستعد لذلك؟». وعن قول الراعي إنه سيحاور قادة الدول الإقليمية والخارجية وليس السياسيين اللبنانيين لحل مشكلة الرئاسة، علقت المصادر: «فليتكلم مع الدول، هيك بيوفر علينا». واستناداً إلى القوات، لا يبدو أن ملامح حل سياسي تلوح في الأفق. فرغم أن «البطريرك طلب من البابا بينيدكتوس التدخل لتسهيل انتخاب رئيس للجمهورية، إلا أن الأمر صعب جداً، ولا يبدو الفاتيكان متحمساً». وتؤكد مصادر القوات «إننا في الجلسات الثنائية مع الراعي كنا نسمع كلاماً مطابقاً لرؤيتنا السياسية، ولذلك لسنا في وارد مقاطعة بكركي».
من جهته، تحفّظ رئيس مجلس النواب نبيه بري أمام زواره أمس على التعليق على مواقف الراعي، وتحديداً وصفه التمديد بالخيانة، وقال: «مقام البطريركية المارونية كبير عندي، إلى حد أنني لم أقرأ هذه المواقف». وكرر رئيس المجلس دفاعه عن التمديد قائلاً: «لعله التمديد الوحيد في العالم الذي له مبرراته الضرورية. ولو لم أكن مطلعاً على أخطار الفراغ وعدم إمكان إجراء الانتخابات لما مشيت فيه». وردّ على المشككين في شرعية المجلس بالقول: «إنهم كأولئك الجالسين على غصن شجرة ويقطعونه في الوقت نفسه». وتحدث عن «إشارات إيجابية» حيال انتخابات رئاسة الجمهورية، متكتّماً على الخوض فيها بقوله: «إذا أفصحت عنها لا تعود إيجابية. طبعاً هناك إشارات ومشاورات وتحركات ستصبّ في انتخاب رئيس الجمهورية، علماً بأن المجلس يدعى إلى جلسات انتخاب، وهناك جلسة في 19 تشرين الثاني».
وسئل كيف تكون الإشارات إيجابية بعد تمديد ولاية مجلس النواب وإصرار النائب ميشال عون على عدم الخوض في أي اسم آخر للرئاسة؟ فأجاب: «الإشارات الإيجابية لا تتوقف عليّ أو على العماد عون فقط، بل تعني الآخرين أيضاً». وعن المرحلة التالية لتمديد ولاية المجلس، قال: «ستكون هناك جلسات تشريع للمجلس، لكن استناداً إلى ما قلناه سابقاً وإلى حين انتخاب رئيس، ستكون جلسات تشريع الضرورة تبعاً للمواضيع الأكثر إلحاحاً، التي لا تحتمل التأجيل، كقانون الإيجارات ومشروع سلسلة الرتب والرواتب وعدد من الاتفاقات الدولية الملزمة للبنان».
وفي السياق، ناشد النائب إبراهيم كنعان خلال تلاوته بيان «تكتل التغيير والإصلاح» المجلس الدستوري أن «يقوم بواجباته غير آبه بالضغوط التي تمارس عليه»، فيما رأى النائب أحمد فتفت أن «المجلس الدستوري سيأخذ القرار المناسب، وسنلتزم بأي قرار يتخذه، وتوقعاتي أن يرفض الطعن، لأن هناك فعلاً أسباباً موجبة تبرر التمديد».
في سياق آخر، لمّح نائب الأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم، خلال لقاء تضامني مع المسجد الأقصى، إلى الحوار مع تيار المستقبل، مشيراً إلى أن حزب الله «مع الحوار المفتوح من دون شروط مسبقة، ومع طرح كل الموضوعات على بساط البحث».