Site icon IMLebanon

قانون الانتخاب: عودة الى «التأهيلي»

قانون الانتخاب: عودة الى «التأهيلي»

تشنّج سياسي وخشية من الفراغ وتثبيت رفض الجميع للمختلط

قانون «المختلط» الذي طرحه وزير الخارجية جبران باسيل بات في حكم الميت سريرياً. والبحث بدأ فعلياً في القانون الذي سيخلفه مع عودة الحديث في التأهيل بالاكثري على مستوى القضاء، ثم الانتقال الى النسبية على مستوى الدائرة الاوسع، فيما شدد الرئيس ميشال عون على ضرورة «إقرار قانون جديد يعطي كل فريق حجمه»

السقوط المتتالي لاقتراحات القوانين الانتخابية، من الستين الى المختلط، أعاد الى الواجهة السؤال حول إمكان تعثر التوافق على قانون جديد قريباً، ما يجعل البلاد أمام سؤال حول ما يُعدّ للناس بين خياري التمديد أو الفراغ، علماً بأن رئيس الجمهورية ميشال عون جدّد أمس «ضرورة إجراء الانتخابات في موعدها وإقرار قانون جديد يعطي كل فريق حجمه». ولفت الى أن «87 في المئة من اللبنانيين يريدون إجراء الانتخابات على أساس قانون جديد، ولا يمكنني أن أتجاهل هذه التوجهات».

وبناءً على هذه المناخات، عقد مساء أمس في وزارة الخارجية اجتماع اللجنة الرباعية بين ممثلين عن التيار الوطني الحر وتيار المستقبل وحزب الله وحركة أمل، في حضور خبراء، وأبقي على الباب مفتوحاً أمام فرصة تتخذ التأهيل قاعدة للإبقاء على المختلط، شرط تحقيق عناصر التوازن في القانون والمساواة في الرفض بين جميع المرشحين والمساواة في التصويت أمام جميع الناخبين.

لكن المشكلة في هذا المشروع، كما في غيره، تتعلق بسعي اللاعبين الكبار الى مراعاة بعض الخصوصيات، وأبرزها عدم تعريض النائب وليد جنبلاط لنكسة تخرجه من المشهد، ومنع استمرار رهن مقاعد مسيحية بيد التصويت الاسلامي، كما هي الحال مع الستين.

وسبق اجتماع أمس ارتفاع سقف الاعتراضات على المشروع المختلط كما سوّق له وزير الخارجية جبران باسيل، الى حدّ إبلاغ حزب الله وحركة أمل وتيار المستقبل رفضهم القاطع للصيغة المتداولة، ما خلق توتراً كان يخشى معه من إطاحة الاجتماع. لكنّ مشاركين في لقاء الخارجية نقلوا أن الأجواء كانت هادئة، وسمحت بحوارات مفصلة وواسعة، والاتفاق على مواصلة الحوار، حتى في ظل غياب باسيل الذي يسافر اليوم الى جنوب أفريقيا لمدة أسبوع. وسيتابع النائب ألان عون التواصل بحثاً عن مخرج للمأزق.

مشاركون قالوا إن البحث تناول أمس المشروع المختلط لكن بصيغة جديدة، أبرزها التأهيل بالأكثري على مستوى القضاء، ثم الانتقال الى النسبية على مستوى الدائرة الأوسع. وأكد أحد المشاركين لـ»الأخبار» أن المسألة صعبة وليست سهلة. وما جرى أمس هو أشبه بـ«عصْف أفكار». وأضاف: «كنتُ متخوّفاً قبل الاجتماع من أن يكون متشنّجاً، لكن الجوّ كان هادئاً. أعيد الاعتبار إلى البحث في الاقتراح التأهيلي. حركة أمل وحزب الله طالبا بأن تكون شروط التأهيل مخففة، لا أن تكون محصورة بمن يحصلان على المركزين الاول والثاني عن كل مقعد في القضاء، بل جعل معيار التأهيل حصول المرشح على نسبة 10 في المئة من الأصوات مثلاً، لأن هذا الأمر يتيح لمرشحين مستقلين أو منتمين إلى أحزاب غير طائفية الانتقال إلى مرحلة النسبية في الدوائر الكبرى. والنقاش في هذا الأمر سيستمر، فيما مشروع النسبية في 13 دائرة لا يزال مطروحاً على الطاولة، رغم اعتراض المستقبل والاشتراكي عليه». وفيما تحفّظ المشاركون على «الأفكار الجديدة»، لأن أي اقتراح يخرج إلى الإعلام يجري إسقاطه، أجاب أحد المشاركين عن سؤال ما إذا كان ما جرى أمس يوصل إلى معادلة «النسبية أو الفراغ» بأن «هذا السؤال ينبغي أن يُطرح على رئيس الجمهورية، لأنه وحده يملك مفاتيح الفراغ».

مع ذلك نعت مصادر تيار «المستقبل» القانون المختلط، معتبرة أنه «يجري تشطيبه». وأعربت عن قلقها من أن «كفّة الفراغ هي الراجحة حتى الآن». ورفضت «مساواة الفراغ الحكومي أو الرئاسي بالفراغ البرلماني، في ظل ما يحكى عن أن لا خوف في ظل وجود رئيس للجهورية والحكومة، وأن باستطاعتهما وحدهما الحكم». وأكدت كتلة «المستقبل»، في اجتماعها في بيت الوسط، تمسّكها بصيغة قانون الانتخاب المختلط بين النظامين الأكثري والنسبي، مشددة على المشروع الذي توافقت عليه مع اللقاء الديمقراطي والقوات اللبنانية. ورأت أنّ «تطبيق النظام النسبي الكامل في المرحلة الراهنة، في ظل وجود وانتشار وطغيان السلاح غير الشرعي، مسألة ستساهم في الإخلال بكل الموازين والقواعد والأسس التي قام عليها لبنان».

من جهتها، رأت مصادر قواتية أن «ما يحصل هو محاولة لتحدّي الرئيس عون دستورياً»، معتبرة أن «الأطراف ليست جادة في بحثها عن قانون انتخابات».

وكان لافتاً تصريح النائب وائل أبو فاعور بعد لقاء الرئيس نجيب ميقاتي، عن أن «أي تطوير للنظام السياسي يتم عبر الطائف، وليتذكر الجميع أن اتفاق الطائف ملزم لجميع اللبنانيين ولا يستطيع أحد أن يخرج عليه في أي موقع دستوري أو سياسي أو شعبي كان. تريدون قانوناً جديداً للانتخاب؟ فلنذهب الى آلية الطائف، واتفاق الطائف نصّ على آلية تطوير واضحة ومسار واضح، لا سيما لجهة إلغاء الطائفية السياسية وتشكيل مجلس الشيوخ وإعادة النظر في التقسيمات الإدارية وإنشاء محافظات جديدة».

وكان الوفد الجنبلاطي قد التقى مساء أمس رئيس الحكومة سعد الحريري وأبلغه «رفضه الجذري والقاطع للصيغ الانتخابية المطروحة التي تناقش لقانون الانتخاب، ورفض النسبية بالمطلق». وكعادته، تناول النائب جنبلاط الموضوع بسخرية، معلّقاً «ريدوني ما من منريدك شب منيح الله يزيدك».

بدوره، أكد رئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميّل، أمام وفد الرابطة المارونية، أن «اقتراح قانون الانتخاب الذي يعتمد مبدأ one man one vote، هو واضح ويحافظ على القضاء ويحافظ على التمثيل الصالح». وأوضح أنه «لا يزال أمامنا أسبوعان قبل دعوة الهيئات الناخبة، وبعد أسبوعين لدينا إقرار بقانون الستين أو التأجيل أو الفراغ، وإما التوصل الى قانون انتخابي جديد». وتمنى على الرئيس عون أن «يأخذ زمام المبادرة ويعود الجميع الى تحمّل مسؤولياتهم»، لافتاً الى «أننا اذا أردنا الانتخاب على أساس قانون الستين، فإننا سنمدّد لحالة شلل ولطبقة برهنت على الفشل».