دُفِن مشروع المختلط القائم على المناصفة بين الأكثري والنسبي، وأبصر مشروع جديد النور، يقوم على جعل لبنان دائرة واحدة وفق النظام النسبي لانتخاب 53 نائباً. أما النواب الباقون (75 نائباً)، فيُنتخبون وفق النظام الأكثري في دوائر قانون «الستين». غداً ستظهر نتيجة المشاورات بشأنه
لا تزال غالبية القوى السياسية النافذة في البلاد، تتجاهل حاجة البلاد إلى تغيير حقيقي. وتتصرف هذه القوى على أن أي تغيير، ولو جزئياً، يجب أن يكون عبرها ووفق رؤيتها. وهذه السياسات هي التي تتحكم بالنقاش حول قانون الانتخاب.
وفي كل مرة تصطدم القوى بعضها بالبعض الآخر، جراء أفكار ومقترحات لا تتناسب ومصالحها، تعود إلى نفس المربع، وتعاود البحث في مقترحات تصبّ أولاً وأخيراً في خدمتها مباشرة، وسط تجاهل تام لحاجات الناس في خرق ضروري من شأنه فتح الباب أمام الحد من تسلط القوى الطائفية على مقدرات البلاد. وبالتالي، فإن نقطة التوافق الفعلية بين الجميع، غصباً أو طوعاً، هي رفض العمل بنظام الاقتراع النسبي. وهذا النظام هو الذي كرّر رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أمس القول إنه يتيح أفضل تمثيل.
وعلى هذا المنوال، ليس صحيحاً القول بأن فكرة القانون الانتخابي المختلط قد سقطت بعد. وجديد اللجنة الرباعية قانونٌ مختلط معدّل. وتكشف المداولات الأخيرة، عن صيغة تقضي بانتخاب ٧٥ مقعداً وفق النظام الأكثري على مستوى الأقضية، على أن تُنتخب المقاعد الـ ٥٣ الباقية على أساس النسبية مع اعتماد لبنان دائرة واحدة.
أبو فاعور: القانون بالتوافق، لكن إذا أحبّ أحدٌ أن يذهب بعيداً فسنذهب أبعد
وبحسب المصادر، فإنّ الاقتراح، الذي لا يزال مجرد فكرة، يقضي بأن كل دائرة يبلغ عدد مقاعدها اثنين أو ثلاثة، تُنتخب وفق النظام الأكثري، بصرف النظر عن مذاهب نوابها. وتشمل هذه الدوائر أقضية بشري وزغرتا والكورة والبترون والمنية ــ الضنية وجبيل وجزين وصيدا والزهراني والنبطية وبنت جبيل. أما في الدوائر التي تتجاوز مقاعدها الثلاثة، فيُنتخب ثلاثة مقاعد منها وفق النظام الأكثري، فيما يُعتمد النظام النسبي في اختيار المقاعد الباقية. مثلاً، في كل من بعلبك الهرمل وبيروت الثالثة، يُنتخب 3 نواب وفق الأكثري، و7 نواب وفق النسبي في دائرة لبنان الواحدة.
وبينما ساد انطباع بأن الفكرة ليس لها صاحب، أشاعت مصادر في اللجنة الرباعية أن حزب الله هو من طرحها. لكن مصادر قريبة من الحزب أكدت أنه «لم يطرح شيئاً بشكل رسمي باستثناء خيار النسبية». وكشفت المصادر أنّ الحزب يتعامل بإيجابية مع بعض المقترحات، غير متجاهل الهواجس السياسية عند قوى رئيسية في البلاد.
وتقول مصادر اللجنة إن المشكلة تكمن في استمرار التضارب بين مصالح وهواجس النائب وليد جنبلاط والرئيس الحريري من جهة، وبين مصالح وهواجس التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية من جهة أخرى. ورأت المصادر أنّ «هناك فكرة تُعمّم للنفور من القانون المختلط، لكن الحقيقة أنّه ليس كل قانون مختلط هو سيئاً». مضيفة: «البحث اليوم يتركّز على الوصول إلى قانون انتخاب مختلط جيّد».
وصف الـ«جيّد» حمّال أوجه. إذ تشير المصادر إلى أنّ المقترحات التي تُدرس من قبل الأطراف السياسية، تأخذ في الاعتبار نتائج الانتخابات وتأثيرها في أحجامها. فالتيار والقوات معنيان بحصد كل المقاعد المسيحية إن أمكن، فيما يخشى الرئيس الحريري من خسارة مقاعد لحساب معارضين له كاللواء أشرف ريفي الذي يؤرقه أكثر من معارضيه التقليديين المنتمين إلى قوى 8 آذار. بدوره، يتخوّف الحزب الاشتراكي من سقوط زعامة جبل لبنان الجنوبي. أما حزب الله وحركة أمل، فيتركز اهتمامهما على مصير تحالف ٨ آذار (من دون التيار الحر).
غير أن المستجد في المداولات الأخيرة، إعراب الحريري لأول مرة عن استعداده للموافقة على قانون قد يؤدي إلى خسارته لبعض المقاعد في كتلته، شرط أن تنحصر الخسارة في المقاعد غير السنية. بينما لا يريد جنبلاط تقليص كتلته درزياً، وأن يبقى قادراً على ضم مقاعد مسيحية وسنية.
أما على الصعيد المسيحي، فإن «القوات اللبنانية» لا تزال تدعم القانون المختلط، الذي يؤمن اقتراعاً أكثرياً على غالبية ساحقة من المقاعد المسيحية. بينما لم يبت التيار الوطني الحر بعد بوجهته النهائية، بعد العثرات التي أصابت آخر مشروع عرضه الوزير جبران باسيل. مع الإشارة هنا، إلى أن سفر باسيل لمدة أسبوع، سيعقّد إمكانية التواصل إلى تفاهم قريب. علماً أن الأمر قد يطول مع برنامج سفر مقرر لرئيس الجمهورية منتصف هذا الشهر. وقالت مصادر اللجنة الرباعية لـ«الأخبار» إن المختلط الجديد (75 أكثري و53 نسبي) قيد التداول حالياً بين القوى السياسية. وفي حال حظي بحد أدنى من التوافق قبل يوم غد الجمعة، فإن اللجنة ستعقد اجتماعاً لها لوضع اللمسات الأخيرة عليه، قبل الانتقال إلى البحث مع النائب وليد جنبلاط لمحاولة إقناعه بالمشروع. أما إذا لم يحظ بالتوافق اللازم، فإن اللجنة ستدفنه، وتبدأ البحث عن فكرة جديدة.
على صعيد ردود الفعل، قال الوزير السابق وائل بو فاعور لـ «الأخبار»: «الكل يُجمع على أن القانون سيُقرّ بالتوافق، ومن بين هؤلاء رئيس الجمهورية، لكن إذا أحبّ أحدٌ ما أن يذهب بعيداً فسنذهب أبعد». وأضاف: «حتى الآن، فإن المشاريع المنسوبة إلى «القوات» والتيار، لا تأخذ في الاعتبار خصوصيتنا. ثمة مشترك بيننا، هو المصالحة التي نحرص عليها سواء تبدّى حرص مقابل أو لم يتبدّ».
من جهة أخرى، أوضح مصدر مسؤول في حزب الكتائب أن زيارة وفد من الحزب لمعراب تأتي مع غيرها من الزيارات المماثلة المقبلة للقيادات الحزبية، استكمالاً للجولات التي بدأها وسيستكملها النائب سامي الجميّل مع المرجعيات الرسمية والسياسية. وفي المعلومات أن على جدول زيارات الوفد الكتائبي لقاء اليوم مع تيار المستقبل وزيارة لبنشعي للقاء النائب سليمان فرنجية السبت المقبل. أما لقاء الوفد الكتائبي مع رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل، فقد جرى التوافق بين الجانبين على أن يكون بعد عودة باسيل من زيارته الخارجية. وشدد المصدر الكتائبي على أن الوفد يحمل إلى القيادات التي يزورها موقف الحزب الرافض لقانون الستين ولأية صيغة يمكن أن تنال من صحة التمثيل وشموليته ومن التعددية والتنوع.
وأكد المصدر أن «الكتائب لن يكون في وارد القبول بأي قانون لا يضمن تمثيل الإصلاحيين من أحزاب وشخصيات مستقلة ولا يؤمن تمثيل المرأة والمجتمع المدني».
(الأخبار)