التيار يؤكد تقدم البحث في قانون باسيل… و8 آذار تنفي
بعد انقضاء مهلة دعوة الهيئات الناخبة، بدأ شبح الفراغ يخيّم على المجلس النيابي، قبل 3 أشهر من نهاية ولايته. ولا يُبعِد هذا «الشبح» سوى التوصل إلى اتفاق على قانون جديد للانتخابات، في غضون أيام
دقّ الرئيس نبيه بري جرس الإنذار من وقوع الفراغ على مستوى البلاد كلها، ولاقاه الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله محذراً من خطورة انقضاء المهل الانتخابية، بإعلانه أنه يرفض ترك الامور على حالها من دون اتفاق واضح. ونقل زوار رئيس المجلس عنه أنه لا يريد التمديد للمجلس النيابي، وأن هناك إمكانية واضحة للاتفاق على قانون جديد خلال أيام قليلة، منبّهاً من ترك الامور من دون تفاهمات وطنية واضحة. وبرأي بري، إن عدم التوصل إلى قانون انتخابي، في غضون أيام، سيُدخِل البلاد في فراغ يؤدي عملياً إلى تعطيل الدولة برمّتها. وقالت مصادر رئيس المجلس «إن نظامنا برلماني، وواضعي دستورنا، منذ عام 1926 حتى اليوم، لم يخطر في بالهم أن المجلس النيابي يمكن أن يشهد فراغاً، بخلاف رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء اللذين نصّ الدستور على آليات لإدارة الفراغ في كل منهما. أما المجلس النيابي، فلا آليات لإدارة الفراغ فيه، لأن الفراغ فيه يعني إسقاط كل الدولة».
ويبدو أن الجميع يرمي الكرة الآن في ملعب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، الذي يدرس مع فريق عمله إمكانية أن يعلن سلسلة مواقف تحسم الجدل حول موقفه من الفراغ أو من التمديد التقني للمجلس النيابي، في سياق شرح موقفه الرافض توقيع مراسيم دعوة الهيئات الناخبة. وسيشدد في الوقت نفسه على أنه لن يقبل إجراء الانتخابات وفق قانون الستين، ولن يقبل التمديد للمجلس النيابي.
وعلى صعيد الاتصالات، عقدت أمس سلسلة اجتماعات، كان آخرها بين مسؤولين من حركة أمل وحزب الله، بقصد مراجعة النقاش الذي حصل بينهما وبين الوزير جبران باسيل وتيار المستقبل، خصوصاً أن فريق الحزب الاستشاري كان قد أعدّ مجموعة ملاحظات على مشروع باسيل، أبرزها إلغاء الصوت التفضيلي المحصور بالقضاء، وترك المجال مفتوحاً أمام المواطن ليعطي صوتاً تفضيلياً لأي مرشح في دائرته. كذلك تتضمّن الملاحظات نظرة أخرى إلى تقسيم الدوائر.
مصادر بارزة في التيار الوطني الحر أكدت لـ«الأخبار» ليل أمس «أن البحث ضاق، وللمرة الأولى نقترب من التوافق، وكل الأطراف تنسّق في ما بينها». وأوضحت أن البحث «يستند الى الاقتراح الأخير الذي اقترحه وزير الخارجية جبران باسيل. وقد تقدمنا في البحث كثيراً، وباقي بعض الملاحظات والتفاصيل البسيطة التي يمكن معالجتها وتخطّيها». وقالت إن البحث سيتواصل خلال سفر باسيل (اليوم) والرئيس سعد الحريري (غداً)، على أن يعود الزخم الى النقاش في القانون الانتخابي مع عودتهما نهاية الأسبوع.
ولفتت المصادر الى أن «ملاحظات الرئيس نبيه بري على القانون بسيطة، فيما موقف حزب الله إيجابي. ولو كان موقف الحزب سلبياً أصلاً لكان توقف البحث في القانون كما حدث بعد رفض اقتراح قانون المختلط» الذي قدّمه باسيل سابقاً. وأكدت «أننا والرئيس بري متفقون على معادلة: لا عودة الى الستين ولا تمديد ولا فراغ، وبالتالي على ضرورة التوصل الى قانون جديد لإجراء الانتخابات».
في المقابل، أكدت مصادر في فريق 8 آذار أن بري رافض تماماً لمشروع باسيل، وأن «ملاحظات حركة أمل على الاقتراح تنسفه من أساسه». ولفتت المصادر إلى وجود توافق بين حزب الله وأمل حيال هذا المشروع، جازمة بأن تيار المستقبل يقترب أكثر من أي وقت مضى من إعلان تبنّيه لمشروع النسبية في لبنان دائرة واحدة.
إجرائياً، سقطت المهلة الأخيرة لدعوة الهيئات الناخبة، بعدم صدور المرسوم. وزير الداخلية نهاد المشنوق وقّع مشروع المرسوم، وأحاله على رئيس الحكومة الذي رفعه بدوره إلى رئيس الجمهورية. إلا أنّ الأخير لا يزال مُتمسّكاً بموقفه، بعدم إجراء الانتخابات وفق القانون النافذ، المعروف بقانون الستين.
وكان السيد نصرالله قد أكّد أنّ العمل خلال الأيام المتبقية «يجب أن يكون ليلاً ونهاراً لوضع هذا القانون والاتفاق عليه. هذا من أوجب الواجبات الوطنية، بل هو أوجب من الموازنة ومن السلسلة ومن تمويل السلسلة، مع أهمية هذه الملفات. (…) قانون الانتخاب هو مصير البلد، ومصير النظام السياسي، ومصير الدولة، ولم يعد الوقت يتحمل».
وفي كلمته يوم السبت، لمناسبة ولادة السيدة الزهراء، قال نصرالله إنّ «الوقت انتهى. اللعب على حافة الهاوية بات مغامرة كبيرة، ليس لقوة سياسية معينة، بل لكل القوى السياسية، وخطير على البلد». ورغم أنّ حزب الله يؤمن بأنّ «القانون الذي يحقق عدالة تمثيل في لبنان للجميع وأوسع تمثيل للجميع، هو القانون الذي يعتمد على النسبية الكاملة»، لكن إذا ضاق الوقت «ولا يوجد حل آخر، سندخل من باب المعالجة. يعني الاتفاق على قانون انتخاب جديد لعدم العودة إلى الستين، ولعدم الذهاب إلى التمديد، ولعدم الذهاب إلى الفراغ. عندما نتحدث عن المعالجة يعني بطبيعة الحال يجب أن نتكلم عن تسوية».
موقف حزب الله تلاقى مع كلام برّي، الذي رأى أنّ النقاش في البلد حول سلسلة الرتب والرواتب والضرائب ما هو في الحقيقة إلا «حملة منظمة على مجلس النواب، والهدف تطيير قانون الانتخاب والانتخابات». وأكد إعادة الأمور إلى نصابها، وأنّ «العمل سيكون من الآن فصاعداً على أولوية قانون الانتخابات».
ويُضاف إليهما «الحليف» باسيل، الذي قال بعد اجتماع تكتل التغيير والاصلاح السبت إنّ «قانون الانتخاب هو السدّ الأساسي الذي يجب رفعه للمباشرة بالإصلاح. فهو الذي يعطي اللبنانيين تمثيلهم الفعلي ويعطينا القدرة على التغيير».