أوقفت قطر وساطتها في ملفّ العسكريين المختطفين، والتي لم تكن متحمّسة لها أصلاً. واللافت، أن زيارة الموفد القطري السوري أحمد الخطيب الأخيرة إلى بيروت، لم تكن كرمى لعيون العسكريين، بل لاستلام ابنة شقيق أمين السر الخاص في الديوان الأميري القطري أبو خليفة العطية، من أجهزة الأمن السورية، عبر وساطة اللواء عباس إبراهيم!
أنهت قطر، رسمياً أمس، وساطتها غير الفاعلة في ملف الأسرى العسكريين. وهي وساطة، بحسب ما قال أحد الوزراء لـ «الأخبار»، «لم تتفعّل يوماً إلا إعلامياً عقب كل اتصال من رئيس الحكومة» تمام سلام بأمير قطر تميم بن حمد آل خليفة. وأضاف أن الموفد القطري، السوري أحمد الخطيب، «كان على ما يبدو ينفّذ أجندة قطرية وقد أنهاها»، معتبراً أنه «لم يعد أمامنا الا التفاوض المباشر».
وقد علمت «الأخبار» أن الخطيب الذي لم يقدّم أو يؤخّر في شيء طوال مدّة توليه الوساطة في ملفّ العسكريين، حضر إلى لبنان قبل أيام في مهمة خاصة بالمصالح القطرية، وهي تسلم ابنة شقيق أبو خليفة العطية أمين السر الخاص في الديوان الأميري القطري، التي توسّط اللواء عباس إبراهيم لدى الأجهزة الأمنية السورية لإحضارها إلى لبنان. وذكرت المعلومات أن المواطنة القطرية كانت تعيش في سوريا مع والدتها، وأن والدها يتهم الوالدة بخطفها، فتوسط القطريون عبر إبراهيم، وعملت الأجهزة السورية على إرسالها إلى لبنان مع أخوالها، وتم تسليمها للموفد القطري. وفي حين أكّد مسؤول أمني أن «الموفد حاول التوجّه إلى جرود عرسال للقاء خاطفي العسكريين وكان جوابهم سلبياً بعدم استقباله»، أشار مصدر وزاري إلى أنه «لم يسع للذهاب إلى الجرود، ومهمته كانت محددة بتسلّم المواطنة القطرية».
يذكر أن الأجهزة الأمنية اللبنانية كانت قد ألقت القبض قبل أشهر على أبو عزيز العطية، وهو شقيق أبو خليفة، بتهمة تمويل الإرهابيين في جرود القلمون، قبل أن يطلق سراحه عبر اللواء عباس إبراهيم بعد ضغوط من أمير قطر تميم بن حمد آل خليفة.
وكان وزير الداخلية نهاد المشنوق لفت في مقابلة مع «الأخبار» السبت الماضي إلى أن عمل الموفد القطري «لا يرتبط فقط بأجندة لبنانية. القطريون أيضاً لديهم أجندة قد تكون مرتبطة بمواطنين قطريين في مكان ما». وأضاف: «لا مشكلة لدينا مع الأجندة القطرية التي لا نعرف عنها الكثير، ونقبل بأي أمر يسرّع الحل».
وقد أعلنت وزارة الخارجية عن «عدم إمكانية استمرار دولة قطر في جهود الوساطة»، وأوضحت في بيان أن «جهود الوساطة جاءت لأسباب إنسانية (…) بعد طلب من الأشقاء في لبنان»، لافتة الى «عدم إمكانية الاستمرار نتيجة فشل الجهود المبذولة».
وفي السياق، أكدت مصادر وزارية أن «الحكومة اللبنانية مفلسة ولا تملك أوراق تفاوض، نتيجة عدم قدرتها على حسم أمرها في اتخاذ قرارات متشدّدة، ما يفقدها أوراق القوة التي لديها، وهي تشديد الإجراءات الأمنية على الأرض، وبذل كل الجهود لضبط معابر التهريب التي لا يزال بعضها مفتوحاً أمام وصول المؤن والوقود إلى الإرهابيين في الجرود، واستثمار توقيف النساء، والتصرف بموقوفي سجن رومية». ويؤكد مضمون اجتماع خلية الأزمة، أول من أمس، في منزل الرئيس تمام سلام في المصيطبة، أن الجهات الأمنية المعنية بمعالجة الملف تتصرف على أساس أن لديها ساعتي فراغ تقضيهما بالنقاشات. وعلى رغم الاتفاق بين أعضاء الخلية على ضرورة التكتّم، علمت «الأخبار» أن ما قاله وزير الدفاع سمير مقبل عن اتخاذ «قرارات حاسمة»، هي أبعد ما يكون عن واقع الاجتماع الذي كرّس التباينات في وجهات النظر. وأكدت مصادر الخلية أن «لا تطور جدّياً في الملف»، كاشفة أن «المفاوضات فعلياً متوقفة منذ ما يقارب عشرين يوماً، وأن الموفد القطري لم يتحرّك لمصلحة ملف المخطوفين العسكريين ، ونحن لا نعلم عن جولاته في لبنان شيئاً»!
هدوء حذر في البقاع
من جهة ثانية (رامح حمية)، لا يزال الحزن والغضب يخيّمان على قرى البقاع الشمالي، لا سيّما بلدة البزالية التي فقدت ابنها الشهيد علي البزال، واستمر أهالي الشهيد في تقبّل العزاء في حسينية البلدة. وفيما سُجّل ليل الجمعة إطلاق نار من قبل شبّان غاضبين على إحدى السيارات المتوجهة إلى عرسال فأصيب أحد الأشخاص ( تبيّن لاحقاً أن المصاب هو علاء أحمد المحمد ويحمل هويّة مزوّرة باسم بسام الحجيري، وهو ينتمي إلى أحد فصائل المسلحين في جرود عرسال)، عمل حزب الله وحركة أمل وضباط استخبارات الجيش في البقاع على سحب فتيل التوتر وإزالة المظاهر المسلحة على الطريق الدولي بين بعلبك والهرمل. بدورها، حمّلت عائلة الشهيد مراراً، على مدى اليومين الماضيين، المسؤولية عن استشهاد ابنها للشيخ مصطفى الحجيري، كما أكد رئيس اتحاد بلديات شمال بعلبك خليل البزال، ورامز البزال والد الشهيد. وأشار أكثر من مصدر في العائلة إلى أن «أهالي البزالية ليس لديهم أي ثأر مع أهالي عرسال، إنما المعني هو أبو طاقية (مصطفى الحجيري)». وطالبت العائلة بـ«تنفيذ أحكام الإعدام الصادرة بحق إرهابيين قتلوا مدنيين وعسكريين ويقطنون حالياً في سجن روميه، إضافة إلى جمانة حميد وعمر الأطرش». وفي السياق، قطع أهالي العسكريين المختطفين أوتوستراد القلمون ــ طرابلس في الاتجاهين لبعض الوقت، كذلك زار وفد منهم بلدة البزالية لتقديم التعازي باستشهاد البزال.