انتهت الوساطة القطرية في ملفّ العسكريين المختطفين، فعادت «هيئة العلماء المسلمين» إلى ممارسة وظيفتها المفضّلة، بالتحريض المذهبي والطائفي، وتحميل الجيش مسؤولية الجرائم التي يرتكبها الإرهابيون، لا سيّما قتل الشهيد الدركي علي البزال.
ولم تكد «الهيئة» تعود إلى الواجهة للعب دورٍ مبهم حتى الساعة في ملفّ المفاوضات، بحجّة طلب أهالي العسكريين ذلك، حتى عاد الكلام المذهبي على لسان الشيخ سالم الرافعي، إذ أشار بعد لقائه الوزير أشرف ريفي، إلى أن «الشباب السنّة الموقوفين في رومية يعانون من معاملة سيئة، وهذه المعاملة لا تكون إلا عليهم. فلو اعتقل شاب من طائفة أخرى لا يعامل إلا باحترام»! وقال الرافعي حول توقيف سجى الدليمي وعلا العقيلي، إن «كل ما حصل كان عبئاً على ملف العسكريين، وكل ما أشيع عن إرهاب وتطرف منهما كان خطأً. فمن يدفع ثمن دماء العسكري علي البزال؟!»، في إشارة إلى أن الجيش يتحمل دماء البزال.
غير أن التعهد بعدم التعرض لأي عسكري مخطوف، الذي أُشيع أمس أن اللواء عباس إبراهيم طلبه من الهيئة قبل الشروع في أي مفاوضات، ربطه الرافعي بإطلاق الدليمي والعقيلي أولاً، و«بعد إطلاق سراح الموقوفتين، سنعمل للاستحصال على عهد بتوقيف القتل مطلقاً، وسنعمل جاهدين لحل هذا الموضوع»، في تبنٍّ واضح لوجهة نظر الخاطفين!
وكان وفد الهيئة التقى أمس كلاً من إبراهيم وريفي ووزير الداخلية نهاد المشنوق وقائد الجيش العماد جان قهوجي والنائب وليد جنبلاط والمدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء إبراهيم بصبوص. وقالت مصادر الهيئة لـ»الأخبار» إن كل الذين التقاهم وفدها أمس «باركوا» مبادرتها وأكدوا موافقتهم على مبدأ المقايضة. وشرح المشنوق لوفد الهيئة أن موقف حزب الله كان منذ البداية موافقاً على المقايضة. لكن المسؤولين الأمنيين والسياسيين تحدثوا عن استحالة إطلاق موقوفين متهمين بالمشاركة في تنفيذ تفجيرات إرهابية، أو إصدار عفو بحق المحكومين بسبب معارضة «القوى المسيحية المشاركة في الحكومة للمقايضة»، بحسب مصادر الهيئة. كذلك أكّد المسؤولون عدم قبولهم بإطلاق موقوفين ومحكومين أجانب، لما لهذه الخطوة من آثار سلبية على علاقة لبنان بدول هؤلاء. وأكدت المصادر أن الهيئة لن تحصل على تفويض علني من الحكومة بإدارة المفاوضات، رغم عدم ممانعة أي جهة لأي مسعى يؤدي إلى الإفراج عن المخطوفين.
من جهته، زار جنبلاط امس أهالي العسكريين في رياض الصلح وأكد انه مع «المقايضة من دون شروط».
وكانت قاضية التحقيق العسكري نجاة أبو شقرا قد أصدرت أمس مذكرة توقيف بحق الدليمي بجرم الانتماء إلى جماعة إرهابية، فيما أشار القضاء العسكري بتسليم العقيلي إلى المديرية العامة للأمن العام.