علمت «الأخبار» ان المديرية العامة لقوى الامن الداخلي لم تتمكّن من صرف النفقات السرية المحددة في موازنتها خلال الشهرين الماضيين، بسبب خلاف بين مديرها العام اللواء ابراهيم بصبوص، ورئيس إدارتها المركزية، العميد أسعد الطفيلي. وهذه النفقات السرية البالغة نحو 9 مليارات ليرة سنوياً، منصوص عليها في الموازنة التي تحصل عليها المديرية من الموازنة العامة، لإنفاقها من دون المرور بآليات الرقابة الاعتيادية.
ومن المفترض ان تُنفق هذه المبالغ لتمويل شبكات المخبرين، او لشراء معدات خاصة من دون إلزامية إجراء مناقصات تكشف طبيعة هذه المعدات. هذا من الناحية النظرية؛ أما عملياً، فتحوّلت النفقات السرية إلى ما يشبه البدلات الشهرية الإضافية أو المكافآت التي يتقاضاها الضباط والرتباء المحظيون في المديرية، وأولئك العاملون في فرع المعلومات، إضافة إلى ما ينفقه المدير العام «على هواه».
مسلحون مقربون من تنظيم «داعش» وجّهوا تهديدات بالقتل إلى الشيخ «أبوطاقية»
وما ينطبق على الامن الداخلي يسري على باقي الأسلاك الأمنية والعسكرية، مع فارق وحيد أن المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي هي الجهاز الأمني الوحيد الذي تتعثّر أموره الإدارية إلى درجة فقدان القدرة على إنفاق أموال لها تُمثّل حافزاً رئيسياً للعمل الأمني الجدي فيها.
الفصل الجديد الذي تشهده المديرية يبدو استكمالاً للصراعات داخل مجلس قيادتها بين عامي 2006 و2008، كانعكاس للانقسام السياسي بين فريقَي 8 و14 آذار. كانت الموازنة السرية تُنفَق شهرياً بقرار من المدير العام، يصدر إلى أحد المكاتب التابعة للإدارة المركزية في المديرية، من دون المرور برئيس الإدارة المركزية. والأخير، «نَكَش» قبل نحو شهرين القانون والمراسيم الناظمة لعمل المديرية، التي تمنحه الحق الحصري في إدارة أموال المديرية والإشراف على إنفاقها. ولما قال بصبوص للطفيلي إن هذه النفقات سرية، ويجب ألّا يطّلع عليها احد سوى المدير العام، رد الطفيلي بعدم وجود نص قانوني بذلك، وبأن سرّيّة هذه الموزانة تحجبها عن العموم، لا عن الشريك في قيادة المديرية، والمخول الوحيد تنظيم ماليتها والإشراف على وارداتها ونفقاتها. وبناءً على ما تقدّم، توقف الطفيلي، للشهر الثاني على التوالي، عن دفع النفقات السرية إلى المدير العام، مشترطاً توقيعه قرارات صرفها والشراكة في تحديد أبواب إنفاقها. في المقابل، يستغرب الضباط المحسوبون على تيار المستقبل في المديرية أداء الطفيلي، مؤكدين انه ناتج عن قرار سياسي اتخذته مرجعيته السياسية، أي الرئيس نبيه بري، من دون ان يحددوا الدافع الذي يقف خلف ذلك. ويقولون إن صرف الاموال يجري بالطريقة نفسها منذ عقود، فماذا عدا مما بدا كي يبتدع الطفيلي بدعة التوقيعين؟ الطفيلي، في المقابل، ينفي لزملائه أي خلفية سياسية لقراره، مذكّرا بأن إنفاق أي مبلغ من الاموال العامة، وفي أي إدارة من إدارات الدولة، يحتاج إلى توقيعين على الأقل، فلماذا تشذّ المديرية عن هذه القاعدة؟ ويحظى الطفيلي بتأييد عدد من زملائه في مجلس قيادة المديرية، من المحسوبين على قوى 8 آذار والتيار الوطني الحر، لكن اللافت أن قائد الشرطة القضائية العميد ناجي المصري، المحسوب على النائب وليد جنبلاط، يؤيد موقف رئيس الإدارة المركزية.
يُذكر أن جزءاً من المصاريف السرية يدفعه المدير العام إلى أعضاء مجلس القيادة، لينفقها كل منهم أيضاً بحسب ما يراه مناسباً.
«داعش» و«أبوطاقية»
على صعيد آخر، لفتت مصادر أمنية إلى أن مسلحين مقربين من تنظيم «داعش» وجّهوا تهديدات بالقتل إلى الشيخ العرسالي مصطفى الججيري، المعروف بـ«أبوطاقية». وتحدّثت المصادر عن أن هذه التهديدات هي التي دفعت الحجيري إلى مهاجمة المسلحين علناً عبر صفحته على موقع فايسبوك أمس. فقد علّق الحجيري بالقول: «أنا لا أشك في حبي وحب أهل عرسال للثورة وتأييدها، لكني بدأت أشك في حب الثورة لنا». وأضاف قائلاً: «قد يستغرب البعض كلامي، لكن هل ما يقوم به البعض من أفعال تتسبب بإيذاء وإهانة أهل عرسال ومصادرة أموالهم وحصارهم وخطفهم يدل على المحبة؟».. وأردف قائلاً: «لقد أراد البعض تحويل الثورة من ساحات الوغى والاستشهاد إلى ثورة خيم وكراتين وأزقة في عرسال..» وسأل: «هل سنصل إلى اليوم الذي نُصبح فيه مهددين من اللصوص وقطاع الطرق والمجرمين؟»، ثم قال: «لا يهولن أحد علينا ببغيه وإجرامه، فوالله نحن لا نخافكم»، وختم بالقول: «لقد بذلت ماء وجهي وفرّطت في كثير من حقوقي لإطفاء النار، فصرت هدفاً لجميع الأطراف، فإلى الله المشتكى.. بالفعل ظلم ذوي القربى أشد مضاضة على المرء من وقع الحسام المهنّد».
سياسياً، عاد نائب وزير خارجية روسيا ميخائيل بوغدانوف إلى بيروت من دمشق، والتقى النائبين وليد جنبلاط وسليمان فرنجية، ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، والبطريرك الماروني بشارة الراعي، ووفداً من «اللقاء الأرثوذكسي».