IMLebanon

أفكار جديدة لإنقاذ اتفاق «النسبية»

ظهرت أمس مؤشرات إيجابية على قرب التوصل إلى قانون جديد للانتخابات، أبرزها عودة الرباعي (جبران باسيل ونادر الحريري و«الخليلَين») إلى الاجتماع، ما فتح باباً لإنقاذ الاتفاق على النسبية في 15 دائرة

ثلاثة مؤشرات إيجابية ظهرت أمس، توحي بقرب التوصل إلى قانون انتخابي:

أولاً، الخبر الصادر عن رئاسة الجمهورية، الذي أشار إلى أن الرئيس ميشال عون خصص لقاءاته قبل الظهر لمتابعة المساعي الجارية للاتفاق على قانون جديد للانتخابات النيابية، بهدف الإسراع في إنجاز الصيغة النهائية لمشروع القانون، تمهيداً لعرضه على مجلس الوزراء وإحالته على مجلس النواب. وهذا الإعلان هو الأول من نوعه، بعدما كان عون قد ترك المجال للقوى السياسية، لمحاولة الاتفاق على قانون، من دون أن يتدخّل في المفاوضات.

ثانياً، تأكيد رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد، أن الاتفاق على النسبية منجَز، وأن التفاصيل المختلف حولها «لن تُعيد لبنان إلى الوراء»، متوقعاً حلّها بعد تقديم تنازلات من مختلف القوى.

ثالثاً، الاجتماع الرباعي الذي عُقِد في وزارة الخارجية ليلاً، والذي ضم إلى الوزير جبران باسيل الوزير علي حسن خليل والمعاون السياسي للأمين العام لحزب الله، حسين الخليل، ومدير مكتب رئيس الحكومة، نادر الحريري. هذا الاجتماع بدأ ثلاثياً مع باسيل والخليلَين، قبل أن ينضمّ إليهم الحريري. وهذا اللقاء أظهر عودة التواصل بين حركة أمل والتيار الوطني الحر من جهة، وأعطى إشارة إلى إمكان ضخ بعض الإيجابية في العلاقة بينهما. كذلك فإنه يُبعد النائب جورج عدوان عن صدارة المشهد الانتخابي، وسط بروز بعض المعطيات التي توحي بأن حزب القوات اللبنانية ينوي معاودة الهجوم على التيار الوطني الحر، من باب ملف الكهرباء. وقالت مصادر المجتمعين في الخارجية لـ«الأخبار» إن ما حتّم إعادة إحياء «اللقاء الرباعي» هو وصول المفاوضات إلى حائط مسدود بعد اجتماع السرايا أول من أمس، الذي استمر طوال ليل الثلاثاء ــ الأربعاء (حتى ما بعد السحور). وقالت المصادر إن الأمور كانت عالقة عند نقطتي «احتساب الفائزين»، ومقاعد المغتربين. وأكّد أن «الرباعي» شهد طرح أفكار جديدة لإنقاذ قانون الـ15 دائرة، في ظل تأكيد المجتمعين على رفض العودة إلى الستين والفراغ.

اجتماع «الخارجية» بدأ ثلاثياً وضخّ بعض الإيجابية في العلاقة بين «التيار» وحركة أمل

قبل لقاء الخارجية، كانت الأجواء السلبية مخيمة على المشهد. قناة «أن بي أن»، الناطقة باسم حركة أمل، قالت إن «ما رشح من الاجتماع الخماسي الذي عُقد الليلة الماضية (أول من أمس) واستمر حتى فجر اليوم (أمس) في بيت الوسط لا يشير إلى تقدم ملموس، وبقيت الأمور تراوح مكانها، في ظل تمسك رئيس التيار بتضمين الاتفاق نقاطاً تـُحوِّلُ القانون العصري المُسمى «النسبية» قانوناً حجرياً لجهة صحة التمثيل. وإلا ففي أي خانة يوضع الدفع باتجاه التقوقع الطائفي أو حصر التمثيل في الطائفة بمكوِّن أو اثنين على امتداد الوطن وأي حقوق للأقليات إذا أنكرنا حقها بالتمثيل والمقاعد؟». أما «أو تي في»، الناطقة باسم التيار الوطني الحر، فوصلت في تشاؤمها إلى حدّ القول إن «النسبية متعثرة، وشبح الستين لا يزال يحوم».

تلاقى ذلك مع معلومات «الأخبار» بأنّ ساعات اجتماع السرايا الطويلة «ذهبت هباءً». الوزير جبران باسيل بقي مُتمسكاً بالأمور التي طرحها في الأيام الماضية، وأبرزها تحديد عتبة النجاح للمرشح على أن تكون 40% من الحاصل الانتخابي ضمن طائفته، «في مقابل رفض كلّي من جانب حركة أمل وحزب الله وتيار المستقبل». وبدا ممثل القوات، النائب عدوان، أقرب إلى خليل والحريري والخليل منه إلى باسيل! الثلاثي نفسه عارض أيضاً فكرة اقتراع العسكريين «لحرص الجميع على أن تبقى مؤسسة الجيش وقوى الأمن بعيدة عن التجاذبات السياسية. أخذ هذا البند حيزاً كبيراً من النقاش قبل أن يسقط». إعادة باسيل طرح خفض عدد النواب إلى 108 لاقى ممانعةً أيضاً، «وأُبلغ وزير الخارجية أنّ مسألة التسوية السياسية غير قابلة للتحقق في ظلّ التحولات الإقليمية، والوقت الداهم لذلك، فالأفضل تأجيلها إلى ما بعد الاتفاق على قانون». انتهى الاجتماع قرابة الخامسة فجراً من دون وجود بصيص أمل.

على الرغم من كلّ ما سبق، ما زالت مصادر رفيعة المستوى في تيار المستقبل تؤكد لـ«الأخبار» أنّه «سيكون هناك قانون جديد». وبحسب مصادر تيار المستقبل، «ستُوجَّه في الأيام القليلة المقبلة الدعوة إلى اجتماعات لحلحلة العقد. الكلّ موافق، ولكن ما زال هناك التيار الوطني الحر المُتمسك بعتبة النجاح الطائفية». وكان عدوان قد التقى أمس النائب وائل أبو فاعور، ومدير مكتب رئيس الحكومة نادر الحريري، وخُصص الاجتماع «لاطلاع أبو فاعور على تفاصيل القانون التقنية».

بدوره، تمنّى النائب نواف الموسوي أن يكون التعاطي «مع ما بقي من تفاصيل على أنها لا تمس الإطار العام ولا الاتفاق السياسي». وسأل إن كان «الوقت الآن ملائماً لطرح تعديلات دستورية، ولماذا تعديلات بعينها دون أخرى؟ وكيف إذا كانت هذه التعديلات تعني تعديلاً في اتفاق الطائف نفسه؟ وإذا كان هناك من يرى ضرورة لتعديلات دستورية، أليس من الأولى أن يتولى هذا الأمر مجلس نيابي قادم منتخب على أساس قانون انتخابي عادل، ويفتح باب الندوة البرلمانية أمام قوى سياسية جديدة، وحينها نذهب إلى تفكير جديد لصيغ العيش المشترك، أو تنظيم المناصفة بين المسلمين والمسيحيين، أو المسائل المتصلة بإلغاء الطائفية السياسية؟».

على صعيد آخر، عقد مجلس الوزراء أمس جلسة عاديّة بجدول أعمال مؤلف من 28 بنداً. ولم يحضر قانون الانتخابات إلا في المقدمة التي ألقاها رئيس الحكومة سعد الحريري، وأعلن أنه «بتنا قاب قوسين من الاتفاق، وقد جرى تجاوز عقبات عدّة». كلام الحريري استدعى مداخلة من الوزير علي قانصو، الذي اعترض على عدم إطلاع الوزراء على النقاشات الدائرة بخصوص القانون. وعلى الأثر، وعد رئيس الحكومة بإرسال التفاصيل إلى أعضاء مجلس الوزراء.

وكان قانصو قد أعلن قبل دخوله الجلسة أنّ «طبخة القانون لم تستوِ بعد». أما الوزير يوسف فنيانوس، فشدّد على «أننا نريد الصوت التفضيلي على مستوى الدائرة، وهم يريدونه على مستوى القضاء». فيما قال نادر الحريري إنّ «موضوع الصوت التفضيلي تمّ حلّه»، كاشفاً عن أن «هناك نقطتين عالقتين في القانون الانتخابي هما تصويت المغتربين وعتبة تأهل المرشح».

أمنياً، زار قائد الجيش العماد جوزف عون، يرافقه قائد القيادة الوسطى الأميركية الجنرال جوزيف فوتل والسفيرة الأميركية إليزابيت ريتشارد، عدداً من الوحدات المنتشرة في منطقة عرسال، حيث أطلع قائد الجيش الوفد الأميركي على خريطة انتشار القوى العسكرية ومراكزها على الحدود الشرقية في مواجهة التنظيمات الإرهابية.

وكان فوتل قد التقى في اليومين الماضيين الرؤساء الثلاثة ووزيري الخارجية والدفاع، وقائد الجيش.