يشهد الأسبوع المقبل حدثين سياسيين؛ الأول، عودة وزارة الطاقة إلى مجلس الوزراء لطرح ملف استئجار بواخر الكهرباء، مع وجود إمكانية لتجدد الاشتباك حول الملف. أما الحدث الثاني، فتنظيم طاولة حوار في قصر بعبدا يوم الخميس لرؤساء الكتل الممثلة في الحكومة
ارتاح أعضاء الحكومة بعد الاتفاق على قانون جديد للانتخابات، وبات بإمكانهم «تحرير» المواضيع الحياتية التي تهمّ المواطنين. ملفات عُرقلت أسابيع طويلة، من ضمن الضغوط التي قرّرت قوى الائتلاف الحكومي ممارستها بعضها ضد البعض الآخر، حتى إقرار قانون جديد.
عودة مجلس الوزراء إلى ممارسة مهماته لا يعني أنّ الجلسات المقبلة سيكون أمرها مُيسّراً، لا سيّما إذا كان أول البنود في أولى جلساتها بعد الاتفاق هو خطة الكهرباء القاضية باستئجار باخرتين إضافيتين، والتي أثيرت حولها ضجّة كبيرة في الفترة الماضية وأدّت إلى توتر العلاقة بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية. وعلى الرغم من أنّ كلّ طرف تسلّح بـ«ملاحظات تقنية»، لكن لم يكن ممكناً تغييب الطابع السياسي عن الخلاف «الإنمائي» بين الأطراف المذكورة.
القوات اللبنانية «الحريصة على نجاح العهد والحكومة»، كما قال سابقاً نائب رئيس الحكومة غسان حاصباني، اعترضت على استدراج العروض من خارج إدارة المناقصات. كذلك اشترطت ضرورة عرض كلّ مراحل الخطة على مجلس الوزراء، في حين أنّ أبي خليل ظلّ مُتمسّكاً بموقفه الذي يؤكد أن القانون يمنح المؤسسات العامة حق إجراء المناقصات بنفسها، من دون المرور بدائرة المناقصات، إلى أن قرّر وزير الطاقة، ومن خلفه التيار الوطني الحر، إعادة الملف إلى مجلس الوزراء، بسبب الضجة التي أثيرت حوله.
يعقد جعجع اجتماعاً لوزراء القوات عشية جلسة الحكومة للبحث في ملف الكهرباء
وكان «التيار» قد تريّث سابقاً في طرح الملف على طاولة الحكومة، بناءً على «نصيحة» الرئيس سعد الحريري الذي طلب الانتظار إلى ما بعد الاتفاق على قانون انتخاب؛ فقد وجّه أبي خليل كتاباً إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء، يورد فيه أنّ مؤسسة كهرباء لبنان أنجزت المسارين الإداري والتقني في مناقصة استئجار البواخر، طالباً من مجلس الوزراء اتخاذ القرار المناسب بشأن المسار المالي. ويعرض أبي خليل في الكتاب الذي أرسله خيارين: الأول، تأليف لجنة وزارية مهمتها الاشراف على عمليّة فضّ العروض المالية للشركات المتقدمة للمناقصة، أسوةً بما جرى عامَي 2012 و2013، في ملفات مماثلة. أما الخيار الثاني، فتسليم عملية استدراج العروض إلى إدارة المناقصات. وتلفت مصادر وزارة الطاقة إلى أن الخيار الثاني مخالف للقانون، ورغم ذلك، فإن الوزير اقترحه لقطع الطريق على المعترضين.
وتقول المصادر لـ«الأخبار» إنّ خيار استئجار البواخر «هو الخيار الأمثل والأقل كلفة من أجل تأمين 24 ساعة من الطاقة يومياً، منذ الآن حتى الـ5 سنين التي تفصلنا عن إنجاز إنشاء معامل على البرّ». الرأي المعارض لوزارة الطاقة وخطتها الكهربائية يرى أنّ الكلفة الكبيرة التي ستتكبّدها الدولة لاستئجار باخرتين إضافيتين مؤقتاً، يُمكن صرفها في إنشاء معامل على البرّ تدوم عشرات السنوات. تردّ مصادر الوزارة بأنّ «الذين يُقارنون بين الكلفتين لا يأخذون في الاعتبار الكلفة الكبيرة لاستملاك عقارات لإنشاء معامل على البرّ، ولا كلفة الإنشاءات الخاصة بالمعمل، وآلية تبريد التوربينات بالمياه، ولا كلفة بناء مداخن و«فلاتر»، ويحصرون حساباتهم بسعر الـ«توربينات» وماكينات إنتاج الكهرباء». وتضيف مصادر وزارة الطاقة أنه «بعد تحسّن وضع التيار الكهربائي بسبب إعادة وصل معملي الذوق والجيّة بالشبكة العامة، نبقى بحاجة إلى الكهرباء التي ستُنتجها البواخر، حتى نكون قادرين على تأمين 24 ساعة من التغذية الكهربائية، في غير ساعات الذروة، خلال الشتاء والربيع المقبلين».
مصادر معراب كانت قد أبلغت «الأخبار» سابقاً أنها سترفع الصوت مُجدداً في ملّف الكهرباء فور الانتهاء من القانون الانتخابي. وفي الموقف الجديد، قالت المصادر إنّ رئيس الحزب سمير جعجع «سيعقد اجتماعاً تنسيقياً مع وزراء القوات عشية جلسة مجلس الوزراء للبحث في ملف الكهرباء». وأشارت إلى أنّ القوات «لا تزال مبدئياً عند موقفها الأساسي في ما يتعلق بإدارة المناقصات، ولا تعديل فيه، لكن القرار سيعود إلى جعجع والاجتماع الوزاري»، لافتةً إلى أنه «لا اتصالات مع التيار الوطني الحر بشأن هذا الملف بعد». وأبلغت مصادر قواتية رفيعة المستوى «الأخبار» أنه في حال «أعادت وزارة الطاقة الملف إلى مجلس الوزراء، فلن يكون هناك خلاف»، على العكس مما أكدّته مصادر مطّلعة عن إمكان تجدّد «الاشتباك بين حاصباني وأبي خليل».
على صعيد آخر، يُعقد في القصر الجمهوري الخميس المُقبل لقاء لرؤساء الكتل المشاركة في الحكومة، دعا إليه الرئيس ميشال عون. ومن المتوقع أن يُخصّص اللقاء لملفّي اللامركزية الإدارية ومجلس الشيوخ. وكان الوزير السابق في تيار المردة يوسف سعادة قد أعلن في حديث إلى إذاعة «صوت لبنان ــ الأشرفية» أنّ النائب سليمان فرنجية سيُشارك في اللقاء في حال وُجّهت إليه دعوة، فيكون ذلك أول ثغرة في جدار العلاقة السيّئة بين عون وفرنجية، اللذين لم يتواصلا منذ أكثر من سنة.
وأوضحت مصادر عين التينة، في هذا الإطار، أنّ عون «لم يدعُ إلى حوار، بل إلى جلسة لتفعيل العمل الحكومي والبرلماني، لا جدول أعمال لها». وتعود القصة إلى جلسة التصويت على القانون الانتخابي النيابية، حين «أبلغ باسيل رئيس مجلس النواب نبيه برّي رغبة عون في اجتماع رؤساء الكتل النيابية التي شاركت في حوار عين التينة، وقد رحّب برّي بالفكرة». وعلى مستوى العلاقة بين عون وبرّي، قالت المصادر إنّ «الأجواء الإيجابية ستؤدي إلى استمرار عمل المجلس النيابي خلال العقد الاستثنائي، وهناك احتمال أن تُعقد جلسة نيابية بعد الأعياد».
(الأخبار)