هدّد إسرائيل بمقاتلين يمنيين وعراقيين وإيرانيين وأفغان وباكستانيين في أيّ حرب على سوريا ولبنان
وجّه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله رسائل قاسية لإسرائيل والنظام السعودي، متّهماً هذا النظام بفتح الطريق أمام إسرائيل للتطبيع مع العالم العربي. وأكّد نصرالله أن محور المقاومة يزداد قوّة وإسرائيل ستدفع أثماناً غالية في حال خاضت حرباً ضدّه، وأن المحور لن يتخّلى عن فلسطين
حسم الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله قرار محور المقاومة في مواجهة حملات التطبيع العربية مع العدوّ الإسرائيلي، محذّراً من التسويات التي ترتّب على حساب فلسطين والشعب الفلسطيني.
ووجّه نصرالله أمس، في مناسبة يوم القدس العالمي، رسائل قاسية للعدو الإسرائيلي والنظام السعودي، مهدّداً بأن حرباً تنوي إسرائيل شنّها على لبنان وسوريا لن تبقى محصورة في هذين الميدانين، بل إنها ستفتح الباب أمام انضمام آلاف المقاتلين من العراق واليمن وإيران وأفغانستان وباكستان وبقاع أخرى في العالم إلى جانب سوريا والمقاومة. ولفت نصرالله إلى أن الحرب الدائرة في الإقليم أضافت إلى محور المقاومة قوتين كبيرتين، هما اليمن والمقاومة العراقية.
في بداية خطابه، ذكّر نصرالله بأن يوم القدس، أو «آخر يوم جمعة من شهر رمضان، هو أفضل يوم اختاره الامام الخميني ليكون يوماً عالمياً لأقدس قضية تتحمل مسؤوليتها اليوم الانسانية كلها والأمة جمعاء»، مشيراً إلى أن «يوم القدس هذا العام يتزامن مع الذكرى الـ50 لاحتلال الصهاينة للقدس. لقد كانوا في الأمس يحتفلون بسيطرتهم وهيمنتهم على القدس».
وشرح نصرالله كيف أن «منطقتنا دخلت مؤخراً في مرحلة مختلفة تماماً، وهذا مفصل صعب ومؤلم»، معتبراً أن «الولايات المتحدة وأدواتها الاقليمية حوّلت مسار الحراك الشعبي في العالم العربي باتجاه إعادة سيطرة قوى الهيمنة على منطقتنا وأموالنا ونفطنا وخيراتنا، ومن أهم الأهداف إنهاء القضية الفلسطينية والوصول إلى تسوية بين الكيان الصهيوني والدول العربية والاسلامية».
وتابع أن «الشعب الفلسطيني يتعرّض لحصار وتجويع وقطع الكهرباء واعتقالات وسجون وقتل على الشبهة وتقطيع أوصال الضفة الغربية والاستيطان وتهويد للقدس وهدم المنازل وتجريف الاراضي»، وأن الهدف الإسرائيلي من هذه الممارسات «أن ييأس الشعب الفلسطيني وقياداته ليقبلوا بالقليل». وقال إن المحاولات اليوم والضغوط السياسية والمؤامرات هدفها عزل إيران وتحويلها إلى عدو بدل إسرائيل واستنزافها في الحروب، ونقل الحرب الى داخلها بواسطة الجماعات التكفيرية».
وفي السياق ذاته، أكّد أن «سوريا دولة مركزية في محور المقاومة، وهي جبهة مع العدو، ولها أرض محتلة، كما أنها داعم أساسي للمقاومة في لبنان وفلسطين، وعقبة كبيرة أمام أي تسوية عربية شاملة على حساب المصالح العربية»، وعلى هذا الأساس «عملوا خلال السنوات الماضية على إسقاط نظامها السياسي وتدمير جيشها واستبدال ذلك بقيادات هشة نراها في المناسبات والمؤتمرات تتزلف لإسرائيل وأميركا».
وسأل نصرالله في تعليق على القمّة السعودية ــ الأميركية أخيراً في الرياض: «أليس من الهوان أمام 50 رئيس دولة عربية وإسلامية أن يقف دونالد ترامب ليتّهم حركات المقاومة بالإرهاب؟».
ثمّ تحدّث عن دور العراق، مشيراً إلى أنه «بعد أن أظهر العراق إرادة سياسية واضحة من خلال الانتخابات والحكومات المتعاقبة، أنه لن يكون جزءاً من العملية السياسية الأميركية العربية لتصفية فلسطين، وبعد ظهور تيارات شعبية وجهادية وثقافة مقاومة وروح مقاومة واستعداد عال لمساندة حركات المقاومة، أرسلوا داعش الى العراق، ولا تنسوا أن داعش هو صناعة أميركية»، مذكّراً بما كان يقوله ترامب قبل انتخابه، عن مسؤولية باراك أوباما وهيلاري كلينتون والسعودية عن صناعة «داعش». وأكّد نصرالله أن «داعش صناعة أميركية وتمويل سعودي وخليجي وتسهيلات تركية».
سينضمّ إلى قتال إسرائيل مئات الآلاف من اليمن والعراق وأفغانستان وإيران
وتابع أنه «بفعل تضحيات العراقيين وثباتهم، اليوم نشهد الانتصارات الحاسمة، والمسألة في الموصل مسألة وقت، وداعش في العراق إلى زوال. وفي العراق وعي كبير وإحساس قوي بأنهم جزء من هذه المعركة على مستوى المنطقة، وهذا خبر سيّئ لإسرائيل».
أمّا عن اليمن، فأشار إلى أن «الحرب على الشعب اليمني سببها أنه يقف بجانب فلسطين» وأن «اليمن لا يمكن أن يكون جزءاً من عملية بيع فلسطين والتخلي عن القدس، لا من أجل عرش ولا سلطان ولا من أجل ترامب»، مؤكّداً أنه «أصبحت للمقاومة اليوم قوة شعبية وسياسية ووطنية وعسكرية وجهادية حقيقية وصلبة في اليمن، ونحن نفتخر أن يكونوا جزءاً من هذا المحور وأن ننتمي اليهم».
وعاد نصرالله إلى الخلاصة والتأكيد أن «المستهدف المركزي هو الشعب الفلسطيني»، لافتاً إلى أن «الاسرائيلي الآن يرفض أي مفاوضات مع الفلسطينيين، لأنه يعلق آماله على الدول العربية، فهذا مشروعهم وخططهم ومعاركهم ووسائلهم». وأشار إلى أن «المفاوض الفلسطيني في الماضي كان يتمسّك بالعلاقة مع الدول العربية لجرّ إسرائيل إلى التنازلات، أما الآن فقد انقلبت الآية، إسرائيل تريد كل شيء من الدول العربية ولاحقاً ترى إن كانت مستعدة لتقديم أي شيء للفلسطينيين والعودة إلى التفاوض». وشرح كيف أنه «في المشهد السياسي الاقليمي الحالي، النظام السعودي هو الذي يقوم بتقديم الأثمان لإسرائيل ويفتح الأبواب لها من أجل علاقات وتطبيع، فالسعودية بما تملكه من موقع متقدم ومال ونفوذ، تفعل ذلك كله باسم الدين».
ودعا نصرالله «الأمة إلى مواجهة هذا النظام، لأنه مدان، وهو نظام سيبيع كل شيء لترامب والأميركي وإسرائيل»، مقترحاً على السعوديين «تغيير المناهج التربوية في السعودية وإيقاف تصدير الوهابية، وعندها يتوقف الإرهاب»، مشدّداً على أن «الفكر الإرهابي يأتي من السعودية وعلمائها»، و«محاسبتها اليوم لجيرانها فضيحة».
وحول الهجوم على إيران، أكّد نصرالله أن «إيران لم تعزل، وصمدت أمام العقوبات وازدادت قوة وطوّرت صناعاتها وأصبحت أقوى حضوراً في الاقليم، والذين يريدون محاربتها في الارهاب، فهي لن تتسامح مع الارهاب وستردّ بقوة، وفعلت ذلك، ومعركة الارهاب مع إيران خاسرة وفاشلة، وستكون لها نتائج عكسية، إذ ستصبح أشد حضوراً»، مشيراً إلى أن «النظام السعودي أجبن من أن يشنّ حرباً على إيران»، وأن «إيران ستبقى داعمة لفلسطين وللقضية الفلسطينية ولحركات المقاومة في المنطقة مهما كانت الظروف أو الضغوط. وموقف إيران هو موقف عقائدي».
وأشار إلى أن «سوريا بفضل الصمود والثبات والمقاومة تجاوزت خطر إسقاط النظام، وهي ستتجاوز خطر التقسيم، ومحاولات عزلها جغرافياً فشلت بعد وصول الجيش السوري إلى الحدود العراقية، وهي ثابتة في موقفها السياسي في محور المقاومة».
وتطرّق نصرالله إلى خطابات بعض المسؤولين الإسرائيليين في مؤتمر هرتسيليا المنعقد في الكيان خلال الأسبوع الحالي، مشيراً إلى أن الخطباء «أجمعوا في مؤتمر هرتسيليا على رفض عودة لاجئ فلسطيني واحد إلى فلسطين». ولفت إلى أن «ليبرمان قال إن إسرائيل لم تنتصر منذ حرب 1967»، وأن وزير الحرب الإسرائيلي أكد أنه «لا نية لإسرائيل للقيام بحرب لا في الخريف ولا الصيف ولا الشتاء ولا في الشمال أو الجنوب»، مشيراً إلى أن «ليبرمان يعلم أن الحرب على غزة وعلى لبنان لن تصل به إلى نصر».
وفي رسالة يوم القدس، قال نصرالله إن على «الشعب الفلسطيني والمعنيين بهذه القضية ألا ييأسوا، رغم كل الصعوبات، وألا يملّوا ولا يتعبوا، بل أن يصبروا ويواصلوا، لأن هناك الكثير من الآمال والإنجازات، ولا يجوز أن نستسلم». مضيفاً أن «على الجميع أن يعرف أن محور المقاومة قوي جداً وأثبت ذلك، ولم يسقط، ولم ينهر، ولم يتداعَ، واستعاد زمام المقاومة في أكثر من ميدان. إن محور المقاومة لم ولن يخلي الساحة». وهدّد نصرالله إسرائيل، في حال تجرّأت على القيام بعدوان على سوريا ولبنان، بأن الحرب لن تنحصر بهذين المحورين، و«من يضمن أن لا تتوسّع الحرب؟». وقال «أنا لا أؤكّد أن هناك دولاً ستشترك في الحرب، لكن أيّ عدوان على محور المقاومة سيفتح الباب أمام انضمام مئات آلاف المجاهدين لقتال إسرائيل من العراق واليمن وأفغانستان وباكستان وإيران وأماكن أخرى في العالم».
وطمأن نصرالله الشعوب العربية إلى أن «الأوضاع في المنطقة لن تبقى هكذا، ومخططات الأعداء ستفشل. لقد فشلوا في تحقيق أهم الاهداف السياسية، والذين صمدوا وواجهوا سيواصلون العمل لتغيير الاوضاع، فالوجوه والدول والانظمة باتت مكشوفة بالكامل، ولعبة النفاق انتهت»، مضيفاً أنه «أياً تكن التطورات، على أميركا وإسرائيل أن تعرفا أن الشعب الفلسطيني وشعوب أمتنا لن يعترفوا بإسرائيل التي ستبقى غريبة عن المنطقة ودولة احتلال وإرهاب»، مجدّداً إيمانه بـ«القدس والقضية الفلسطينية والتزامه بمحور المقاومة وبالمقاومة». وقال: «بتقديم التضحيات نحمي لبنان ونصون المنطقة وندفع عن بلادنا وحشية داعش وأمثاله. وسنكون حيث يجب أن نكون، وبالصبر نمشي إلى النصر الآتي».