Site icon IMLebanon

بري: أبشِروا ببقاء الستين

عاد قانون الانتخاب الى الصفر. أوحت اجتماعات اللجنة النيابية ــ وهي بالكاد بدأت ــ بجدية إقرار قانون جديد يخفي عورة تمديد ولاية مجلس النواب مرتين. فإذ تخرج من بضعة جلسات خاوية، بلا احتشام وبالعورة نفسها

نقولا ناصيف

قلّل رئيس مجلس النواب نبيه بري من مسحة التشاؤم حيال أعمال لجنة التواصل المكلفة درس قانون الانتخاب، بالقول إنها علقت اجتماعاتها فحسب. كان يستخلص خاتمة اجتماعات بدأت مطلع كانون الاول ولم تعمّر المهلة التي حددها لها بري، وهي شهر تنتهي مطلع السنة الجديدة، مذ أن دعا الى أولى جلساتها غداة التمديد الثاني لولاية المجلس في تشرين الثاني. أذِن انسحاب القوات اللبنانية منها، دونما أن يبدي حليفاها الآخران في اقتراح القانون المختلط وهما تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي موقفاً معاكساً، بانهيارها. ما أفضى اليه رد فعل رئيس المجلس أنه لن يدعو الى معاودتها اجتماعاتها، ولن يجد جدوى في ذلك.

يقول: لن أخوض في قانون الانتخاب قبل انتخاب رئيس الجمهورية.

كان قد عزا أمام محدثيه أهداف إطلاق أعمال لجنة التواصل بعدما توقفت على دفعات على اثر التمديد الاول لولاية المجلس في أيار 2013، ثم انقطعت تماماً بعد دخول البلاد في الشغور الرئاسي في أيار 2014، الى إيجاد حافز ودينامية البحث في قانون جديد للانتخاب، توطئة لانتخاب الرئيس.

بناءً على رغبته، توافق أفرقاء اللجنة على البحث في اقتراح بري للقانون المختلط الذي يساوي بين التصويتين النسبي والأكثري. سرعان ما تمسك ثلاثي تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي والقوات اللبنانية باقتراحهم، وهو القانون المختلط الذي يرجّح التصويت الأكثري (68 مقعداً) على التصويت النسبي (60 مقعداً). لم يمر اجتماع للجنة دون تأكيد الثلاثي إصراره على اقتراحه، رغم مباشرته درس اقتراح بري. في مقابلته التلفزيونية قبل ثلاثة أسابيع، حسم الرئيس سعد الحريري الموقف برفض الخوض سوى في اقتراحه وحليفيه، فدفع اللجنة مذ ذاك الى ختم مهمتها بالتخلي عن جدول أعمال محدد ببند وحيد هو اقتراح بري للقانون المختلط.

مذ قرر صرف النظر عن الخوض مجدداً في قانون الانتخاب، حدد بري موقفه من محطات أعمال لجنة التواصل في الآتي:

1 ــ منذ ما قبل بدئها اجتماعاتها، أكد أن توافقها على اقتراح القانون المختلط سيحمل البرلمان على الموافقة عليه بالأحرف الاولى في انتظار انتخاب الرئيس، كي يحال عليه المشروع ويبدي رأيه فيه. ليس في الإمكان تجاهل موقف رئيس الجمهورية من قانون الانتخاب. تالياً فإن إخفاق الاتفاق على القانون المختلط سيحمل بري، بعد انتخاب الرئيس، على دعوة المجلس الى جلسة عامة لمناقشة كل الاقتراحات المتداولة لقانون الانتخاب، والتصويت على الذي يحظى بالاكثرية النيابية.

برّي: لن أخوض في قانون الانتخاب قبل انتخاب الرئيس

كذلك يتطلب الأمر رأي رئيس الجمهورية. سرعان ما لاحظ رئيس المجلس أن فريق الثلاثي يتعمّد إهدار الوقت في جلسات اللجنة والمماطلة بغية انقضاء الشهر، وفي ذهن هذا الفريق أن النتيجة الحتمية لإمرار المهلة دعوة الهيئة العامة الى التصويت على الصيغ المتداولة، فيحوز ـــ أو يفترض هذا الفريق ـــ أنه سيحوز الغالبية الكافية لإقرار اقتراحه. وهو ما عبّر عنه نواب القوات اللبنانية في اللجنة وخارجها.

على مرّ ذلك الوقت لم يشأ بري الإدلاء بأي نفي حيال تحريف وجهة نظره من مرحلة ما بعد الشهر، وخصوصاً تأكيده المتكرر أن لا قانون انتخاب يصادق عليه المجلس قبل انتخاب رئيس الجمهورية.

يقول رئيس المجلس إنه تعمّد تجاهل المواقف تلك، رغبة منه في استمرار دينامية أعمال اللجنة ـ على وفرة العراقيل المنصوبة من الداخل ـ ما يتيح ربما بلوغ قواسم مشتركة تمكّن من وضع أسس قانون جديد، الى أن فاجأه ردّ فعل القوات اللبنانية.

2 ــ لا يزال بري يتمسك باقتراحه، ويعتقد بأنه يحمل الحسنات الفضلى عن سواه رغم أنه ليس ما يصبو اليه، وهو قانون الدائرة الواحدة. يساوي بين مقاعد الاقتراعين النسبي والاكثري، ويحافظ على الحجم الحالي للأقضية والمحافظات، ويعتمد النسبية للمرة الاولى في قانون الانتخاب، ولا يتيح سلفاً معرفة نتائج التصويت بالنسبة الى فريقي 8 و14 آذار على السواء، خلافاً للقانون المختلط الذي يقترحه الثلاثي، إذ يفضي تقسيم دوائره ومقاعده الى ترجيح فوز واضعيه، ما يؤول حكماً الى رفض الفريق الآخر المضي فيه.

3 ـ لا تزال مواقف الافرقاء، بما فيها داخل الائتلاف الواحد، متناقضة من قانون الانتخاب. في فريق 8 آذار يتميز الرئيس ميشال عون عن حلفائه بتأييد اقتراح اللقاء الارثوذكسي، بينما يجاري حزب الله حركة أمل في القانون المختلط. كذلك حال فريق 14 آذار يتميز الرئيس أمين الجميل عن تيار المستقبل والقوات اللبنانية بمعارضته اقتراحهما، ويبدو أقرب الى عون واقتراحه. في لقائه الاخير ببري، أكد الرئيس السابق معارضته اقتراحي القانون المختلط بصيغتي رئيس المجلس والثلاثي، ورغب في قانون يجعل دوائر المحافظات أصغر مما هي عليه الآن (7 الى 8 مقاعد فقط) والاقضية أصغر مما هي عليه الآن (3 الى 4 مقاعد فقط)، ما يعني إعادة النظر في المحافظات كلها وفي عدد وافر من الاقضية. ليس لدى حزب الكتائب صيغة اقتراح، وهو يجهر بما يرفضه من غير أن يصوغ ما يريده. بدوره النائب وليد جنبلاط يضع رِجلا في فلاحة اقتراح بري للقانون المختلط بالقول إنه يؤيده، وأخرى في بور اقتراح تيار المستقبل والقوات اللبنانية اللذين استجابا هواجسه بدمج قضاءي عاليه والشوف في دائرة انتخابية واحدة تعبّر ــ كما لعقود في الحقبة السورية ثم ما بعدها ــ عمّا يسميه «الخصوصية الدرزية».

يقول رئيس المجلس بدوره إنه لا يمانع في إعادة تقسيم دوائر اقتراحه بما يمنح جنبلاط المحافظة ــ الدائرة التي يريدها، شرط أن يوافق الافرقاء الآخرون عليها، لا أن يُكتفى بموافقة طرف من أجل فرض الاقتراح على الباقين.

بيد أن خلاصة تناقض المواقف والصيغ من قانون الانتخاب والقانون المختلط تحمل بري على القول: أبشر بطول إقامة الـ60 (قانون 1960).