قيل الكثير عن «أبو طاقية» وعلاقته بالتنظيمات الإرهابية. غير أن إثبات تورّطه بقي ناقصاً حتى توقيف ابنه عبادة، فقطعت اعترافات الأخير الشك باليقين. وبناءً على ذلك، اتخذت قيادة الجيش قراراً بتوقيفه
ميسم رزق
إثر الكشف عن مصير العسكريين المخطوفين لدى «داعش»، وإبلاغ قائد الجيش العماد جوزف عون أمس عائلاتهم بأن نتائج فحوص الحمض النووي أثبتت أن الرفات التي وجدت في الجرود تعود لأبنائهم، ترتفع أصوات المُطالبة بالتحقيق ومحاسبة كل المتورطين في خطف الجنود وقتلهم.
بدءاً من إنزال عقوبة الإعدام بالمتهمين الموقوفين في سجن رومية من عناصر داعش والنصرة، وصولاً إلى المسؤولين الذين منعوا استكمال عملية تحريرهم عام 2014، ما سمح بنقل الجنود من داخل بلدة عرسال إلى جرودها. وسط هذه المُطالبات، يبدو أن قيادة الجيش مصممة على ملاحقة كل المتورطين بالعمليات الإرهابية، وبقتل جنود الجيش. وأكدت مصادر امنية أن الجيش مصمم على توقيف مصطفى الحجيري، المُلقّب بـ«أبو طاقية» الذي بات «أمر تورّطه بملفات إرهابية عدة مؤكداً»، بحسب مصادر أمنية. وتقول المصادر لـ «الأخبار» إن قرار توقيفه اتُّخِذ «بعد توثيق عدد من الإثباتات على تورطه، ليس أبرزها الفيديو الذي عرضته قناة «الجديد» عن علاقته بالإرهابيين». وتشير المصادر إلى أن السبب الأهم وراء هذا القرار هو «الاعترافات التي أدلى بها عبادة الحجيري، نجل أبو طاقية بعد توقيفه على حاجز للجيش في عرسال الأسبوع الفائت». وتجزم بأن هذه الاعترافات «كشفت دور والده في دعم التنظيمات الإرهابية، وخصوصاً جبهة النصرة، وتورطه بعدد من العمليات الإرهابية، منها عدد من الهجمات على الجيش قبل عام 2014 وبعدها». وشدّدت المصادر على أن توقيت التوقيف مرتبط بالظروف الأمنية والميدانية، وبتوافر إمكانية تنفيذ عملية التوقيف. المصادر نفسها أكدت «وجود لائحة طويلة من الأسماء المتورطين في دعم الإرهاب»، لكنها رفضت الكشف عن الأسماء، مكتفية بتأكيد «قرار القبض على كل من ثبت أو سيثبت تورّطه».
وفي هذا الإطار، انتشر أمس في الشمال عبر تطبيق «واتساب» بيان موقَّع باسم الشيخ مصطفى الحجيري يظهره خائفاً ومستجدياً لوساطة ما، إذ يؤكّد بعد تقديم «العزاء لفخامة رئيس الجمهورية العماد ميشيل عون ودولة رئيس مجلس الوزراء الرئيس سعد الحريري ولحضرة قائد الجيش اللبناني العماد جوزيف عون وأهالي الشهداء من عشائر البقاع وغيرهم وسائر اللبنانيين»، «أنني وعائلتي لم نكن يوماً من الأيام ولن نكون في موقع الخصومة مع الجيش الوطني اللبناني». وأضاف: «من خلال الواجب الشرعي والوطني والأخلاقي قد قدمت في آب 2014 بما أستطيع لتخليص عناصر قوى الأمن، وقد استطعت اصطحابهم إلى منزلي على أمل أن تنتهي المشكلة خلال ساعات، والعسكريون يشهدون على ذلك، ولكن الأمور ذهبت بخلاف ما أريد، وبالرغم من كل الظروف الصعبة تابعت واجبي وقمت بما أستطيع من خلال التفاوض مع الخاطفين حتى تم بفضل الله استعادتهم». ولم يكتف «أبو طاقية» بذلك، بل سعى إلى ترويج أنّ كل ما قام به كان بالتنسيق مع الأجهزة الللبنانية، حيث قال إن «التفاوض مع الجماعات المسلحة التي كانت في عرسال كان بالتنسيق الكامل مع الجهات الرسمية اللبنانية السياسية والأمنية التي كانت على علم بكل التفاصيل، وإن دفاعي عن العسكريين قد عرضني للتكفير واستباحة الدم ومحاولة القتل من قبل داعش، وهذا أمر تعرفه الجهات المختصة». أما بالنسبة إلى مقطع الفيديو الذي نشرته «الجديد»، فزعم أنه «مجتزأ والقصد من نشره تحوير كلامي، وقد جاء هذا الكلام في سياق التهويل لاجتياح عرسال وتدميرها، فكان هذا ردي لعلمي أن الجيش اللبناني الوطني لا يمكن أن يقوم بخطوة كهذه».
من جهة أخرى استقبل قائد الجيش العماد جوزف عون، أهالي العسكريين المخطوفين أمس، وأبلغهم بأن نتائج فحوصات «الحمض النووي» (DNA) أكّدت أن الجثامين التي عُثِر عليها في الجرود عائدة لأبنائهم. والتقى الأهالي رئيس الحكومة سعد الحريري، وطالبوه «بمنع التدخلات السياسية ولفلفة قضية أبنائهم». وبعد لقائهم وزير الدفاع يعقوب الصراف وعودتهم إلى خيمهم وسط بيروت، اتفقوا ــ وفق ما صرح الناطق باسمهم حسين يوسف ــ على أن «أول مطلب لنا هو إعدام عمر وبلال ميقاتي اللذين شاركا في خطف العسكريين وقتلهم، وملاحقة من تواطأ مع القتلة»، مؤكداً أن «خيم أهالي العسكريين انتهى دورها في رياض الصلح، لكنها ستبقى في منازلنا». وقد أكد أهالي العسكريين أن «هناك بحثاً جدياً لتشكيل لجنة متابعة من قبل الأهالي لمتابعة سير التحقيقات». وفيما أعلن لبنان الرسمي يوم غد الجمعة، يوم حداد وطني على العسكريين الشهداء، قال أهالي العسكريين إن «بعضهم يرغب في مرور رفات أبنائهم في ساحة رياض الصلح قبل نقلهم إلى مثواهم الأخير في بلداتهم». وكان القاضي صقر صقر قد أحال ملف العسكريين على استخبارات الجيش لإجراء التحقيقات الأولية، وضمه إلى ملف القضية الذي فتح خلال خطفهم.