IMLebanon

الانتخابات النيابية في مهبّ الريح!

بري لـ«الأخبار»: لن أقبل بغير التسجيل المسبق للمقترعين

الانتخابات النيابية في مهبّ الريح!

في مأتم رسميّ في وزارة الدفاع، شيّع لبنان أمس العسكريين الشهداء الذين اختطفهم تنظيم «داعش» من عرسال، في الثاني من آب عام 2014. وبعد مرور موكب التشييع في ساحة رياض الصلح، جرى دفن الشهداء كلٌّ في بلدته.(تصوير هيثم الموسوي)

يزداد الحديث عن المخاطر التي تطال إجراء الانتخابات النيابية المقبلة، مع الخشية من عدم القدرة على تنفيذ الاستحقاق في موعده في ظلّ الخلافات. «التسجيل المسبق» عقدة بارزة أمام العملية الانتخابية، ومع ذلك، لا تقارن بالتباينات التي لم تظهر بعد بين الكتل السياسية

مع إقفال ملفّ التهديد الإرهابي انطلاقاً من الجرود الشرقية اللبنانية، بدأت الانتخابات النيابية المقبلة تتصدّر المشهد السياسي اللبناني، في ظلّ الانقسام الذي يعصف بين الكتل السياسية، ويتمثّل في اختلاف وجهات النظر بين أعضاء اللجنة الوزارية المكلّفة ببحث كيفية تطبيق قانون الانتخاب.

وإذا كانت غالبية الأطراف لا ترى خطراً في مرور مهلة صدور مرسوم تشكيل هيئة الإشراف على الانتخابات في موعده المفترض، أي قبل 17 أيلول الحالي، فإن العقبات التي تقف في وجه تطبيق القانون الجديد تضع الاستحقاق الانتخابي بأسره في عين العاصفة.

الجلسة الثالثة للجنة الوزارية أوّل من أمس بدت نذير شؤم على إمكانية إجراء الانتخابات النيابية في موعدها. فالانقسام كان سيّد الموقف بين ممثّلي الكتل البرلمانية من الوزراء، وجرى الحديث فيها بشكل واضح عن الصعوبات التي تواجهها وزارة الداخلية في المدّة المتبقية قبل الموعد، لتنفيذ الإجراءات اللازمة لإجراء الانتخابات في أيار المقبل.

حتى إنه وصل الأمر بالوزير علي حسن خليل إلى القول داخل اللجنة، إنه بات مقتنعاً بأن وزارة الداخلية ستعجز عن تسليم البطاقات الممغنطة، في حال استمر الانقسام على حاله ولم يتمّ التوصّل إلى صيغة منطقية لآلية الاقتراع.

غير أن الانقسام الأبرز الآن لا يزال يتمحور حول مبدأ التسجيل المسبق للناخبين في حال أرادوا الاقتراع خارج مكان القيد. ومع أن هذا البند يزداد تعقيداً، مع انقسام الكتل إلى فريقين، إلا أنه يبدو أقلّ الأزمات، أمام ما يُعِدّ له كلّ من التيار الوطني وحركة أمل من مطالب لتعديل القانون، لا سيّما مسألة احتساب نسب الصوت التفضيلي على أساس الأقضية أو الدوائر الصغرى.

وينص اقتراح التسجيل المسبق على أن يبادر الناخب، قبل نهاية العام الذي يسبق إجراء الانتخابات، إلى إبلاغ وزارة الداخلية بالمكان الذي يريد التصويت فيه. مثلاً، إذا كان ناخب من الشوف يسكن في كسروان، يمكنه طلب الاقتراع في مركز قريب من مكان سكنه، بدل التوجه إلى بلدته يوم الانتخابات. وإذا تجاوز عدد الناخبين الشوفيين في كسروان رقماً معيناً، تخصّص لهم وزارة الداخلية قلم اقتراع حيث يقطنون، ليشاركوا في انتخاب نواب دائرة الشوف ــ عاليه. وفي هذه الحالة، تُشطَب أسماء هؤلاء الناخبين من لوائح الشطب في بلداتهم، لتوضع على لوائح شطب تمكّنهم من الاقتراع في المركز الذي خصّصته لهم الوزارة.

وبحسب معلومات «الأخبار»، فإن مسألة التسجيل المسبق يعارضها التيار الوطني الحرّ وتيار المستقبل، بينما يتمسّك بها كل من حزب الله وحركة أمل والقوات اللبنانية. وإذا كان موقف التيار الوطني الحرّ، وعلى لسان الوزير جبران باسيل، مبرّراً بأن «مزاج الناخب يتحدّد قبل عشرة أيام، ولذلك علينا ترك الحرية للناخبين للاختيار يوم الاقتراع بين الاقتراع في أماكن قيدهم أو في أماكن سكنهم أو في الأقلام المركزية في بيروت»، فإن موقف تيار المستقبل ليس مفهوماً، سوى من باب دعم موقف العونيين.

وهذا الاستغراب سجّله رئيس المجلس النيابي نبيه برّي أمس، الذي قال لـ«الأخبار» إن «مبدأ التسجيل المسبق هدفه تنظيم الانتخاب، وهو قد يكون سبباً إضافياً في حال غيابه لخسارة تيار المستقبل. وأنا لا أجد مبرّراً لرفض المستقبل له سوى مسايرة التيار الوطني الحرّ». لكنّ برّي الذي بات يشعر بأن «هناك من يريد وضع عراقيل بهدف تطيير الانتخابات»، أكّد أنّه «لا أقبل إلّا بالتسجيل المسبق، وهذا ليس مصلحة لأحد معيّن، بل طريقة لتنظيم الانتخابات. ولن أقبل بإلغائه حتى لو طارت الانتخابات برمّتها».

وتشرح مصادر وزارية شاركت في الجلسة أن عدم وجود التسجيل المسبق لا يسمح بتحديد عدد الناخبين في الأقلام المركزية أو في أقلام المناطق والقرى، وبالتالي لا يسمح بتحديد عدد رؤساء الأقلام ولا عدد اللوائح المطبوعة مسبقاً، والتي تكلّف الواحدة منها دولاراً واحداً. وهذا أيضاً يُجبر وزارة الداخلية على إجراء ربط تقني بين 7 آلاف مركز انتخابي، أي 7 آلاف «جهاز قراءة إلكتروني للناخبين»، موصولة بقواعد بيانات مركزية في المناطق، تكون موصولة بدورها بقاعدة بيانات مركزية في وزارة الداخلية. وهذه العملية ستكلّف الدولة عشرات ملايين الدولارات، من دون سبب.

أمّا بالنسبة إلى البطاقة البيومترية، فليس محسوماً بعد إن كان سيتمّ اعتماد بطاقة ممغنطة مخصصة للانتخابات فقط، أم بطاقة بيومترية تحمل معلومات كاملة عن المواطنين وتستعمل لاحقاً كبطاقة هوية. إلّا أن الثابت هو أن عدد البطاقات البيومترية المطلوب إنتاجها يصل حدّ 3 ملايين و800 ألف بطاقة. وتقول المصادر إن وزير الداخلية نهاد المشنوق قال إن المطلوب لإصدار هذا العدد إنتاج حوالى مليون بطاقة شهرياً، أي حوالى 40 ألف بطاقة يومياً، في ماكينة عمل لا تتوقّف 24 ساعة في اليوم. على أن تقديم الطلبات للبطاقات البيومترية يجب أن يبدأ بداية تشرين الأول حتى نهاية العام الحالي، وهو ما يبدو بالنسبة إلى أكثر من مصدر في اللجنة أمراً مستحيلاً، وخاصة أن مئات آلاف المواطنين اللبنانيين لم يحصلوا بعد على بطاقات هوياتهم، رغم مرور أكثر من عشرين عاماً على بدء عملية إصدارها.

الجيش إلى الحدود الشرقية

وفيما أقام الجيش احتفالاً تكريميّاً للشهداء العسكريين في اليرزة وشيّعت جثامين الشهداء بعده في مناطقهم، عقد المجلس الأعلى للدفاع اجتماعاً مهمّاً في قصر بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية ميشال عون، كُلّف خلاله الجيش بـ«اتخاذ التدابير اللازمة لانتشار أفواج الحدود البرية (على الحدود الشرقية) ورفع الاقتراحات لتأمين جميع المستلزمات العسكرية واللوجستية بأقرب وقت ممكن». كذلك جرى تكليف وزير الخارجية جبران باسيل بتقديم شكوى إلى مجلس الأمن الدولي، بسبب خرق العدو الاسرائيلي الأجواء اللبنانية واستعمالها لقصف الأراضي السورية، بعد الغارات المعادية الأخيرة على مركز البحوث العلمية في منطقة مصياف السورية.

وبعد تقويم نتائج العملية العسكرية في الجرود، عرض رئيس الجمهورية التكليف بإجراء تحقيق في ما خصّ ظروف خطف العسكريين وأسرهم وقتلهم، حيث أشار وزير العدل سليم جريصاتي إلى أن «التحقيق سوف يتناول العناصر الجرمية لتفادي أيّ اتهام سياسي».

وفي السياق ذاته، دعا رئيس الحكومة السابق تمام سلام إلى «ضرورة جلاء كل الحقائق في قضية العسكريين الشهداء، وفتح التحقيق على مصراعيه ورفع السرية عن محاضر جلسات مجلس الوزراء ليتسنّى للبنانيين، وفي مقدمتهم عائلات الشهداء، الاطلاع عليها، حتى لا تصير أضاليل اليوم كأنها حقائق الأمس».