لم يمر تعيين سفير لبناني في سوريا بسلاسة بعدما آثر حزب القوات استغلال الأمر لفتح جدل مربح شعبياً عبر الطلب، خلال جلسة مجلس الوزراء أمس، بعدم التحاق السفير اللبناني بمكان عمله وعدم تقديم أوراق اعتماده الى الرئيس السوري. القواتيون أنفسهم سبق أن التزموا الصمت عند إقرار التعيين في مجلس الوزراء
عكّر هدوء جلسة مجلس الوزراء التي انعقدت أمس في السراي الحكومي برئاسة الرئيس سعد الحريري النقاش الحاد الذي دار بين الوزراء، بعدما قررت القوات اللبنانية المزايدة على رئيس الحكومة سعد الحريري بشأن تعيين سفير للبنان في سوريا.
وقد بدأ الخلاف عند طلب وزير الاعلام ملحم رياشي «عدم تقديم السفير أوراق اعتماده للرئيس السوري»، وفقاً لمصادر وزارية، فأجابه الوزير مروان حمادة بأنه «تحدث الى الرئيس الحريري في الموضوع نفسه، لكنه قال إن المرسوم وقّع وانتهى الأمر». وأضاف: «نحن في غنى عن هذا الأمر، موقفنا من النظام السوري معروف، لا يحتاج إلى أن نتحدث عنه». وهو ما أدى الى مداخلة من الوزير علي قانصوه تعقيباً على كلام حمادة قائلاً: «مش محرزة نعمل مشكل. هناك سفير سوري في لبنان»، فردّ حمادة «يا ريتو ما كان»، ليسأله قانصوه مجدداً: «شو هو إسرائيلي؟». وللمفاجأة أجابه حمادة: «نعم إسرائيلي». ونشبت سجالات حادة بين الوزراء على خلفية هذا الموضوع، فيما تناوب عدد من الوزراء على الكلام، منهم الوزيران محمد فنيش وعلي حسن خليل، مؤكدين أن «العلاقات مع سوريا قائمة وهناك سفير سوري في لبنان، ولا شي يبرر طلب الوزير رياشي»، بينما التزم وزراء تيار المستقبل الصمت. وتمنى الوزير طلال أرسلان «وضع الموضوع خارج النقاش ما دام صدر مرسوم عن مجلس الوزراء». واللافت أن القوات اللبنانية قررت افتعال مشكلة على قرار إرسال السفير سعد زخيا للالتحاق بمكان عمله في دمشق، فيما كانت قد التزمت الصمت عندما أصدر مجلس الوزراء قرار تعيينه في تموز الفائت، من ضمن التشكيلات الدبلوماسية، التي كانت لها فيها حصة.
في سياق آخر، أكدت المصادر الوزارية أنه لم يحصل أيّ تلاسن بين الوزيرين نهاد المشنوق وجبران باسيل في ما خصّ قرار وزير الداخلية منح البلديات حق إعطاء تراخيص بناء حتى مساحة 150 متراً لغاية 31 آذار 2018. كل ما حصل أن «باسيل وعدداً من وزراء التيار أبدوا اعتراضهم على قرار المشنوق، وسط تقليل الأخير من شأن هذا الأمر قائلاً: أين المشكلة، كل الاحزاب والتيارات كانت تطالبنا بهذا القرار، باستثناء التيار الوطني». فردّ وزير الأشغال يوسف فنيانوس: «وتيار المردة أيضاً لم يطلب»، وقال قانصوه «كذلك الحزب القومي». وتقرر أن تعدّ الحكومة مشروعاً في هذا الشأن. لكن باسيل أعاد تأجيج الجدال عبر تغريدة مسائية هاجم فيها المشنوق: «تخيّلوا أن كل وزير يطلّع مذكّرة هي قانون من عنده. مذكرة الـ150 متراً هي قانون بناء جديد يشوّه لبنان ويخرّب بيوتاً لا يعمّرها». ليستتبعها بتغريدة ثانية: «التيار مرة جديدة لوحده ضدّ. حرام عليكم لبنان». من ناحية أخرى، دار جدال داخل الجلسة حول تزويد مؤسسة كهرباء لبنان بالغاز والفيول، حيث يتم استيرادهما من الكويت والجزائر. ففيما رأى البعض أنه يجب تجديد العقود تلقائياً، دعا البعض الآخر إلى الذهاب الى مناقصات جديدة، وتم الاتفاق حول هذا الأمر. كذلك أثير موضوع عزم إسرائيل على بناء الجدار الحدودي على طول الخط الأزرق، وتقرر إجراء اتصالات لوضع الجامعة العربية والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة في هذه الأجواء، تمهيداً لتقديم شكوى ضد إسرائيل.
وكان الرياشي قد أجاب عن أسئلة الصحافيين عقب انتهاء الجلسة، حيث سئل عن اعتراضه على التحاق السفير اللبناني في دمشق بمكان عمله، فأجاب بأن «بعض الوزراء، من بينهم وزراء القوات اللبنانية، اعترضوا على تقديم السفير اللبناني أوراق اعتماده في هذا الظرف، وطالبوا بترك الامر الى ما بعد حل المشكلة بين الدولة السورية والجامعة العربية، لأن هناك الكثير من السفراء المعيّنين في سوريا لم يقدموا أوراق اعتمادهم في الوقت الحاضر». من جهته، أكد السفير اللبناني المُعيّن في سوريا سعد زخيا، غداة وصوله الى دمشق، أنَّه سيعمل «لمصلحة البلدين والشعبين الشقيقين، وأنا مسرور لأنني أتسلّم مركز عملي في دمشق، وسعيد لأنني في بلدي وبين أهلي»، بحسب وكالة «سانا» السورية، متوجّهاً بالشكر إلى إدارة المراسم والسلطات السورية على الاستقبال.
على صعيد آخر، تقرر تأجيل اجتماع اللجنة الوزارية المكلفة بحث تطبيق قانون الانتخابات الى اليوم، ورأى الوزير خليل «أن التسجيل المسبق أصبح أمراً واقعاً». من جهته، رأى مستشار رئيس الحكومة، نادر الحريري، أن «المهل لتطبيق قانون الانتخاب أصبحت داهمة ويجب الخروج باتفاق من الاجتماع».
في سياق آخر، أجرى فنيانوس اجتماعاً مطولاً مع وفد من مجلس نقابة محرري الصحافة ردّ فيه على أسئلتهم. فعلّق على السؤال عن علاقته برئيس الجمهورية بالاشارة الى أنه لم يحدث أيّ اتصال بالرئيس إلا منذ ثلاثة أسابيع. وعن علاقة عون بالنائب سليمان فرنجية، أشار فنيانوس الى أن «الخطاب لم يعد متشنّجاً، أما الموقف الذي اتخذه سليمان فرنجية أمام مجلس النواب فما زال قائماً، وقد قال فيه: عندما يستدعيني فخامة الرئيس أزوره. وهناك من قال له: قل عندما يدعوني. قال: لا، سأقول عندما يستدعيني، لأني أحترم موقع الرئاسة». ورداً على سؤال عن حديث البعض أن كل هموم الوزير فرنجية تنصبّ على عدم نجاح الوزير باسيل في البترون، أشار الى أن «كل إنسان يريد فتح معركة ضدنا سنفتح معركة ضده. برأينا لن يكون للتيار أكثر من مقعد في دائرتنا الانتخابية، يمكن أن يكون الوزير جبران باسيل أو غيره». وأكد أن هناك «معايير مطلوبة في التحالفات الانتخابية غير متوافرة حالياً في العلاقة بيننا كتيار مردة وبين تيار باسيل». وعن علاقة المردة بالقوات اللبنانية قال إن لقاءات معلنة وغير معلنة تجري ويتابعها الوزير السابق يوسف سعادة، «والكلام الأخير الذي صدر عن الدكتور سمير جعجع حول مجزرة إهدن يفتح الطريق إلى حوار في العمق أكثر فأكثر».