«انتهى زمن التمييز بين حزب الله والحكومة اللبنانية». «سوف نتعامل مع الحكومة اللبنانية على أنها حكومة إعلان حرب علينا». «على اللبنانيين أن يختاروا بين السلام وبين الانضمام إلى حزب الله». «المخاطر المترتبة على تصرفات حزب الله سوف تكون وخيمة جداً على لبنان». «المسارات السياسية وغير السياسية متاحة» للتعامل مع «خطر حزب الله».
درجت العادة أن يكرر مسؤولون إسرائيليون هذه العبارات لتوجيه التهديد إلى لبنان. لكنها، أمس، لم تصدر عن مسؤول إسرائيلي، بل عن الوزير السعودي ثامر السبهان الذي قال إن الملك سلمان أبلغ الرئيس سعد الحريري (أمس) «ما تتعرض له المملكة من عدوان على أيدي حزب الله، وتم إبلاغه أن هذه الأعمال تعتبر أعمال إعلان حرب على المملكة من قبل لبنان» وحزب الله. كلام السبهان واضح، وكذلك أهدافه. هو يعلن الحرب على لبنان من جهة، ويريد من الجهة الأخرى حرباً أهلية تحت عنوان أن يواجه اللبنانيون حزب الله. مجدداً، لا بد من التذكير بأن السبهان لا ينطق باسمه الشخصي، بل يعبّر عن رأي الحكم في الرياض. فيوم أمس أيضاً، قال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير إن حزب الله يساهم في إطلاق الصواريخ الإيرانية من اليمن إلى داخل الأراضي السعودية، وهي التهمة نفسها التي وجهها السبهان للحزب.
وبينما يلتزم حزب الله وباقي القوى السياسية الأساسية الهدوء تجاه التهديدات السعودية لحزب الله وللحكومة اللبنانية والشعب اللبناني، بدأت مجموعة من الإعلاميين والسياسيين في الداخل بتبنّي خطاب التصعيد والتحريض. وفي المعلومات أن السبهان، الذي تولّى منذ أشهر رفع خطاب التحريض على حزب الله، بات يملك شبكةً من المتعاونين، بينهم إعلاميون وسياسيون، هدفهم تبنّي الرواية السعودية لاستقالة الحريري. ويعمل هؤلاء، على نقل الأزمة من كونها أزمة لبنانية ــ سعودية تجلّت في إجبار الحريري على الانتقال إلى المملكة وإعلان استقالته من هناك، إلى كونها أزمة لبنانية ــ لبنانية داخلية، بإعادة الانقسام السياسي الخطير إلى البلاد إلى مرحلة تشبه فترة ما بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري.
إسرائيل إلى جانب السعودية
التناغم بين النظام السعودي والعدو الإسرائيلي ليس تقاطعاً لفظياً وحسب. فتل أبيب قررت الوقوف علناً إلى جانب الرياض في مواجهة حزب الله، معلنة السعي إلى تحقيق الهدف نفسه الذي قال السبهان، منذ ما قبل استقالة الحريري، إن حكومته تعمل لتحقيقه، وهو منع إشراك حزب الله في الحكومة اللبنانية المقبلة. على هذه الخلفية، سارعت حكومة العدو، عقب إعلان الحريري استقالته، إلى شن حملة دبلوماسية دولية واسعة، لتجنيد تأييد دولي في محاولة منها لمنع إشراك الحزب في المؤسسات السياسية اللبنانية. ويوم أمس، كشفت القناة 14 العبرية (العاشرة سابقاً)، أن وزارة الخارجية الإسرائيلية بعثت ببرقية إلى سفاراتها في جميع أنحاء العالم، تطلب فيها من دبلوماسييها التوجه إلى أعلى المستويات في الدول والمنظمات الدولية المعتمدين لديها للتشديد على ضرورة معارضة إشراك حزب الله ودمجه في الحكومة المقبلة.