تتطابق مواقف رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس المجلس النيابي نبيه برّي في مواجهة أزمة استقالة الرئيس سعد الحريري من الرياض، واحتجازه كرهينة من قبل حكام المملكة العربية السعودية. ويعكس هذا التناغم الكامل بين الرئاستين، تماسكاً على مستوى الدولة اللبنانية وعلى المستوى الشعبي، في ظلّ احتضان القوى السياسية لعائلة الحريري والحرص على عودة رئيس الحكومة المختطف قبل البحث في أي أمرٍ آخر.
وتقاطع كلام برّي أمس، مع المواقف التي أدلى بها عون أمام وفد الهيئات الاقتصادية ووفد الاتحاد العمّالي العام، حيث أكّد عون أثناء اللقاء أن «الحريري محتجز لدى السعودية». من جهته، أكّد بري أنه بانتظار عودة الحريري من الرياض، وأنه «في حال عودته وتقديم استقالته وفق الأطر الدستورية، عندها يبنى على الشيء مقتضاه». وكرّر قوله إن «الحريري ليس مستقيلاً»، أكثر من مرّة، وأن «ما حصل هو سابقة وهو رئيس حكومة لديه حصانة وفقاً لاتفاقية فيينا. ولو أعلن استقالته من هنا لكانت استقالته دستورية ونافذة». وردّاً على سؤال حول ما إذا لم يعد الحريري قريباً، قال: «صبرنا طويل، ننتظره 20،30، 50 يوماً… صبرنا طويل. نحن نريد انتظام العلاقات مع جميع الدول العربية، ولم نكن نحن البادئين في ما يجري». وحول ما يحاك للبنان من عقوبات وضغوط اقتصادية، ردّ رئيس المجلس النيابي بكثيرٍ من الثّقة بأنه «مرّرنا بالكثير من هذه الظروف، وبضغوط اقتصادية. لبنان أقوى من أميركا إذا كنّا موحّدين وأوهن من بيت العنكبوت إذا كنا متفرّقين».
كلام برّي وعون، وما يعكسه من رفض للإملاءات السعوديّة، يفتح المجال أمام رفع مستوى الضغط الدبلوماسي على الرياض، قد يصل حدّ رفع شكوى لبنانية إلى مجلس الأمن الدول ضدّ السعودية، لاحتجازها رئيس الحكومة. وهذا الخيار الذي يلوّح به عون، عبّر عن دعمه صراحة السفير الروسي في بيروت ألكسندر زاسبيكين، مؤكّداً أن قضية الحريري قد تصل إلى حدّ طرحها في مجلس الأمن. وكذلك علمت «الأخبار» أن قضية الحريري ستُطرح في اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسيل الاثنين المقبل. ويعتزم عون اليوم، وضع سفراء الدول المؤثّرة المعتمدين في لبنان في أجواء الخطوات اللبنانية وسيطلب منهم دعم تحرّكات لبنان المطالبة بعودة الحريري. غير أن عون، الذي وضع خطّة للمواجهة، ينتظر نتائج المبادرة الفرنسية التي يقودها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والذي وصل مساء أمس إلى المملكة واستقبله ولي العهد محمد بن سلمان. كذلك الأمر بالنسبة للدور الروسي، الذي يرفض التدّخلات السعودية بالشؤون اللبنانية، لا سيّما بعد تكرار زاسبيكين مواقفه بأن مسألة الحكومة اللبنانية ومن يتمثّل بها هو شأن داخلي لبناني، وأن إصرار السعودية على عدم مشاركة حزب الله في الحكومة يؤكّد أهمية دور الحزب.
ورفضت المتحدّثة باسم الخارجية الأميركية هيذر ناورت، أثناء حديثها عن اتصال الوزير ريكس تيلرسون بنظيره السعودي عادل الجبير، الكشف عن موقع اجتماع الحريري بالقائم بالأعمال الأميركي في الرياض، واصفةً المحادثات بأنها «حساسة وخاصة ودبلوماسية».
من جهة ثانية، وأمام الضغط السعودي على عائلة الرئيس رفيق الحريري للتخلّي عن الرئيس الحريري و«مبايعة» شقيقه بهاء في السعودية، بات محسوماً أن ردّ عائلة الحريري جاء سلبيّاً في مقابل الطرح السعودي، مع تمسّك العائلة بالرئيس سعد الحريري وانتظار عودته إلى لبنان. وهذا الأمر أكّده أمس أكثر من مرجع رسمي لـ«الأخبار»، قائلين إنه «تم قطع الطريق على بهاء والعائلة رفضت الذهاب إلى السعودية».
بدوره، أكّد الوزير جبران باسيل أننا «دفعنا ثمناً غالياً للفراغ في البلد لنأتي بحاكم يمثلنا، وبرئيس جمهورية وبرئيس حكومة يمثلوننا، نحن اخترناهم ونحن نبقيهم ولا أحد يزيلهم من عندنا».