IMLebanon

العسيري يتوقّع رئيساً خلال شهرين

 

أضحى حوار تيار المستقبل ـ حزب الله حدثاً خبأ تحته الاستحقاقات المعلقة التي تخلفها 2014 للسنة الجديدة، وأخصّها انتخاب الرئيس. ومع أن خلاف الطرفين على الاستحقاق يتخطى سواه، يُنظر إلى حوارهما كتوطئة له

نقولا ناصيف

في انتظار موعد الجولة الثانية مطلع السنة الجديدة للخوض في جدول الأعمال، يتحول الحوار بين تيار المستقبل وحزب الله يوماً تلو آخر إلى أكثر من مهم، وخصوصاً بالنسبة إلى فريقيه. في جعبة كل منهما كمٌّ من المؤشرات الإقليمية الإيجابية، تنبئه بضرورة المضي فيه بلا عراقيل، ما يرجّح إطالة أمده، وإن أبطأ في التوصل إلى نتائج ملموسة. يذهب معنيون رئيسيون بالحوار في القول إنه لن يتوقف إلى أن يُنتخب رئيس للجمهورية، من دون أن يعني ذلك أن الفريقين السنّي والشيعي هما مَن يقرّر الرئيس.

يرتكز بعض المؤشرات تلك، المشجعة لإطلاق الحوار والحرص على استمراره، على الآتي:

1 ـــ مناخات إيجابية يشيعها السفير السعودي في بيروت علي عواض العسيري في لقاءاته مسؤولين وشخصيات لبنانية، بينهم مَن فاجأه كلامه عن الاستحقاق الرئاسي وقوله إنه يتوقعه في غضون شهرين. لدى استقباله الرابطة المارونية قبل أسبوعين، أسهب في الحديث عن الوجود المسيحي في المنطقة، داعياً زائريه إلى الاضطلاع في مرحلة ما بعد الأعياد بدور يُسهم في جمع الزعماء الموارنة، مشيراً إلى أن حكومته تدعم «أي محاولة توقف الشرذمة المسيحية، وضرورة الاستعداد لمواجهة كل الذي أبصرناه من خطر على المسيحيين في المنطقة، وخصوصاً في العراق وسوريا، وما حل بهم تحت وطأة التهديدات». مازجاً بين الجزم والتمني، لاحظ العسيري أن الظروف تتجه إلى الافضل، ما يساعد على انتخاب الرئيس، وقال إنه يتوقعه خلال الشهرين المقبلين، بيد أنه أكد أن المملكة «ليست متفرجة وتعمل في جدية في سبيل انتخاب الرئيس».

لفته أمام محدثيه أيضاً تقدّم مهم في موقف الرئيس ميشال عون واستعداده لمناقشة الاستحقاق كما لو أنه تخلى عن تصلبه كمرشح، وبات في رأي السفير ــ وفق استنتاج الزوار إياهم ــ أكثر انفتاحاً على البحث في اسم سواه. في وقت لاحق تحدث العسيري إلى الوزير السابق فيصل كرامي، لدى عيادته والده الرئيس عمر كرامي، مبدياً مزيداً من الانفتاح بقوله إن التفاهم الداخلي يتسع للأفرقاء جميعاً. وهي إشارة واضحة إلى حضور آل كرامي في المعادلة السياسية السنّية في المرحلة المقبلة التي تنفي استبعاد أي فريق.

2 ــ زيارة رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع للرياض قبل أقل من أسبوعين، ومفاتحته هناك في الاستحقاق الرئاسي، إلى حد أن مسؤولاً سعودياً رفيعاً حدّثه في اسم مرشح بارز للرئاسة، سارع جعجع إلى تسجيل مآخذ عليه في معرض رفض تأييده، رغم معرفته بالعلاقة الوثيقة التي تربط المرشح بمسؤولين رفيعي المستوى في المملكة. إلا أن ذكر اسم المرشح بدا كفيلاً بإظهار رغبة الرياض في تحريك الاستحقاق وإخراجه من جموده. يلاقي هذا الموقف ما تشيعه الديبلوماسية السعودية عن استعداد المملكة للمساعدة على فصل انتخابات الرئاسة اللبنانية عن الملف السوري، وتوفير اوسع حيز من الاستقرار الداخلي لهذا البلد.

من مواقف عسيري إلى زيارة سرية لمسؤول إيراني، إشارات لاستعجال الاستحقاق

3 ـــ زيارة غير معلنة لمسؤول إيراني رفيع لبيروت قبل أيام، اقتصرت على اجتماعه بالأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله دون سواه من المسؤولين، بمن فيهم الرسميون، تناولت الموقف الإيراني من أحداث المنطقة ومن سوريا خصوصاً. أدرج مغزى الزيارة في بعض جوانبها في سياق موقف طهران من الاستحقاق الرئاسي الذي أبلغته إلى أكثر من جهة إقليمية ودولية معنية، عملت على خط الوساطة وبذل الجهود، وهو أنها ليست هي مَن يقرّر في انتخابات الرئاسة اللبنانية، بل حزب الله. ما قالته طهران لها أيضاً أنها هي مَن يصغي إلى الحزب في هذا الموضوع لا العكس.

تعكس المضامين التي انطوت عليها سلسلة المواقف هذه، أكثر من معطيات بناءة بلغت إلى فريقي الحوار الثنائي، وكان أول مَن تلقفها رئيس المجلس نبيه بري الذي عمل على تشجيعهما على الدخول في حوار يتوخى ــ إلى تنفيس الاحتقان المذهبي ــ الاقتراب أكثر من المؤشرات الإيجابية الإقليمية. وهو فحوى ما أفصح عنه المعنيون بالقول إن الحوار لن يتوقف قبل انتخاب الرئيس.

تعزّز هذا الاعتقاد خلاصة ما انتهى إليه الطرفان في الجولة الأولى من الحوار ــ وكانا في صدد وضع جدول الأعمال ــ بتوافقهما على مفهوم واحد تقريباً للإرهاب، كان من المتعذّر التوصل إليه في ظل إصرار حزب الله على استمرار انخراطه في الحرب السورية وإصرار تيار المستقبل في المقابل على دعم إسقاط نظام الرئيس بشار الأسد. أبرَزَ هذا التقارب قول وزير الداخلية نهاد المشنوق، في الجولة الأولى، إن الغطاء الذي أعطاه الرئيس سعد الحريري للجيش في أحداث عرسال وبحنين وطرابلس كفيل بأن يفسّر موقفه وتيار المستقبل من الإرهاب. ومن دون الخوض في تعريف مفهوم الإرهاب، أكد المشنوق ــ وهو الوزير المختص ــ أن كل خطر على الدولة أو الجيش هو إرهاب في ذاته يشمل كل مَن ينضوي تحت مظلته، سواء أكان تنظيم الدولة الإسلامية أم جبهة النصرة.