مساعد وزير الخارجية الأميركي ديفيد ساترفيلد، مقيم في بيروت منذ نحو أسبوع. مهّد لزيارة وزير الخارجية الأميركية ريكس تيلرسون، للبنان، وأُوكلت إليه مهمة تسويق «المبادرة الأميركية» بين بيروت وتل أبيب التي انتقل إليها، أمس، على أن يعود قريباً. خلاصة كلام تيلرسون، بعد مساعده، للبنانيين هي: «خط هوف» غير قابل للتجاوز
داود رمال
استكمل مساعد وزير الخارجية الأميركي ديفيد ساترفيلد، أمس، جولة المفاوضات التي بدأها في تل أبيب مطلع الأسبوع الماضي، وتابعها في بيروت منتصف الأسبوع نفسه، لحل «أزمة» الحدود بين لبنان وكيان العدو. ترافقه السفيرة الأميركية إليزابيت ريتشارد، التقى ساترفيلد أمس على التوالي كلاً من وزير الخارجية جبران باسيل، والرئيس نبيه بري، وتمحور البحث في الاجتماعين حول موضوع المنطقة الخاصة بلبنان والحدود البحرية و«الأفكار» الأميركية المقترحة لحل «الخلاف».
وفيما لم يصدر أي موقف عن وزير الخارجية، أصرّ بري خلال اللقاء على موقفه لجهة ترسيم الحدود البحرية عبر اللجنة الثلاثية المنبثقة من تفاهم نيسان 1996 على غرار ما حصل بالنسبة إلى الخط الأزرق، معتبراً أن المطروح (أميركياً) على لبنان «غير مقبول».
الورقة التي حملها ساترفيلد أمس، جاءت نسخة مكررة لتلك التي كان يضعها وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، في جيب سترته، أول من أمس، أثناء لقاءاته مع كل من رؤساء الجمهورية والمجلس النيابي والحكومة ونظيره اللبناني. على تلك الورقة، دوّن رئيس الدبلوماسية الأميركية «الأفكار ــ الرسائل»، وتعمد تظهير بعضها في المؤتمر الصحافي المشترك الذي عقده مع الرئيس سعد الحريري، خصوصاً ما يتعلق بالتركيز على حزب الله ونزع سلاحه وانسحابه من سوريا وتجفيف موارده المالية.
تيلرسون: الاقتراح القائم يعطي مكاسب للبنان قد لا تكون مضمونة في حالات أخرى
في ملف الحدود البحرية، كان لافتاً للانتباه أن تيلرسون حاول تسويق اقتراح المبعوث الأميركي الأسبق فريدريك هوف حول الخط البحري، الذي ورثه لاحقاً أموس هوكشتاين، مع تعديلات طفيفة، قبل أن تكلف الإدارة الأميركية الحالية، الديبلوماسي ساترفيلد، متابعة الملف البترولي «الحيوي» أميركياً، متسلحاً بالأفكار ذاتها التي ورثها من هوف وهوكشتاين.
فما هو ملخص ورقة تيلرسون التي أعاد تلاوتها في المقرات الرسمية الثلاثة؟
بعد تبادل المجاملات وعبارات الشكر، شدد تيلرسون على وجود «اقتراح (لم يذكر هوف بالاسم) يعمل (ساترفيلد) على إنجازه ونحن ندعمه مع استعدادنا للانفتاح والبحث بأي أفكار ومقترحات جديدة، علماً أن الاقتراح القائم يعطي مكاسب للبنان قد لا تكون مضمونة في حالات أخرى، أي من الممكن تطوير هذا الاقتراح وليس تجاوزه».
ثم انتقل للحديث عن المؤتمرات الداعمة للبنان، وقال: «أنتم مقبلون على مؤتمرات دولية لدعم بلدكم في مجالات متعددة، والولايات المتحدة الأميركية ستشارك في هذه المؤتمرات، ونبلغكم رغبتنا في إنجاحها جميعها، ومن مصلحة لبنان ألّا يكون هناك ملاحظات جوهرية وجدية لدى الدول المشاركة حول واقع حزب الله، لأن وجود السلاح خارج الدولة قد يكون سبباً لتحفظات تخفض من اندفاعة هذه الدول ورغبتها في المساعدة، ونحن نريد دعم لبنان سياسياً ومادياً ومعنوياً، لأنه بلد ديمقراطي، ولكننا نريده خالياً من أي نفوذ خارجي».
وعند التدرج في طرح النقاط في الورقة، أعاد تيلرسون تأكيد «دعم الجيش اللبناني لأنه القوة الأمنية الشرعية الوحيدة لحماية لبنان، وأثبت جدارته وكفاءته، وعلينا أن نقف إلى جانبه وتوفير المعدات والخبرات اللازمة له، وسنطلب من الدول المانحة المساهمة بدعم الجيش».
بعدها تحدث عن الأوضاع في المنطقة، وأشار تيلرسون إلى «أن الولايات المتحدة الأميركية تشجع على اعتماد سياسة النأي بالنفس، ويجب أن يبقى لبنان بعيداً من التجاذبات في المنطقة، فبلدكم يملك دوراً وحضوراً لا يجوز لأي شيء أن يؤثر فيهما، صحيح أن الأوضاع شائكة ومعقدة بعض الشيء، ومنها الوضع حول الحدود، لكن يجب العمل لإيجاد حل لها، وهناك أحداث في المنطقة هي مصدر قلقنا، والدور الإيراني في المنطقة يقلقنا وخصوصاً في سوريا ولبنان».
كرر تيلرسون أكثر من مرة القول «إن لبنان وأميركا يلتقيان على قيم واحدة، وهناك قلق على الوضع في لبنان، ومن مصلحة لبنان تبديد هذا القلق، ولا سيما أنه على عتبة مستقبل (نفطي) مزدهر جداً».
في تصوره للوضع على الحدود الجنوبية، قال تيلرسون بصريح العبارة: «أريد أن تكون هناك معالجة للخط الأزرق (الحدود البرية) وللخط الأبيض (الحدود البحرية) مدخلاً لحلحلة الوضع، وما قدم من مقترح أميركي سابق ما زال قائماً في هذا المجال، وهو مناسب لإيجاد حل، كذلك إن مصلحة لبنان تتأمن بمثل حل كهذا مع انفتاح على الاقتراحات التي يمكن أن تقدم، ونحن نشجع أي تسوية يمكن التوصل إليها».
في ختام مداخلاته مع الرؤساء الثلاثة، أعاد تيلرسون تأكيد استمرار «دعم» بلاده للبنان اقتصادياً، «فنحن نريد لبلدكم أن يشرق مستقبله من جديد، والشركات الأميركية كما الأوروبية وغيرها ستساهم في الاستثمار في لبنان» (في إشارة إلى الرغبة الأميركية في حصة استثمارية وازنة في الثروة النفطية والغازية).