سياسة
وفيق قانصوه
التباسات قانون الانتخاب «المسلوق» لا تنتهي، حتى الى ما قبل أيام قليلة من توجّه الناخبين الى أقلام الاقتراع الأحد المقبل. فيما تعميمات وزارة الداخلية تزيد الطين بلة، وتفتح باب الاجتهادات والاجتهادات المضادة. شروط «حقلة» القانون غير الواضحة، توحي بأن «الخناقة» آتية على «بيدر» صناديق الاقتراع. والأسوأ، ربما، أثناء عمليات الفرز.
في آخر هذه الالتباسات التعميم الرقم 6 الصادر عن وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، في 16 نيسان المنصرم، حول «الشروط المطلوبة للحصول على تصاريح الدخول الى أقلام الاقتراع». يذكّر التعميم المذكور، في بدايته، بالمادة 90 من قانون الانتخاب التي تنصّ على انه «يحق لكل مرشح ضمن لائحة أن ينتدب عنه ناخبين من الدائرة لدخول قلم الاقتراع بمعدل:
مندوب ثابت على الأكثر لكل قلم اقتراع.
ويحق للائحة أن تختار مندوبين متجولين من بين ناخبي الدائرة لدخول جميع الأقلام، وذلك بمعدل مندوب واحد لكل قلمين من أقلام الاقتراع في القرى، ومندوب واحد لكل ثلاثة أقلام اقتراع في المدن».
والواضح في هذا النص أن المادة 90 تفصل بوضوح بين المندوب الثابت والمندوب المتجول، فالأول، الثابت، يعود للمرشح والثاني، المتجول، يعود للائحة. رغم ذلك، فإن وزير الداخلية يطلب في التعميم نفسه، من المحافظين والقائمقامين، في منح تصاريح الدخول الى أقلام الاقتراع، اعتبار «اللائحة وكأنها مرشح واحد، وتطبّق عليها كافة الأمور التي تطبّق على سائر المرشحين، وذلك بمعزل عن التصاريح التي يقدّمها المرشح بصفته الشخصية، وتعتبر لائحة تلك التي تجمع ثلاثة مرشحين على الأقل».
التباس التعميم مصدره، على ما يبدو، الالتباس بين المادتين 90 و100 من قانون الانتخاب. إذ أن المادة 100 تنص على ما يأتي: «بعد ختام عملية الاقتراع، يُقفل باب الاقتراع ولا يُسمح بالبقاء داخل القلم الا لهيئة القلم ومندوبي اللوائح الثابتين و/أو المتجولين والمراقبين المعتمدين وممثلي وسائل الاعلام الحائزين على تصريح…». وهي، هنا، تتحدث عن مندوبين ثابتين للوائح، فيما المادة 90 تنص صراحة على أن للائحة مندوبين متجولين فقط!
تعميم للداخلية قد يفتح باباً واسعاً للطعن في عمليات الفرز ونتائجها
أكثر من ذلك، تنص المادة 100، في مكان آخر، بوضوح، على ما يأتي: «يفتح الرئيس (رئيس القلم) كل ورقة على حدة، يقرأ بصوت عال إسم كل لائحة تم الاقتراع لها من قبل الناخبين، ومن ثم اسم المرشح الذي حصل على الاصوات التفضيلية في كل لائحة، وذلك تحت الرقابة الفعلية للمرشحين أو مندوبيهم، والمراقبين المعتمدين في حال وجودهم». وفي هذا إشارة صريحة إلى ان عمليات الفرز يجب أن تجري في حضور مندوب المرشح وليس مندوب اللائحة. ولا يمكن، بحسب تعميم المشنوق، اعتبار اللائحة مرشحاً كونها شخصية معنوية.
قد يكون مردّ التعميم الصادر عن الداخلية تفادي الازدحام الذي يمكن أن يسبّبه وجود مندوب عن كل مرشح في كل قلم اقتراع. ففي دائرة بيروت الثانية، مثلاً، يتنافس 83 مرشحاً من تسع لوائح (بعضها غير مكتمل) على 11 مقعداً. يعني ذلك أن عمليات فرز الأصوات يجب أن تجري في حضور 83 مندوباً، إضافة الى أعضاء هيئة القلم وممثلي وسائل الاعلام، مع ما قد يثيره من فوضى وما يمكن أن يتسبّب به من تأخير في عمليات الفرز وجود هذا العدد من الناس داخل القلم. في المقابل، وفي دوائر أخرى، كالزهراني مثلاً، هناك لائحتان متنافستان، ما يعني انه يحق لمندوبين اثنين فقط حضور فرز الأصوات. وهذا يفتح مجالاً للتشكيك في ذمة أحد المندوبين أو اتهامه بالوقوع ضحية إغراءات اللائحة المنافسة.
تعميم المشنوق، بحسب قانونيين، قد يفتح باباً واسعاً للطعن في عمليات الفرز وفي نتائجها. ولن يكون ذلك بين مرشحي اللوائح المتنافسة فحسب، وإنما أيضاً بين مرشحي اللائحة الواحدة، خصوصاً في ظل التحالفات الهجينة في معظم الدوائر، مما لا يمكن معه اعتبار اللائحة مرشحاً كما ورد في التعميم، وكذلك في ظل التنافس على الصوت التفضيلي حتى بين أبناء الحزب والخط السياسي الواحد.
من ملف : انتخابات 2018: «الخناقة» آتية في عمليات الفرز