يُشبه منزل الموقوف عماد ياسين منازل باقي أهل مخيم عين الحلوة الفقيرة. في أحد زواريب حي الطوارئ الضيقة، يقطن من يُتّهم بأنه أمير تنظيم «الدولة الإسلامية» في أكبر المخيمات الفلسطينية في لبنان. في الزقاق نفسه، حيث اختطفته قوة خاصة من الجيش قبل أكثر من شهر، يقف زوج شقيقته منال، مشيراً إلى «المرصد» الذي اتخذته المخابرات لمراقبة «أبو هشام». اعتاد الرجل سلوك هذا الطريق، في تمام الثانية عشرة والنصف من ظهر كل يوم، قاصداً المسجد. يرشدنا زوج شقيقة ياسين إلى أحد الشبابيك الصغيرة حيث كان «المُخبر» يختبئ لرصد حركة نسيبه. يتحلق حولنا عدد من شبان حي الطوارئ، بينهم أحد أبناء الموقوف. يستعيدون دقائق ذلك النهار التي مرت سريعاً. يُجمع الشبان على أن ياسين كان شخصاً عادياً، ويقول أحدهم لـ«الأخبار» إن «أبو هشام» كان يتنقل وحده، متسائلاً: «أمير لداعش وليس لديه مرافق واحد؟»، مستنكرين ما جرى. يذكر رجل أشيب أن «ياسين يوم نشر الإعلام أنه أمير داعش في المخيم ضحِك كثيراً. وأبلغ مشايخ العصبة أنه أحرص منهم على أمن المخيم، وأن التُهم مفبركة».
وينقل عن أحد قادة «العصبة» قوله إن «مخابرات الجيش أخبروه أن ما نُشر حكي إعلام، وأن الموضوع انتهى، لنُفاجأ بحادثة الخطف». ويضيف: «عندما طلبنا من عماد ياسين توخي الحذر، أجاب: لم أفعل شيئاً، فلماذا أخاف؟».
على بُعد أمتار قليلة، يقع منزل ياسين في الطبقة الثانية من مبنى متهالك، رافقنا إليه أحد أبنائه.
في غرفة الاستقبال، يتحلّق أفراد عائلة أحد أشهر الموقوفين في الأشهر الأخيرة. لياسين أربعة أبناء، أكبرهم عمره 24 عاماً (هشام وأحمد ويحيى وآية). بين الحاضرين نسوة عدة، إحداهن ترتدي نقاباً لا يُظهر سوى عينيها. حنان الصرّيف، أو «أم هشام» كما تقدم نفسها، قالت إن العائلة ممنوعة من زيارة زوجها والاطمئنان على صحته منذ توقيفه. وتضيف: «مرّ شهر وأسبوع على توقيفه ولم نتمكن نحن أو محاميه أنطوان نعمة من رؤيته. ولم يره القضاة حتى»، فيما قابله مندوب الصليب الأحمر من بعيد وتحدث إليه بالاشارة. تتخوف «أم هشام» من أن يكون زوجها قد تعرض لضرب مبرح وتدهورت صحته، ما قد يكون سبباً في تأخير إحالته إلى القضاء. وتؤكد أنه بريء من التهم التي نُسبت إليه. تتدخل شقيقته منال: «حمّلوه كل شي لأنو صار عندن. لم تبق جريمة في لبنان لم يُتّهم فيها».
تؤكد «أم هشام» أن زوجها كان يعيش كالسجين في المخيم، وهو بقي حبيس المنزل لسنوات، منذ تعرضه لمحاولة اغتيال عام 2008 بعبوة ناسفة بالقرب من روضة البهاء في المخيم: «خرجت أمعاؤه نتيجة الإصابة التي أقعدته في المنزل. ولم يكن يخرج سوى الى المسجد». وتلفت الى أنه «أصيب بحالة إحباط منذ عدة أشهر بعد وفاة شقيقي أحمد الصرّيف الذي كان من أكثر المقربين اليه».
تؤكد إحدى السيدات أن ياسين «كان يعمل سنكرياً، ولم يغادر المخيم منذ 25 عاماً. وقد أحرق عناصر من فتح منزله في حي صفوريه عام 2004، فأصيب بحروق في قدميه».
ماذا عن انتمائه لتنظيم «الدولة الإسلامية»؟ الجواب هو النفي التام.
وماذا عن علاقته بهلال هلال وعبد فضة وباقي أفراد خلية ياسين؟ تؤكد الزوجة أنها لم تسمع بهذه لأسماء إلا قبل توقيف زوجها بأسابيع.
ماذا عن اتصالاته وأين هاتفه الخلوي وحاسوبه المحمول؟ ومع من كان يتواصل؟
تجيب الزوجة: «العائلة كلها كانت تستخدم الهاتف نفسه، ولم يكن يستعمله سوى للاتصال بابنته المقيمة في بيروت أو بابنه الذي يعمل خارج المخيم».
في المقابل، تؤكد مصادر أمنية لـ«الأخبار» أن ياسين أُحيل على القضاء العسكري في الثامن عشر من الشهر الجاري، تاريخ صدور بيان مديرية التوجيه في الجيش حول اعترافاته. وإذ أكدت مصادر الجيش أن ياسين لا يزال موقوفاً في عهدة مديرية المخابرات، لفتت إلى أن أي قرار في شأنه مرهون بيد القضاء حصراً، مرجّحة أن احتمال عدم السماح لعائلته بزيارته سببه أنه لم يُستجوب أولياً بعد من قبل قاضي التحقيق العسكري.
أما المحامي أنطوان نعمة الذي تريد عائلة ياسين تكليفه بالدفاع عنه، فيعلق قائلاً: «المراجع المختصة ردّت علينا بالقول إنها أرجأت الأمور إلى الأسابيع المقبلة بسبب الظروف الأمنية الدقيقة التي تمر بها البلاد».