ارتكب الرئيس المصري السابق حسني مبارك الكثير من الأخطاء الجسيمة بحق نفسه وأسرته ووطنه وأمته، ولكن بعد حكمه الطويل الذي ناهز ثلاثة عقود، وتجاربه المريرة مع الخارج لا سيما مع الولايات المتحدة الأميركية، نطق بحكمته الخالدة التي تلخص تجربته وتجارب أقرانه في المنطقة العربية، بقوله: المتغطي بالأميركان عريان! ويثبت الزمن صحة هذه المقولة قبل عهد مبارك وخلاله وبعده، ليس في مصر وحدها، وانما على امتداد العالم العربي والشرق الأوسط والعالم بأسره!
الاستراتيجية الأميركية في العالم ثابتة وهدفها الأخير الهيمنة على مقدرات العالم بالسياستين الخشنة والناعمة بحسب الظروف وبحسابات أيهما أجدى. ومن تنجح في اخضاعه تضمّه الى محورها، ومن تفشل معه تعمل على تدميره بكل الوسائل المتاحة على قاعدة: من ليس معنا فهو ضدّنا! أما الدبلوماسية الأميركية فهي متغيّرة، وترتدي لبوس الحالة الراهنة، وتعتمد النهج البراغماتي الواقعي، وعندما تتعب الأحصنة وتفقد جدواها تتخلّى عنها أو تطلق عليها رصاصة الرحمة!.. ولعل هذا ما قصده الرئيس حسني مبارك بقوله: المتغطي بالأميركان عريان!
اكتشفت الدبلوماسية الأميركية كنزها الحقيقي في افغانستان. وكان القرار الأميركي قبل ذلك، ارسال الجيوش الأميركية وحاملات الطائرات وأفتك ما في الترسانة الأميركية، الى أرض العدو لاخضاعه بالقوة العسكرية، كما حدث في اليابان وكوريا وفيتنام وغيرها. في افغانستان اكتشفت الدبلوماسية الأميركية امكانية تجنيد الآخرين وحملهم على خوض حروب أميركا على أرض أعداء أميركا بالنيابة عنها! وكان نموذج تلك التجربة المذهلة أسامة بن لادن! وهنا فقط فهمت الدبلوماسية الأميركية سرّ الحكمة اليهودية أغيار يقتلون أغيارا!
… وهذا ما تفعله الولايات الأميركية اليوم في طول المنطقة العربية وعرضها، ونجحت فيه على نطاق واسع، منذ اندلاع ما يسمّى ب الربيع العربي، منذ العام ٢٠١١ والى يومنا هذا. وتعمل أميركا اليوم على تقديم السلاح الأميركي الى كل من يطلبه في المنطقة، وتكتفي بالبقاء على الشرفة للفرجة والمراقبة! واذا تراجع أحد أفرقاء الصراع فانها تقدم اليه هدايا السلاح للابقاء على نيران الحروب مشتعلة! وهذا ما فعلته في العراق، وفي سوريا، وفي ليبيا امتدادا الى سيناء! وهذا ما تفعله اليوم في اليمن!