لا شيء يوحي أن اللعبة في سوريا بما فيها دور داعش تقترب من النهاية. لا النقلة النوعية في الدعم العسكري الروسي للنظام. ولا التصعيد على جبهات الحرب. لا تأييد مجلس الأمن لتحرك الموفد الدولي ستيفان دي ميستورا وخارطة الطريق التي رسمها للتوصل الى حل سياسي عبر حوار بين أربع مجموعات من النظام والمعارضين وإشراف من مجموعة اتصال اقليمية ودولية. ولا اضطرار اوروبا للحديث عن الحاجة الى حل لأساس المشكلة بعد تدفق اللاجئين السوريين عليها.
ذلك ان الرئيس فلاديمير بوتين الذي قرر النزول على الأرض عسكرياً، يدعو الى تشكيل ائتلاف واسع لمحاربة داعش. ومتى؟ بعد عام على تشكيل تحالف اقليمي – دولي بقيادة أميركا للحرب على داعش وقيامه بعمليات جوية محدودة. لماذا؟ بسبب الخلاف على الأولويات ومن يضم التحالف. موسكو تريد ضم دمشق وطهران الى الائتلاف وترى أن الجيش السوري هو القوة الوحيدة المؤهلة لقتال داعش على الأرض. وواشنطن ترفض أي دور لايران والنظام السوري. فضلاً عن ان المعادلة عند الرئيس بوتين هي نفسها عند الرئيس بشار الأسد. لا امكان لحل سياسي الا بعد هزيمة الارهابيين. والمعاملة عند الرئيس باراك اوباما هي: لا اسقاط لداعش من دون ضمان البديل، ولا نجاح للحرب على الارهاب من دون حل سياسي في سوريا.
لكن حجم الوجود العسكري الروسي في سوريا يبقى أقل بكثير مما تتطلبه الحرب على داعش، بما يعني ان للنقلة النوعية في حسابات بوتين أكثر من هدف بين معلن وخفي. واذا كان اوباما يرى ان استراتيجية بوتين في سوريا محكومة بالفشل، فإن سياسته حققت الفشل عملياً. واذا كانت واشنطن تضع دعم روسيا للنظام بالسلاح في خانة إطالة الحرب، فإن موسكو ودمشق تكرران المطالبة بالتوقف عن تسليح المعارضين لانهاء الحرب.
لكن الفشل في قاموس كل من روسيا وأميركا يختلف عن الفشل في قواميس المنطقة. فالفشل الروسي في نظر أميركا هو العمل من خارج المصالح المشتركة ولو كان ناجحاً. والفشل الأميركي في نظر روسيا هو الانفراد بادارة النظام الاقليمي وترك موسكو على الهامش. حتى تفتيت بلدان المنطقة فإنه نجاح وليس فشلاً بالنسبة الى روسيا وأميركا، ما دام يحفظ مصالحهما الحيوية. وهذا النجاح هو قمة الفشل بالنسبة الينا.
وما يفعله كل الذين يتحدثون عن محاربة داعش ليس اشارة، حتى اشعار آخر، الى الجدية في مواجهة القوى الظلامية والارهاب التكفيري.