IMLebanon

طوفان الأقصى… نتنياهو بين نهايته ونهاية كيانه

 

 

لعلّه المأزق الأكبر الذي يعيشه الكيان ككُل منذ اغتصابه لأرض فلسطين باعترافه، ولعلّه الحِمل الأكبر الذي وضعه الرأي العام “الإسرائيلي” على عاتق نتنياهو وحكومته، ولعلّها المسؤولية الكبرى التي حمَّلها رئيس وزراء العدو لجيشه المهزوم معنوياً، والتي تفوق قدرته وفقاً للمعطيات الميدانية…

 

وَقَعَ حدث السابع من تشرين الأول على “الإسرائيلي” كالصاعقة ، ووضع نتنياهو أمام تحديات صعبة أمام الرأي العام الداخلي قبل الخارجي، فوَجَدَ نفسه بين خيارات أحلاها مُرْ، حتى الدعم الأميركي والغربي له يحمل معه المزيد من الضغط عليه، ويضعه أمام مسؤوليات تفوق قدرته على تحمّلها، في ظل وضع كيانه الحالي الذي لم يَكفه اهتزازه الداخلي حتى جاءته المقاومة الفلسطينية لتُدمِّر صورته أمام الرأي العام العالمي.

 

هذه الصورة وضعت نتنياهو أمام خيارات صعبة، تقول مصادر متابعة، فمشكلته في الداخل أنهم يحمِّلونه المسؤولية ويطالبونه بإنهاء تهديد حماس في قطاع غزة، لأنهم لن يعودوا الى غلاف غزة إذا كانت حماس لا تزال موجودة، طلبٌ يدرك نتنياهو أبعاده لانه يعني حرباً إقليمية يَعجز عن الوقوع بها لأنها تفوق قدرته، خاصة وأن المطلوب منه أميركياً وأوروبياً إعادة هيبة “إسرائيل” ومكانتها، وتثبيت نفسها لأنها تُمثِّل مصالحهم، والإكتفاء بمنحها تأييد منقطع النظير كما قال، إلا أن ذلك لا يعني الدخول معها في الحرب إذا توسّعت. فهل يستطيع جيشه الدخول الى غزة والوقوف بوجه حماس قبل أن يواجِه المحور بأكمله الخطوة الضابطة لحركته؟ سؤال يَشغل بال رئيس وزراء العدو بكل تأكيد…

 

يَعلم نتنياهو أن مصيره مرتبط بنتائج هذه المعركة وبالتالي مصير كيانه، فيَضع أمامه السيناريوهات الممكنة في هذه المعركة، والتي تأتي على شكل أسئلة تتعلق بالدخول برياً الى غزة، هل يستطيع حسم معارك الغلاف قبل ذلك؟ وإذا وصل الى حدود غزة هل ستسمح له المقاومة الفلسطينية بكل فصائلها بالدخول؟ وإذا اعتمد سياسة الأرض المحروقة هل سيسمح له محور المقاومة بالتمادي بقصفه والاستفراد بالقطاع ومقاومته؟ وبخاصة أن المحور لديه التزام أمام المقاومة الفلسطينية بموقف ممكن أن يؤدي الى تصعيد كبير.

 

وقبل ذلك، صحيح أن العدو الإسرائيلي من البداية اعتمد سياسة التضليل الإعلامي غربياً لتشويه صورة حماس ونيل تعاطف الرأي العام الدولي، وانتهز الفرصة لارتكاب المجازر بالشعب الفلسطيني في غزة دون حسيب أو رقيب، إلا أن بعد بدء ظهور الحقائق شيئاً فشيئاً، فَقَدَ هذا الاحتضان لأن انتشار صوَر أطفال غزة الذين قتلتهم آلة الإجرام الصهيوني بدأ يزعجهم دولياً، وساءت الخيارات أكثر مما كانت في الأساس…

 

فالعمل البري مُكلِف جداً لدى الصهاينة، تؤكد المصادر، ومن الصعب على قيادة العدو تحمُّله، وبخاصة أن نتائجه غير مضمونة إن لناحية القدرة على إجتياح غزة بمواجهة ٤٠ ألف مقاتلا لكتائب القسام فقط، دون حركات المقاومة الأخرى داخل القطاع، أو إن حصل خرق ما بعد ارتكاب المزيد من المجازر، لدرجة إفراغ القطاع من ساكنيه وتدمير البنية العسكرية لحماس، فهنا عليهم النظر جيداً الى بقية جبهات المحور التي لن تسكت ولن تسمح لا بالإبادة ولا بكسر حماس، فهل سيستطيع العدو مواجهة عدة جبهات وبخاصة أن التدخل الأميركي المباشر حتى اللحظة غير معروف؟!…

 

هنا تكمن العقدة الأساسية، فنتنياهو لا يمكنه التراجع إلا بتحقيق هدف يُقنع الرأي العام داخل الكيان وخارجه، وإلا يعتبرونه فشِل، ومحور المقاومة لديه “لا” جازمة بعدم كسر المقاومة في فلسطين… وهنا يكمن التحدي الأكبر ويجعل العدو يعيد حساباته بشكل دائم وعند كل خطوة يُفكِّر أن يُقدِم عليها.

 

إذاً، أصعب ما يَمر به نتنياهو أنه لا يملك خيارات سوى تحقيق إنجاز يَصعب عليه في الواقع، وإلا ستكون كارثة عليه وعلى الكيان، فأي عملية عسكرية تُمكِّن حماس من إعادة بناء أو تطوير قدراتها تُعتبر انتكاسة لـ “إسرائيل”، فما بين إنهاء حماس وإعادة صورة الكيان القديمة يعيش رئيس وزراء العدو هذه الأيام يبحث عن مَخارج وخدع، علَّها تنقذه من مأزقه الذي يغرق فيه يوماً بعد يوم، ويُنهي مسيرته السياسية بخسارة تاريخية تؤدي الى إنهاء الكيان…