يعود الفضل في نحت وتأصيل مصطلح «الحرب الكاشفة» الى اللواء «فايز الدويري»، ولأن توضيح المصطلح جزء من تبيان المقصود.
أنه وعلى رأيه ان «طوفان الأقصى» بتداعياته ومنذ السابع من أكتوبر حتى الآن أزاح القناع في البُعدين السياسي والعسكري عن العالم وإسرائيل وحماس وأن الحرب التي تشنّها إسرائيل على غزة عرّت ديمقراطيتها الزائفة وجيشها الذي لا يقهر وأظهرته مجموعة مرتزقة إجرامية بعيدة عن الروح العسكرية ومعاني الجندية، وأن الكلمة الفصل للميدان حيث ستخرج المقاومة وقد نبتت من ملحمة صمود صندوقها الأسود «الأنفاق» الى رحابة الانتصار على قاعدة ما لم يهزم الضعيف فهو منتصر وما لم ينتصر القوي فهو منهزم فارضة شروطها الممكنة فوق الطاولة التي أرادت استثنائها بالحديث عما بعد «حماس والمقاومة».
لكن ومع استمرار الأهداف العالية للحكومة الإسرائيلية المتطرفة فوق شجرة الأمنيات الحالمة تهزّها عواصف الفشل والإرباك عن تحقيق أية نتائج سياسية وعسكرية تقدم لجمهورها الفاشي المتعطش للدماء على وقع صحوة جماهيرية عالمية هادرة إضطرت «بايدن» تحذير نفسه وإسرائيل التي وصف حكومتها الحالية بالأكثر تطرفاً في تاريخها من مغبة تحوّل الرأي العام الدولي نفسه على إدارتيهما.
وحتى ذلك الحين ومع قرار مجلس الأمن الدولي رقم (2720) الهزيل ستشهد غزة المزيد من التوحش في إدارة التوحش وارتكاب الفظاعات فالواضح ازدياد همجية الجيش الإسرائيلي مع كل فشل له في الميدان.
ولفهم السياسة الأميركية وعلاقتها بإسرائيل وبأدواتها الأخرى في منطقة الشرق الأوسط تتطلب بعض التفكيك المعرفي من خلال الربط بين «هل حياة العصفور في الجبل هي ضرورية لحياة السمكة في البحر؟». من حيث الشكل لا ترابط. لكن عندما يتم تفكيك التركيب المعرفي استناد الى الوظيفة البيئية لكل منهما، نرى ان سبب بقائهما مرتبط جدلياً.
نفس العنوان الإشكالي يواجه المعضلة الفلسطينية بشكل عام والغزاوية بشكل خاص في التعاطي معها من حيث الترابط الوجودي بين المصالح الاستعمارية الغربية وادواتها في المنطقة في عالم تسيطر عليه «الصهيونية».
الشرق الأوسط في قلب متاهة يلزمها أكثر من منطق تفكيكي لفهمها وأكثر من آخر تركيبي لحلّها ولإعادة تشكيلها، من المعلوم ان الوسيط هو شخص نزيه ومحايد وهذا ما لا ينطبق على الإدارات الأميركية المتصهينة المتعاقبة بشهادة تاريخ استفراد رعايتها شؤون التسوية ومسار أوسلو الذي يضع المنطقة دائماً على حافة الهاوية.
وأمام تعنّت واشنطن بمعارضتها الدائمة صدور قرار بوقف فوري لإطلاق النار كان تصريح رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني معبّراً قائلاً: يجب أن يكون هناك وقف لإطلاق النار في غزة، وهذه أول مرة على الأقل في حياتي أرى فيها الدعوة لوقف إطلاق النار تصبح قضية مثيرة للجدل.
نائب المندوبة الأميركية في مجلس الأمن روبرت وود وبتناقض تام قال في الاجتماع ما قبل الأخير لمجلس الأمن: ندعم بقوة السلام الدائم لكن لا نؤيد الدعوات إلى وقف فوري لإطلاق النار.
في الجهة المقابلة كان آداء المندوبين العرب والمسلمين في أروقة مجلس الأمن مجالاً لسردية السلام العربية الهزيلة مع الاحتلال.
الدول الكبرى الأخرى لديها الكثير مما يمكن أن تفعله لكنها بالتأكيد لن تخوض بنفسها حرب فلسطين.
المفكرة التركية «ايجين اوغلو» وصفت سكان غزة بأشجع أهل الأرض. وهم يظهرون أفضل نسخة إنسانية على الإطلاق، ومن لم يرَ إشارات النصر الغزاوية هذه فهو أعمى البصر والبصيرة.
وعليه على القوى الصامتة والمترددة في المنطقة والعالم الكفّ عن تقمّص دور (أبي رغال) مستوجب اللعنات وألا يكونوا باستمرار الرجل المفلس كاليد المكسورة لا يمكنك فعل شيء بها ولسان حالهم: هذه جرائم حرب مروعة هل يمكن تخفيف عدد المجازر والضحايا؟ وهل يمكن للجنائية الدولية والصليب الأحمر التحرك فسكان غزة جائعون ونأمل أن يسمح لنا السيد نتنياهو بفرصة تقديم الأكفان وبعض والمعلبات المنتهية الصلاحية، وقد تكدّست على معبر الانتظار «رفح» على حدود الشقيقة الكبرى.
على العالم الحرّ البناء على الصمود الفلسطيني شعباً ومقاومة وإعلام وقول كفى ولمرة واحدة ونهائية للعدوان الصهيو-أميركي.
* كاتب صحفي ومحلل سياسي