كثر الجدل حول عملية «طوفان الأقصى»، فانقسم الناس بين من يرى فيها مكاسب كثيرة وكبيرة، ويختصرها بجملة واحدة ان هذه العملية أعادت القضية الفلسطينية الى الواجهة، إذ بعد «اتفاق أوسلو» في 13 أيلول 1993 ولغاية بدء العملية شعرنا بأنّ القضية الفلسطينية أصبحت مَنْسيّة، لا بل أصبحت قضية من التاريخ. خصوصاً ان إسرائيل لم تلتزم بأي بند من بنودها، وعلى سبيل المثال نبدأ أولاً:
ماذا عن بناء المستوطنات… هل توقفت العملية؟ طبعاً كلا، بل العكس ازدادت بشكل غير طبيعي.
ثانياً: ماذا عن القدس؟
ثالثاً: ماذا عن المسجد الأقصى؟ وكيف يتصرف اليهود بمنع الفلسطينيين من أهل السنّة من ممارسة الصلاة؟ بالاضافة الى ما يجري في القدس من اعتداءات يومية على الفلسطينيين الذين يرفضون مغادرة القدس، الى موضوع عدم السماح للفلسطينيين بأن يبنوا أي منزل، وتهجير بعض المواطنين بقوّة السلاح والجرافات.
رابعاً: منذ اليوم الأول لتوقيع «اتفاق أوسلو» لم يحصل الفلسطينيون على دولة، بل على دولة وهمية على الورق مع وقف التنفيذ، إذ ان إسرائيل لم تلتزم بشيء.
هذا ما يجري في فلسطين… أي في الضفة والقدس.
اما ما يجري في غزّة فهو أصعب، وأكثر ظلماً. إذ مُنِعت السلطة من بناء مطار ومرفأ، وبقيت الوعود وعوداً ولكن من دون تنفيذ، ويكفي ان بناء المستعمرات المحيطة بغزّة يفرض حصاراً، وهي التي تبلغ مساحتها 360 كيلومتراً تقريباً بوجود 42 مستعمرة.
أمام هذا الواقع، رأت مجموعة من أبطال فلسطين ان الحل الوحيد هو التحرير… ولا يمكن أن يحصل الفلسطيني على شيء إلا بالقوة… ما يعني ان إسرائيل لن تتنازل عن إعطاء الفلسطيني حقه في الحياة إلاّ إذا أجبرت على ذلك.
أمام هذا الوضع الذي يمكن أن نتحدث عنه أياماً وسنوات، وأن تُكتب عنه مجلدات وأفلام سينمائية تعكس العذاب الذي يعانيه هذا الشعب المظلوم الصابر والمتمسّك بأرضه وبزيتونته، وتلك الام التي تتحدّى «البارودة» والمدفع الاسرائيلي بقولها: «سأبقى على إنجاب أبطال مهما قتلتم منا».
قبل أن أدخل في تعداد أرباح وخسائر عملية «طوفان الأقصى» لا بد من القول إنّ الثورات واسترجاع الأوطان والحريّة والاستقلال ثمنها دائماً غالٍ جداً، والأمثلة في التاريخ قائمة. ولنتذكر مثلاً كيف دمّرت لندن، وكيف دمّرت برلين وكيف دمّرت ستالينغراد.
باختصار أقول للذين يقولون إنه من أجل قتل 1200 في عملية «طوفان الأقصى» قتل الاسرائيليون 22 ألف مواطن منهم 8000 طفل و6000 كاهل، وهناك 50 ألف مفقود.. وتدمير %70 من بيوت ومباني وأبراج وكنائس وجوامع ومستشفيات ومدارس وجامعات غزّة. من سيدفع لإعادة بنائها؟
لهؤلاء أقول: إنّ استقلال غزّة وقيام دولة فلسطينية حرّة مستقلة عاصمتها القدس لا يقدّر بكل مال العالم، وإنّ الشعب الفلسطيني المعذب من 75 سنة يستحق أن يستعيد حرّيته وكرامته ويحق له أن يحكم نفسه بنفسه.
وأقول للذين يتحدثون عن «حماس» وارتباطها بالاخوان المسلمين، إنّ الرد الحقيقي هو في صندوق الاقتراع… دعوا الشعب الفلسطيني يختار من يريد… وهو حرّ وعلينا أن نقبل بنتائج الانتخابات، هذه هي الحال في كل العالم الحرّ.
وإنصافاً لـ»حماس» أقول: إنّ العرب يقولون الحقيقة لأوّل مرّة وإسرائيل تكذب… وهذا يؤكد أنّ «حماس» قالت الحقيقة لأنها ربحت المعركة وأنّ إسرائيل كذبت لأنها خسرتها.
وتأكيداً على ما أقول أيضاً فإنّ العالم كله بدأ يتحدث عن عملية «طوفان الأقصى» بصدق وشجاعة نادرين، وبدأت تعترف بأنّ ردّ فعل «حماس» والمقاومة الفلسطينية كان نتيجة لمعاناتهم، فتقارير الإعلام الاميركي تكاد لا تذكر أبداً أنّ الفلسطينيين في الضفة الغربية وغزّة يعيشون تحت الاحتلال العسكري الاسرائيلي، ويقوم الجنود الاسرائيليون يومياً باجتياح البلدات والقرى الفلسطينية واختطاف الرجال والنساء والأطفال وضربهم والتحكّم في حياتهم وانتقالاتهم وتدمير محاصيلهم والاعتداء عليهم وقصف بيوتهم وتدميرها.
وأحياناً يقوم الفلسطينيون ببعض ردود الفعل… لكن التقارير الأميركية لا تذكر ان ردود الفعل هذه جاءت رداً على العنف حسب القانون الدولي… هذه الأراضي هي أراضٍ محتلة وليست جزءاً من إسرائيل. وجنود إسرائيل هم جنود أجانب وقوات احتلال. الفلسطينيون يتعرضون يومياً للضرب والأذى والترويع لأنهم يعارضون مصادرة بيوتهم ومحاصيلهم. الاسرائيليون يدمرون المزارع والاشجار ومختلف سبل معيشة الفلسطينيين وبيوتهم تُهدم عاماً بعد عام ويوماً بعد يوم.
ومنذ «حرب الستة أيام» عام 1967 تم هدم ما يقرب من الـ50 ألف منزل علاوة على الغارات التي تشن يومياً.
وما يؤكد صدق «حماس» والمقاومة الفلسطينية عن تحقيق معجزة في حربها، نذكر مكاسب «طوفان الأقصى» حتى هذه اللحظة:
-1 لأول مرّة يسقط لدى العدو أكثر من 2500 قتيل.
-2 لأول مرّة يتم أسر أكثر من 250 بينهم رتب كبيرة جداً.
-3 لأول مرّة يتم تهجير نصف مليون من المستوطنين.
-4 لأول مرّة يتم الحصول على كنز معلومات «الموساد».
-5 لأول مرّة بدأت «حماس» بالهجوم ولم تكن المبادرة إسرائيلية.
-6 إسقاط مقولة الجيش الذي لا يُقهر الى غير رجعة.
-7 إسقاط حضارة الغرب الذي يدّعي الانسانية.
-8 إسقاط مخطط التطبيع.. وإسقاط ما يسمّى بالإبراهيمية.
9 – إسقاط المخطط المعروف بصفقة القرن وتهجير أهل غزة.
10 – إسقاط فكرة الوطن اليهودي وإظهار هشاشة ارتباطهم به.
11 – إسقاط الوحدة الداخلية عند العدو وزرع شرخ كبير بينهم.
12 – إسقاط المنظومة الإعلامية الصهيونية.
13 – إعادة قضية فلسطين إلى مكانته المحورية في الأمة.
14 – إحياء روح الجهاد في كل الأمة.
15 – تحقيق الوحدة الشعورية بين الأمة جمعاء.
16 – إظهار إنسانية تعامل المسلمين مع الأسرى.
17 – إعادة الأمل بالحرية عند الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال.
18 – إعادة الأمل لفلسطينيي الشتات بقرب العودة.
19 – إعادة الأمل للشعوب العربية بالشعور بالفخر والنصر.
20 – إحياء الثقة بوعد الله بقرب زوال الكيان وتحرير الأقصى… إضافة الى ان:
– عملة الصهاينة الشيكل تدنت قيمته %3.
– البورصة خسرت %11 يعني 40 مليار دولار.
– الشعب كله تجنيد يعني شلل الاقتصاد.
– السياحة صفر.
– الإستثمارات صفر.
– المصانع توقفت تماماً يعني لا تصنيع ولا تصدير.
– المدارس والمكاتب والشركات أغلقت.
– خسارتهم العسكرية في اليوم الواحد 240 مليون دولار.
– أكثر من 4000 جندي وضابط احتياط رفضوا التطوّع، وقالوا: مستحيل أن نحارب في بلد ليس لنا.
– 400 طيار رفضوا أداء الخدمة.
– أكثر من 500 ألف شخص تركوا منازلهم.
– شعبهم الآن ساخط عليهم جداً.
– تل أبيب أصبحت مدينة رعب.
– لعنة العقد الثامن بدأت تحلّ على إسرائيل.
– شعوب العالم عرفت حقيقتهم، وبدأت الحقيقة تنكشف أمام الشعوب الأخرى.
– شعوب العالم الآن تبحث في عقيدة المسلمين والإيمان الراسخ لدى الفلسطينيين.
– الكثير من شعوب الغرب بدأوا البحث عن الإسلام وقراءة القرآن الكريم.
– الكثير من شعوب الغرب الآن يدخلون في دين الله أفواجاً.
– هكذا هو الإسلام، كما ظهر على حقيقته: فإذا حاربوه اشتد، وإذا تركوه امتد، والله غني عمّن يرتد، وبأسه عن الظالمين لا يرد.
– وإن كان العدو قد أعد، فالله لا يعجزه أحد، فجدّد الإيمان جدّد، وسدد الصفوف سدد.
وتفاءل بنصر أكيد من عند الله الواحد الأحد.
أوَبعد كل هذه الانجازات يلومون «حماس» ولا يعتبرونها منتصرة؟!!