Site icon IMLebanon

فرنسا حذّرت «الحزب» من مغبة الانجرار إلى دوّامة الحرب ولودريان سيعود حتماً

 

إسرائيل ستردّ الصدمة التي تلقّتها في «طوفان الأقصى» والدخول إلى غزة سيكون مكلفاً

 

يمرّ لبنان بقطوع خطر يتمثل بالحرب المندلعة بين الإسرائيليين من جهة والمقاومة الفلسطينية في غزّة وعلى جبهات مختلفة بينها الحدود الجنوبية للبنان حيث ينشط تبادل الرسائل الصاروخية يوميا وبوتيرة متفاوتة وإن بقي مضبوطا في قواعد الاشتباك المألوفة وضمن الأراضي اللبنانية المحتلة.

في هذا السياق، فإن قنوات أممية تنقل بشكل غير رسمي بأن الإسرائيليين بعثوا برسالة الى حزب الله مفادها بأن إسرائيل لن تقصف لبنان إذا لم يعمد الحزب الى قصف المستوطنات. لكنّ في حرب تدور رحاها وسط رأي عام غربي مؤيد تماما لإسرائيل التي تزمع رد الصاع صاعين بعد الصفعة المدوية التي تلقّتها السبت في 7 الجاري ومناخ عربي يفتقر للآن لأي حراك دبلوماسي جدّي باستثناء بيان المجلس الوزاري العربي أمس، وجنون إسرائيلي متصاعد نظرا الى الصدمة التي وقعت على رأس الحكومة والمسؤولين والأجهزة تجعل كل الاحتمالات واردة، مع أن الأطراف المعنيين وخصوصا من الجهة اللبنانية لا تزال تتسم بالحكمة والهدوء وتقيم الحسابات الدقيقة.

في هذا السياق، تشير أوساط مطّلعة على المناخ الفرنسي الى أن فرنسا التي خسرت 8 من مواطنيها في الحرب الدائرة منذ السبت الفائت بالإضافة الى اختفاء 20 مواطنا فرنسيا لا يزالون مجهولي المصير، بعثت برسائل واضحة وصريحة الى الأطراف اللبنانية المعنية ومنها حزب الله بضرورة عدم الانجرار الى الدوامة المسننة للعنف لأن في ذلك خطر لانزلاق لبنان الى حرب اقليمية واسعة. ومع ان الأوساط تستبعد الوصول الى حرب اقليمية نظرا الى وجود لاعبين عقلانيين في المنطقة، فإنها تعترف أنه من المستحيل اليوم القيام بمبادرات دبلوماسية لتبريد العقول وتهدئة الأوضاع. وتعلق الأوساط الواسعة الاطّلاع على المناخ الفرنسي قائلة: «إن الكواكب مصطفة لتشي بأن الأمور تسير نحو الأسوأ ونأمل ألا يطال أي تدهور لبنان، لأن الإسرائيليين لن يمرروا ما حدث بشكل سلس».

بحسب الحسابات القائمة فكل الاحتمالات واردة، وأي إقحام للبنان يعود الى نوعية الرد الإسرائيلي. ولعل الفارق بين الحوادث التي حصلت في العام 2014 في غزة واليوم يتمثل بضخامة الصدمة التي شكّلها طوفان الأقصى، فالحدث اليوم مختلف وليس ضمن السياق الاعتيادي والرد الإسرائيلي يخاطر بأن يكون قويا وبإتساع أيضا.

ليس من مبادرات تفاوضية لغاية الآن فرنسا تعترف بذلك وكذلك القطريين، ساعة التفاوض لم تأتِ بعد وليس واضحا اليوم من سيمثل خط التهدئة وبدء مفاوضات مثمرة بين الدول الاقليمية، وإذا قررت إسرائيل الدخول الى غزة فستكون عملية مكلفة جدا وصعبة. وتشير الأوساط الواسعة الاطّلاع على المناخ الفرنسي: «نحن هنا في وسط إعصار شديد ونحاول أن نحوّله الى زوبعة، لكن حتى الزوبعة هي خطرة أحيانا، الأمر خطر بسبب ضخامة الحدث». وتنصح الأوساط انه لا يجب أن نقوم بسياسة الخيال لأنه حينها يمكن الحديث عن سوريا، وإيران وهنالك الكثير يتخوّفون من حرب إقليمية لكن ليس من اعتقاد لغاية الآن ان الأمور ستصل الى هذا الحد لأن هنالك العديد من اللاعبين الذين ليسوا بعيدين من المنطق.

تنعكس الحرب في غزة على الملف الرئاسي اللبناني، وبالرغم من أن الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان مستمر بمساعيه الحميدة لفكفكة عقد هذا الملف إلّا أن لا موعد محددا بعد لجولته الرابعة العتيدة في انتظار جلاء الصورة الاقليمية. وتشير الأوساط الواسعة الاطّلاع على المناخ الفرنسي الى أن فرنسا طالما حذّرت عبر دبلوماسييها المسؤولين اللبنانيين مرارا بألا يراهنوا على المزيد من التطورات الاقليمية التي قد تنقلب فجأة رأسا على عقب، وتلقّوا نصحا بالاستفادة من الاستقرار الاقليمي والهدوء الذي تولّد بعد الاتفاق السعودي – الإيراني وتمرير الاستحقاق الرئاسي. وتعلق الأوساط المذكورة: إن الحسابات التي قام بها البعض في لبنان بتأجيل الاستحقاقات أثبتت انها خاطئة.

ما تلا الجولة الثالثة للموفد الفرنسي جان إيف لودريان ليس بهذا السوء بحسب الأوساط المطْلعة على المناخ الفرنسي. في الواقع ما تم تناقله بأن اجتماع نيويورك لم يكن مثمرا، ليس دقيقا، فقد حدث تقدم في نقاط عدة وأبرزها شق طريق ثالثة فضلا عن فهم الرأي العام السياسي والشعبي لموقف فرنسا بشكل أفضل. في السياق اللبناني الداخلي، تحدث كثر باستفاضة عن تبنّي فرنسا لترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية إلّا أن العقل الدبلوماسي والسياسي كان يريد العثور على بطاقة تحدث توازنا بين الطرفين في لبنان لإعطاء كل فريق ما يجعله راضيا، دعمت فرنسا انتخاب ورئيس حكومة وإصلاحات، وقد استخدم البعض هذا المنطق للقول بأن فرنسا تدعم فريقا ضد آخر. حاولت فرنسا دعم حل وإيجاد معادلة متوازنة بين الأطراف، وقد جاء لودريان لقول ذلك وفي النهاية على اللبنانيين الموافقة على أية معادلة، فليست فرنسا من ستنتخب الرئيس وإنما النواب اللبنانيون، لذا كانت الغاية من تحرك لودريان هي التفتيش عن الآلية والدينامية التي يمكن فيها مساعدة اللبنانيين لاتخاذ هذه الخطوة، من أجل التوجه الى الانتخابات الرئاسية، ولم تعمد عمليا الى طرح أي اسم بحسب الأوساط المذكورة.

لاحقا، بدأت الوساطة القطرية، عبر تحرك موفد قطري زار الأطراف اللبنانيين وكذلك تعيين سفير قطري جديد هو الشيخ سعود بن عبد الرحمن آل ثاني بدأ جولاته على المسؤولين اللبنانيين، وتشير الأوساط المطّلعة على المناخ الفرنسي بأن القطريين يزورون لبنان بشكل منتظم وهم تحدثوا ببعض الأمور كونهم أيضا جزء من الخماسية.

تتضمن الخماسية 5 آلات مختلفة، الفكرة أنه لا يعود لهذه الدول الخمسة العزف على الآلة ذاتها، فلكل منها أوراقه الرابحة المختلفة عن الدولة الأخرى، إن الأوراق التي تحملها المملكة العربية السعودية ليست ذاتها تلك التي تحملها قطر أو الأميركيين أو المصريين . وبالتالي، فإن الهدف هو أن تلعب الخماسية التجزئة ذاتها، لكن لكل طرف آلته، ولكلّ دولة الحق في أن تلعب يوما ما بشكل منفرد أي «صولو».

يبقى الهدف الفرنسي ذاته، هو انتخاب رئيس في أسرع وقت ممكن، وقد نشأ لديها شعور بالخطر الداهم بسبب الوضع القائم. سيعود جان إيف لودريان الى لبنان حتما لكن لم يتم تحديد موعد بعد في انتظار ما يمكن حدوثه وخصوصا أن لبنان والمنطقة بأسرها وسط مرحلة كبرى وتحديدا في ما يخص الرد الإسرائيلي على غزة الذي تعتقد الأوساط الواسعة الاطّلاع على المناخ الفرنسي أنه سيكون قويا جدا.

 

نشر هذا التقرير بالتعاون مع موقع «مصدر دبلوماسي»