باستثناء عدّاد الشهداء المرتفع، والتعديلات الاستراتيجية للعدو الاسرائيلي، في اليوم ال19 لطوفان الاقصى، يستمر ايقاع التوتر والتصعيد المضبوط وترقب تطورات غزة سيد الموقف على الجبهة الجنوبية، فيما تحشد “تل ابيب” وحلفاؤها قواتهم وآلياتهم العسكرية في البر والبحر، في شريط حدودي يمتد بعمق خمسة كيلومترات برا، و10 اميال بحرا باتجاه الساحل، ترقب لوصول الخبير في حرب الشوارع الجنرال جيمس جلين، الذي قاد عملية انهاء المقاومة العراقية في الفلوجة، وتحرير الموصل من “داعش”، في وقت لم تعرف بعد حدود صلاحياته ومهامه، كاستشاري ام كقائد فعلي للمعارك على الجبهات التي قد تفتح.
وعلى وقع هذا المشهد الذي اختلط فيه الاقليمي بالدولي، ومدى انعكاس هذا التشابك على الوضع الداخلي، يستمر الموقف اللبناني الرسمي على وضعه، متمترسا خلف القرار 1701 كطوق نجاة وحيد، وكورقة وحيدة تلعبها السراي، وسط معلومات عن عدم ممانعة حارة حريك لهذا الموقف، الذي يمنحها هامشا واسعا.
مصادر ميدانية اعادت سبب ارتفاع الخسائر في صفوف حزب الله والقوى الفلسطينية الحليفة، الى طبيعة المواجهة المختلفة بالكامل عن المواجهات السابقة، اذ ان الوضع اليوم هو تبادل للقصف عبر خط تماس هو الخط الازرق، وليس حربا مباشرة على الارض، ذلك ان مواقع حزب الله على طول الخط رصدت لفترة طويلة، فضلا عن السلاح الاساسي في المعركة حاليا والذي يستعمله الحزب تحديدا وبكثافة، هو صواريخ كورنيت المضادة للدروع، والتي يملك الحزب منها مخزونا يفوق اربعة آلاف صاروخ، وهو جهز مجموعاته على طول الجبهة بهذه الصواريخ، حيث يحكى ان المواجهة المقبلة عنوانها “الكورنيت”، وليس الصواريخ البعيدة المدى او المتوسطة.
واشارت المصادر الى ان “اسرائيل” تمكنت طوال الفترة الماضية من رسم خارطة تحركات مجموعات الحزب على طول الحدود، كما انه رغم تعرض الكاميرات الدقيقة واجهزة التحسس والتجسس الالكتروني للتدمير بنسبة كبيرة على طول الحدود ،الا ان قدرة الاستعلام والاستطلاع عند جيش العدو الاسرائيلي لا تزال مرتفعة، بفضل طائرات التجسس وطائرات من دون طيار، فضلا عن الاقمار الصناعية التي تعمل كلها من ضمن غرفة عمليات واحدة تدير المواجهات.
وفيما تتحدث المعطيات عن ان ادارة المعركة هو اميركي بامتياز، وان “سلاح الجو الاسرائيلي” يعمل تحت اشراف الخبراء الاميركيين، ثمة في قوى الثامن من آذار من يتهم قوات الطوارئ الدولية بالعمل لمصلحة “اسرائيل”، عبر تزويدها بمعلومات استخباراتية، خصوصا ان طيرانها المروحي يكاد لا يغادر سماء قطاع جنوب الليطاني، حيث طوافاتها مزودة باحدث آلات التصوير، كاشفة ان تلك الطوافات خاضعة لمراقبة دقيقة من الحزب.
وختمت المصادر بانه خلال الساعات الماضية بادر “الجيش الاسرائيلي” الى اعتماد استراتيجية جديدة، ستفرض حتما على حزب الله تغيير تكتيكاته القتالية للحفاظ على مستوى الخسائر التي يلحقها بالعدو الاسرائيلي، اذ ان الاخير عمد اولا الى منع انتشار آلياته او خروجها في دوريات، وحصر تمركزها داخل اسواره المحصنة في مواقعه، وهو ما يخفف من فعالية الصواريخ المضادة للدروع التي استخدمها الحزب بكثافة، وادت الى “الخسائر الاسرائيلية” الكبيرة، والثاني قصف الاحراج والمناطق “الشجرية” بقذائف فوسفورية، ما ادى الى اشتعال الحرائق مستفيدا من الرياح، وهو ما سمح بكشف مناطق كبيرة كان الحزب يستخدمها للمراقبة والتجمع واطلاق الصواريخ وقذائف الهاون.