بالرغم من أن الستار لم يُحسر بعد، نهائياً، على مسرح النتائج الكاملة التي أسفرت عنها عملية طوفان الأقصى، فإن ما جرى حتى الآن يبين بشكل قاطع، أن ما قبلها ليس كما بعدها، وأنها أصبحت منعطفاً تاريخياً في مسار الصراع المسلح في القضية الفلسطينية التي تثبت، مرة جديدة، أن فلسطين هي المحور والأساس، وأنه لا يمكن تخطيها على الإطلاق:
أولاً – إن قتلى جيش الحرب الإسرائيلي وأسراه في الساعات الأولى من الهجوم الذي شنته حركة حماس يكاد أن يوازي عديد قتلى الصهاينة وأسراه طوال الصراع منذ ما بعد قيام الكيان الاحتلالي.
ثانياً – إن إرباك العدو الذي تكشّف عنه هذا الهجوم الذي هو أقل بقليل من الحرب المفتوحة، بدا أكبر من إرباكه في حرب تشرين، مع أن تلك كانت حرباً كلاسيكية بين جيوش.
ثالثاً – ليس جديداً أن أسطورة «الجيش الذي لا
يُقهَر»، هي مجرد هراء وبروباغندا، وبالتالي إن أجهزة مخابرات العدو قد سقطت هالتها في الأرض.
رابعاً – إن الدول العربية التي طبّعت مع العدو الإسرائيلي، وتلك التي تسعى الى الالتحاق بالمطبعين، ستكون أكثر إرباكاً وتحرّجاً في هذه المرحلة، ولعلها تقدّم خدمة لذاتها إذا أوقفت التطبيع الرسمي، واشترطت على الجانب الإسرائيلي الموافقة على المبادرة العربية التي أقرتها قمة بيروت وهي معروفة بمبادرة ولي العهد السعودي (آنذاك) الأمير عبدالله بن عبد العزيز، الملك لاحقاً، رحمه الله.
خامساً – (ومهما كانت النتائج) فلعل قيادة الكيان الإسرائيلي العدو تأخذ العبرة من هذه التطورات المستجدة، بالغة الخطورة، وتتيقن أن القوة مهما طغت وتجبّرت لا يمكنها أن تكون بديلاً عن الحق والإيمان بالله والأرض وبالقدرات الذاتية… وتلك كلها تجعل من الضعف قوة.
سادساً – لقد آن الأوان للعدو الإسرائيلي ليتأكد أن وجوده العدواني واعتراف القيادات العربية به لا يأتيان بالضمانة للصهاينة، ما دام الفلسطينيون والشعوب العربية عامة يرفضون وجود كيان الاحتلال ويصرون على أن فلسطين عربيةٌ هي، وليست مربطَ خيول الأعداء ومَن يدعمهم ويقف وراءهم… ولقد يكون مقتل سائحَين إسرائيليين في الاسكندرية، أمس، بيد شرطي مصري، وبسلاحه الشخصي هو خير دليل على ما تقدّم.