كثيراً ما يتردد في جميع وسائل الإعلام، أنّ اليهود يذهبون الى المسجد الأقصى، ويقفون عند أحد الجدران، ويقولون إنّ هذا هو حائط المبكى.. طبعاً، هم يضعون على رؤوسهم قبعة مخصصة كي يعطوا لأنفسهم صورة عن أن هذا الشخص الذي يزور «حائط المبكى» هو رجل متديّن ويقوم بممارسة شعائر دينية.
لذلك، لا بدّ من أن نحكي قصة «حائط المبكى»:
كانت البيوت قديماً تُـحاط بأسوار تلاصقها… وكان «حائط البراق» مكشوفاً… وأمامه ما يشبه الممر. فكان اليهود يفدون الى هذا الجزء من السور يبكون عنده مجدهم القديم.. لذلك أطلقوا عليه اسم «حائط المبكى». وهم يزعمون أنه من بقايا الهيكل الذي بناه سليمان، ويسمّونه الحائط الغربي للهيكل.
و «البراق» هو اسم الدابة التي سافر بها النبي محمد صلّى عليه اللّه عليه وسلّم من المسجد الحرام الى المسجد الأقصى. ثم ربط هذه الدابة بهذا الحائط وعرج الى السماء.
ويعتبر اليهود «حائط البراق» معلماً يهودياً ومقدّساً عندهم (مع أنه لم يَرٍد ذكره لا من قريب ولا من بعيد في الموسوعة اليهودية عام 1901). وهذا تمّ تكذيبه أيضاً من قِبَل اللجنة الدولية المتفرّعة عن عصبة الأمم المتحدة عام 1929.
ولكن في عام 1967، أخذ العدو الصهيوني الحائط بالقوة بعد حرب ذلك العام، وحوّلوه الى معلم يهودي ديني. فعندما استولى الصهاينة على القدس القديمة عام 1967، هُدِم حي المغاربة الملاصق للجدار الغربي للمسجد الأقصى المبارك، بما فيه من آثار ومدارس ومسجدين وزوايا ومبانٍ شرّد أهلها في الأيام الأولى للاحتلال، ونسفوا المنازل التي تحيط بالحائط، وأقاموا أمامه ساحة كبيرة ليتجمعوا فيها، واستولوا على مفاتيح باب المغاربة… ولا تزال معهم حتى الآن.
هذا، ويؤمن حاخامات اليهود أنّ الهيكل ضمّ قدس الأقداس، بحسب النصوص الدينية، وكان يحتوي على تابوت العهد، ولوحة الوصايا العشر التي أعطاها الله لموسى، كذلك هم يؤمنون أن الموقع المذكور كان يضمّ الحجر الذي خلق الله منه العالم. وحيث استعد النبي ابراهيم للتضحية بابنه اسحق، رغم أن الرواية الصحيحة تقول إنّ ابراهيم أراد ذبح ابنه إسماعيل لا إسحق.
المهم أن هذا الحائط، الذي سمّاه اليهود «حائط المبكى»، غير موجود في التوراة أصلاً. فالتوراة لا تعرف «حائط المبكى» ولا تشير إليه في أيّ من كلماتها.
والحقيقة أن «حائط المبكى» هو بدعة غير صحيحة ظهرت «أعني شعيرة البكاء» عند هذا الحائط عند أوساط المتدينين اليهود من أصول أوروبية غربية منذ 150 عاماً فقط، حتى تصاعدت هستيريا البحث عن أرض مقدّسة لهم ولو زوراً وبهتاناً.
من هنا، بدأ اليهود يزعمون أن «حائط المبكى» هو جزء من هيكل سليمان، وصاروا ينوحون ويبكون عند إقامة مراسم الحداد على مرّ العصور.. وما هذه المراسم إلاّ من البِدَع الزائفة.
باختصار، إن ما زعمه اليهود من وجود «حائط البراق» هو جزء من هيكل سليمان رواية غير صحيحة تماماً. فالرصيف الذي اتخذه اليهود مكاناً للتجمع فيه، والذي يبلغ طوله 3135 متراً وعرضه أيضاً 3135 متراً، صار اليهود يقفون عليه منذ فترة غير طويلة… وهذا الممر هو جزء لا يتجزّأ من «البراق».
وهنا لا بدّ من الاشارة الى ما كتبه وأشار إليه أحد الباحثين الذي نفى بشدّة وجود شيء اسمه «حائط المبكى». فمنذ العام 1865 اخترعت قصة «حائط المبكى» حين قيل إنّ مجموعة كبيرة من اليهوديات كنّ يبكين هناك على تموز، وتموز هو إله عراقي عبده الأشوريون والكلدانيون، وهذه الفكرة ولدت في بابل لا في فلسطين.. لذا ففكرة «حائط المبكى» كذبة… فالتوراة كلها وبكل اللغات بالعبرية والعربية والانكليزية وحتى الهولندية… لا وجود لكلمة «حائط المبكى» فيها.
إنّه اختراع من أجل السيطرة على المسجد الأقصى، وإيجاد حجة للتمسّك بالمسجد الأقصى…