Site icon IMLebanon

حلفاء الأسد و”تقريش” الانتصارات

 

 

 

لن يشكل فرقاً انتخاب الرئيس بشار الأسد لسُباعية جديدة بأكثرية 95 في المئة من الأصوات او 80 أو 70. فرقم 15 مليون مقترع في الانتخابات السورية يشبه رقم خمسة ملايين او خمسة آلاف ما دامت النتيجة حسمت قبل الترشيحات، وما دام الاقتراع بالدم لا يفعل سوى التذكير برائحة الدم في غياب المصالحة والإصلاح.

 

فلنعترف بأن بشار الأسد صمد وانتصر بمعايير الممانعة ومحور ايران. فأن يتمكن من قمع ثورة شعبية مسلحة وجدَت حلفاء اقليميين ودوليين ودعماً بالمال والعتاد ليس بأمر يسير، بل هو “انجاز” للشخص وللسلطة وتحالفاتها، هذا طبعاً إذا تجاهلنا تسبُّب النصر بمقتل نصف مليون سوري على الأقل وتهجير سبعة ملايين وإفقار من بقوا في ارضهم، سواء كانوا ضد النظام أو مقاتلين معه أو راغبين بمجرد ممارسة حق الحياة بلا زيادة أو نقصان.

 

ربما وجب على السياسيين اللبنانيين المسارعين الى التهنئة التمهّل في “تقريش” الانتصار، فبقاء الأسد في السلطة وانفتاح الدول الخليجية عليه لا يعنيان حتماً أن الدور السوري عائد مثلما كان زمن الوصاية والتفاهمات الاقليمية والدولية، التي لزَّمت لبنان خمسة عشر عاماً لدمشق. فلا بشار الأسد يشبه والده الذي كان من المكانة والقوة بحيث انقلب مع أدواته المحليين على “الطائف” العربي وحوَّله سوريّاً بلا شركاء، ولا الوريث الشاب الذي أدَّى زيارة دولة لباريس في عيد 14 تموز هو نفسه اليوم كون بلاده صارت ملعباً للقوى الاقليمية والدولية بعدما كانت لاعباً يحسب له حساب.

 

بوسع المبتهجين بانتخابات سوريا التمتع بتسجيل نقاط في مصلحة فريقهم طبعاً، لكن عليهم إدراك ان نظام دمشق دخل عملياً في مسار “إعادة تأهيل” متعرج وبطيء وأن الشروط التي يضعها عليه حلفاؤه، الروس بالتحديد، أكبر بكثير من حجم الاحتفال بنتائج الانتخابات ومن توهُّم أدوار قيادية في الاقليم… الخريطة السورية لا تزال على مائدة خمسة جيوش فاعلة في الميدان السوري، ويتوقف على تفاهماتها رسم مستقبل الدولة السورية ونظامها وتحالفاتها وسياساتها، تجاه اسرائيل تحديداً.

 

لا يمكن للممانعة استدخال “انجاز” بشار الأسد في جعبة المحور والبناء عليه خصوصاً قبل الوصول بـ”الاتفاق النووي” الى نهايات سعيدة، وقبل معرفة مدى فرضه شروطاً على الأذرع الايرانية. ولا تجوز النشوة المبكرة لدرجة الطلب من القوى السيادية اللبنانية الاستسلام عبر “البهورة” واصطناع النجاح بـ”الضربة القاضية” لفرض الشروط المُذلة على سعد الحريري، والترويج لتكرار تجربة رئيس آخر من صلب “8 آذار”.

 

الأسد في وضع أفضل حتماً، حتى ولو لم تعترف أوروبا والولايات المتحدة بإعادة انتخابه. لكنه سيراوح مكانه إن لم يُعاود لمَّ شمل السوريين وتبدأ اعادة اعمار ضخمة تقدر كلفتها بـ 400 مليار دولار. مَن يدفع يُطَع. فهل سمع أحدٌ يوماً ان روسيا أعادت إعمار أي مكان، او أن ايران التي يعاني شعبها الفقر مستعدة لخوض هذا الغمار؟

 

التحفظ اذاً أفضل للجميع، وكذلك ممارسة “فن الانتظار”.