Site icon IMLebanon

نار المنطقة والإنتظار اللبناني الطويل

سقطت الرهانات كلها التي أقيمت على قاعدة توافق سعودي – إيراني من شأنه أن ينعكس هدوءاً في المنطقة مع بداية حلول لأزماتها الحادة… وليس جديداً أو سراً أن الكثيرين  في لبنان راهنوا على هذا التوافق الذي كان يبدو قريباً مرة وبعيداً مرات…

الى أن توالت التطورات سريعة في المرحلة الأخيرة خصوصاً في الأيام القليلة الماضية ما جعل الأوضاع مفتوحة على الإحتمالات السلبية، واستبعاد أي إحتمال إيجابي.

لذلك  نرى أنّ هذه المستجدات دفعت بالأزمة اللبنانية الى نقطة البداية تقريباً، وبالذات في ما يتعلق بالاستحقاق الرئاسي في لبنان، ما يعني في تقديرنا أن إنتخابات رئاسة الجمهورية باتت أبعد من أي وقت مضى، وان الفراغ الرئاسي مرشح لأن يقيم عندنا زمنا يرجح أن يتجاوز العام 2016 الذي دخل على لبنان والمنطقة ببروقه ورعوده وثلوجه ما جعل ثورة الطبيعة تتوافق مع الأحداث على الأرض والتي لكل منها بعده الاستراتيجي: إعلان الإئتلاف الدولي إنهاء الهدنة في اليمن (التي لم تُطبق عملياً ولو ليوم واحد) إلى تطورات الرمادي في العراق، الى منعطفات الحرب في سوريا، الى تداعيات تنفيذ احكام الإعدام  في السعودية.

ومن الواضح جداً ان إيران والمملكة العربية السعودية متواجدتان في تلك التطورات في الموقعين المتناقضين. وهذا التناقض محكوم بأن ينعكس مزيداً من التصعيد في المنطقة، بعدما بات جلياً أنّ كلاً من الرياض وطهران لم تعد تكتفي بالمشاعر المضمرة التي تكنها الواحدة منهما ضد الأخرى، بل ترجمت تلك المشاعر علناً، في الميدان.

وليس مستغرباً أن يزداد الخلاف الداخلي حدة في لبنان، إنطلاقاً من إرتباط أطراف النزاع بالمحورين الرئيسين في الإقليم: أي إيران والمملكة. وفي هكذا أجواء لم يعد سهلاً الرهان على إجراء الإستحقاق الرئاسي في المستقبل المنظور. هذا في منأى عن مبادرة الرئيس سعد الحريري، ومصير ترشيح النائب سليمان فرنجية للرئاسة. فأفق الصراع في المنطقة مغلق كلياً في وجه الحلول، ولقد تبين أن لبنان مرتبط مباشرة بالصراع الإقليمي ذاته الذي تتداخل فيه المخططات الدولية، أو لعلها هي من يغذيه ويسعر نيرانه، وكم كان بليغاً المرشح الرئاسي الأميركي «الأوريجينال» دونالد ترامب وهو يتحدّث عن التطورات في سوريا منطلقاً مما سيقوم به في حال إنتخابه رئيساً ويختصر بدعم للرئيس الروسي ڤلاديمير بوتين في الساحة السورية…

والسؤال الذي يطرح ذاته بإلحاح هو عود على بدء: في مطلع الأزمة السورية كان ثمة رهان على أن أزمة الرئاسة في لبنان مرتبطة بانتهاء الأحداث السورية، ثم إنتقل الرهان الى أنها مرتبطة بالمباحثات النووية بين طهران ومجموعة الـ5+1، ومن ثم ربطوها بتوافق إفترضوه قريباً بين الرياض وطهران… وها هم يعودون اليوم الى الرهان على إنتهاء الأحداث في سوريا… وهذا يعني إنتظاراً طويلاً ومضنياً. فهل للبنان قدرة على التحمل؟!

من العبث أن نناشد أطراف الداخل المبادرة الى خطوات ذاتية… فالإرتباطات الخارجية لا تسمح. وعساهم يكذّبوننا.