التباين في وجهات النظر حول الملفات الداخلية «الصغيرة» لا يُفسد في الودّ قضية بين الحليفين التقليديين «تيار المستقبل» و»القوات اللبنانية»، ما دامت نظرتهما الاستراتيجية للبنان الدولة وعلاقاته مع مُحيطه العربي واحدة وثابتة عزّزتها معادلة (س.س) (سعد.سمير) التي طبعت الحياة السياسية للبنان منذ العام 2005 وحتى اليوم.
هذا الثبات لجهة الملفات الاستراتيجية، اكده السحور الرمضاني الذي جمع في معراب امس رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع ورئيس الحكومة سعد الحريري، في ما يُمكن اعتباره أنه بات تقليداً سنوياً يجمع الحليفين للتشاور في التطورات، بعد السحور الرمضاني الذي جمعهما العام الماضي قبل نهاية شهر رمضان.
وجاء في البيان الصادر عن المكتب الاعلامي لجعجع: استقبل رئيس حزب «القوات اللبنانية» والنائب ستريدا جعجع في معراب الرئيس الحريري، في حضور وزير الاعلام ملحم الرياشي، النائب ايلي كيروز، ومدير مكتب الرئيس الحريري نادر الحريري.
قبل الاجتماع والانتقال الى السحور، صرّح الحريري الى الإعلاميين الذين انتظروه لساعات بعدما كان الموعد المحدد في تمام العاشرة والنصف مساءً، فاعتذر عن التأخير بالقول «ان اهل القلمون رغبوا في ان اطيل الإفطار معهم فتأخرت عن الموعد»، لافتاً الى «ان هدف الزيارة الى معراب كالعادة تشاوري وتنسيقي، لاسيما اننا مررنا بمرحلة صعبة وكان لـ»القوات اللبنانية» دور كبير لا سيما النائب جورج عدوان في الوصول الى قانون انتخابي جديد وطبعاً الدكتور جعجع».
واعتبر «ان التباينات التي حصلت بين «القوات» و»تيار المستقبل» امر طبيعي، لكن في النهاية نحن متوافقون في الاستراتيجية وستبقى علاقتنا قوية وواضحة مبنية على نقاط محددة».
وعمّا اذا كان «القوات» و»تيار المستقبل» سيتحالفان في الانتخابات النيابية، أجاب الحريري ممازحا «إسألوا الحكيم»… فردّ جعجع «إذا بيقعد عاقل نعم».
وعمّا اذا كان ملف الكهرباء يجمع بين «القوات» و»المستقبل»، قال الحريري «ان سياستنا في الحكومة إنجاز هذا الملف في اسرع وقت وبشفافية، والجميع حريص على هذا الموضوع ولو ان هناك بعض الأصوات المعارضة من خارج مجلس الوزراء»، مشدداً على «اهمية هذا الملف كسواه من الملفات المعيشية بالنسبة للمواطنين اللبنانيين، خصوصا ان الكهرباء كبّدت الخزينة اكثر من 44 % من الدين العام، وبالتالي الحل الأساسي تأمين التيار 24/24 مع الأخذ في الاعتبار التعرفة التي لا تزعج المواطن».
وعن سبب استبعاد المعارضة عن اللقاء التشاوري في بعبدا، اجاب رئيس الحكومة «لقد اراده رئيس الجمهورية للفرقاء داخل الحكومة وليس استبعاداً للمعارضة عن اي شيء، وهذا امر طبيعي ان يحصل، لأن هذه الحكومة مسؤولة عن الانتخابات وقد انجزت الكثير من الملفات، من قانون الانتخاب، الى الموازنة وسواها».
واذ اكد «ان الانتخابات ستحصل في موعدها المحدد»، اوضح «ان وزير الداخلية نهاد المشنوق يعمل لإصدار البطاقة الممغنطة كي يتمكن اي مواطن من الاقتراع في المكان المتواجد فيه والعمل مستمر لإنجازها».
ورداً على سؤال، لفت الحريري الى «ان العلاقة بينه وبين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ممتازة ولو ان البعض يطلق الكلام يميناً ويساراً والاجتماعات متواصلة دوماً».
بدوره، رحّب جعجع بالحريري «كصديق قبل ان يكون رئيساً للحكومة، وكما قال قد لا نتفاهم حول بعض الأمور الداخلية الصغيرة، لكن توافقنا ثابت في النظرة العامة الى لبنان والدولة وعلاقات لبنان مع الدول العربية والاستراتيجية الكبرى، وانطلاقاً من هنا مهما تباعدنا سنبقى متلاقين لتحقيق كل اهدافنا وخطواتنا».
وعن امكانية انسحاب الأجواء الايجابية التي شهدناها في قصر بعبدا بين جعجع ورئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية على التحالفات في الانتخابات النيابية، لفت رئيس «القوات» الى «ان العلاقة بين الحزب و»تيار المردة» طبيعية منذ اكثر من ثلاث سنوات، وطبعاً نحن سنسعى لتكون اكثر من طبيعية، ويوماً بعد يوم تطور الأمر نحو الايجابية»، آملاً في «الاستمرار في هذه الخطوات مع الأخذ في الاعتبار الفروقات السياسية الموجودة بين «المردة» و»القوات»، لكنها في الوقت عينه لا تُفسد في الودّ قضية، ومن المبكر الحديث عن تحالفات انتخابية».