استقبل امير الكويت الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح قبل ظهر امس، رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري بالديوان الاميري في قصر بيان، في حضور رئيس الوزراء الكويتي الشيخ جابر المبارك الحمد الصباح والنائب الاول لرئيس الوزراء وزير الخارجية الشيخ صباح خالد الحمد الصباح، ونائب وزير الخارجية خالد الجارالله، ورئيس بعثة الشرف المرافقة المستشار في ديوان رئيس الوزراء الشيخ سالم الجابر الاحمد الصباح، ورئيسة الديوان الشيخة اعتماد خالد الاحمد الصباح، وسفير الكويت في لبنان عبد العال القناعي.
وجرى خلال الاجتماع عرض اخر المستجدات في المنطقة والعلاقات الثنائية بين البلدين وخصوصا ما يتعلق منها بملابسات خلية العبدلي.
واكد الحريري بعد الاجتماع ان «امن الكويت من امن لبنان».
أضاف: «نقلت الى سمو الأمير تحيات الشعب اللبناني وفخامة رئيس الجمهورية، وقلنا بصراحة إننا نندد بما حصل في خلية العبدلي، وإن لبنان مستعد للتعاون بكل أجهزته لكي نتوصل الى نهاية لهذا الموضوع. وهناك استياء كويتي كبير جدا حياله، وبالتأكيد إنهم على حق، ونحن في لبنان سنتعاون في هذا الموضوع».
أضاف: «الشعب الكويتي والدولة الكويتية وسمو الأمير على رأسهم، لم يقصروا يوما حيال لبنان، وتعاملوا معه كأنهم يتعاملون مع الكويتيين، وإن شاء الله العلاقات تسير نحو الأفضل، ونحن نقوم بهذه الزيارة لنقول لسمو الأمير والشعب الكويتي إن لبنان بلدكم، وإن الدولة والحكومة ضد أي عمل أمني، ونعتبر أن أمن الكويت من أمن لبنان وإننا لا نسمح بهذا الشيء».
سئل: هل يمكن أن يترجم هذا الاستياء بإجراءات ضد لبنان؟
أجاب: «كلا، إن شاء الله لن تكون هناك أية إجراءات، ولكن من دون شك هناك استياء، وعلينا أن ننظر الى هذا الموضوع ونعالج الأمور بشكل واضح وجريء، لأن ذلك واجبنا كدولة وكحكومة».
سئل: بماذا طالبتكم الكويت اليوم وما هي الخطوات التي من الممكن ان تتخذها الحكومة للحد من تداعيات هذه المشكلة؟
أجاب: «إن مجيئنا الى هنا والتحدث بكل صراحة وانفتاح مع إخواننا في الكويت وبخاصة مع سمو الأمير حيث كان الكلام واضحا وصريحا، وإن شاء الله الأمور تسير نحو الأفضل».
سئل: هل ستتأثر الجالية اللبنانية بذلك؟
أجاب: «كلا لن تتأثر إن شاء الله».
سئل: هل قدموا أدلة على الاتهامات من خلال الاعترافات والأحكام على ضلوع «حزب الله»؟
أجاب: «القضاء الكويتي واضح وصريح والتعاون سيتم بيننا وبين الأجهزة الأمنية والقضاء، ونحن سنتعاون بشكل واسع جدا. ما يهمني أنا بالنسبة لأهل الكويت وسمو الأمير خاصة الذي كان دائما ينظر الى لبنان كدولة وشعب واحد وكان دائما سباقا لمساعدة لبنان، أن نحافظ على هذه العلاقة بين البلدين بكل الوسائل ، وإن شاء الله سيحصل هذا الأمر».
سئل: كيف سيصار الى متابعة الموضوع؟
أجاب: «سأتابع أنا شخصيا الموضوع».
سئل: هل سيحصل اتصال مع «حزب الله» بهذا الخصوص؟
أجاب: «هناك اتصالات وإن شاء هذه الأمور ستزول».
وكان الرئيس الحريري قد اجتمع مع رئيس الوزراء الشيخ جابر مبارك الحمد الصباح في حضور القائم بالاعمال اللبناني في الكويت السفير ماهر الخير، والامين العام للهيئة العليا للاغاثة اللواء محمد خير ومستشار الرئيس الحريري للشؤون الانمائية فادي فواز.
من جهة ثانية نوه الرئيس الحريري بأمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، واصفا إياه بأنه «قامة استثنائية وحكيمة»، ولافتا الى «ان المحادثات مع سموه دائما مفيدة ومميزة وسنؤكد كدولة لبنانية حرصنا على أفضل العلاقات مع الكويت وعلى عدم تعكير صفوها أو السماح لأي كان بالتورط في عمل يمس السيادة والأمن ويتجاوز القانون»، وكشف عن ان «البحث سيتطرق ايضا الى القضايا الأساسية التي تجمعنا ونتشارك في الرؤى حولها، سواء تعلق الأمر بالملف السوري وموضوع اللاجئين أو بملف التطرف ومحاربته أو الإجماع العربي على التصدي لمحاولات الآخرين التدخل في شؤون دولنا الداخلية».
وفي حديث أجراه معه رئيس تحرير صحيفة «الراي» الكويتية ماجد العلي، انطلق الحريري في مقاربته العلاقة مع الكويت وقضية «خلية العبدلي» من «قيمة سياسية زرعها فينا الرئيس الشهيد رفيق الحريري دائما ومفادها أن العلاقة مع دول الخليج والدول الأخرى الصديقة والمحبة هي جزء من الأمن القومي للبنان»، معتبرا «ان أي تورط في الكويت لأي طرف او شخص من لبنان هو ضرب لمفهوم الأمن القومي اللبناني نفسه»، ومشددا على «اننا لن نسمح لأحد كائنا من كان بأن يساهم في زعزعة الأمن والاستقرار لدولة الكويت، وسنبذل كل ما في وسعنا لتبيان الحقائق بتفاصيلها أولا، ثم نتخذ الإجراءات الكفيلة بضمان عدم حصول ذلك مستقبلا».
واذ اكد «اننا ندين أي عمل ضد الكويت ونحن في صدد الاطلاع على كل التفاصيل المتعلقة بخلية العبدلي من خلال الأجهزة الأمنية والقضائية المختصة»، لفت الى «إجماع لبناني شعبي ورسمي على رفض الإساءة الى الكويت او المساس بأمنها او التعرض لاستقرارها من أي طرف كان، في لبنان وخارجه»، معلنا أنه «لا يمكن لأي شخص طبيعي أن يوافق على ملاقاة يد الخير الكويتية بيد غدر. وهذا شخص يكره لبنان قبل أن يكره الكويت».
وفي الشأن اللبناني، وردا على سؤال حول الانطباع بأن «حزب الله» يدفع في اتجاه فرض إرادته على النحو الذي يجعله يتحكم بتحديد علاقات لبنان الخارجية، أكد الحريري أنه «لا يمكن لأي طرف في لبنان أن يملي إرادته على الدولة»، موضحا «ان سياستنا الخارجية قائمة على احترام الشرعيتين العربية والدولية وعدم توريط البلاد بصراعات لا تخدم مصالح شعبنا».
وفي حين وضع خياراته التي صبت في اتجاه إنهاء الفراغ الرئاسي في لبنان وما تلاها من تشكيل حكومة جديدة ومعاودة تفعيل عمل البرلمان في خانة «وضع البلاد على سكة الاستقرار السياسي والنهوض الاقتصادي وتشكيل حزام أمان في وجه الأخطار الأمنية»، اكد ردا على سؤال «ان إنقاذ الدولة والحؤول دون التحاق لبنان بدوامة الخراب في المنطقة إنجاز يستحق التضحية بغض النظر عن حسابات الربح والخسارة».
واذ أشار الى «ان هناك خلافات سياسية إقليمية ومعروفة بيننا وبين «حزب الله» المشارك في الحكومة»، اعتبر ان «ما نسعى إليه هو تحييد بلدنا عن حرائق المنطقة وأتمنى أن يكون الجميع بلبنان ما زالوا ملتزمين بالتوافق على أن المصلحة الوطنية هي بأن يكون هناك استقرار وحكومة فاعلة وبرلمان يقوم بعمله»، مشددا على ضرورة «الكف عن محاولات الالتفاف على التفاهم الوطني على وضع خلافاتنا حول السياسات الإقليمية جانبا».
وعن المعركة التي يستعد الجيش اللبناني لخوضها لطرد «داعش» من جرود رأس بعلبك والقاع، أوضح «اننا لن نقبل بأن يكون هناك أي نوع من الإرهاب على أي جزء من الأراضي اللبنانية»، لافتا الى «أن قرار مجلس الوزراء واضح بإعطاء الأمر للجيش وحده لاتخاذ ما يلزم وفي الوقت الذي يراه مناسبا لحسم المعركة ضد الإرهاب، وهو يملك مطلق الصلاحيات للتصرف وفق ما يراه مناسبا لإنجاز مهمته بعيدا من محاولات إقحامه في مسائل تنطوي على مآرب سياسية»، ومشددا على انه «بمعزل عن كل ما يقال حول المعركة التي سيخوضها الجيش اللبناني، فإن الموقف الثابت هو أن الدولة وحدها هي الحل والجيش اللبناني هو الجهة المخولة وحدها حفظ سلامة الأمن الوطني».
وردا على سؤال عما اذا كان قد خسر حلفاء داخليين بسبب خياراته الجديدة، قال: «المهم ان يربح لبنان، وتهون أي خسارة لإنقاذ لبنان، وخياراتي الجديدة كما القديمة هي دائما مصلحة لبنان واللبنانيين. ومن هنا كان خياري إنهاء الفراغ الرئاسي وتشكيل حكومة فاعلة وإخراج البرلمان من حال الشلل ووضع البلاد على سكة الاستقرار السياسي والنهوض الاقتصادي وتشكيل حزام أمان في وجه الأخطار الأمنية. لم أخسر حلفاء رغم المقاربات المتباينة أحيانا. ربحت معاودة انتظام عمل المؤسسات وإنقاذ الدولة للحؤول دون التحاق لبنان بدوامة الخراب في المنطقة. وهذا إنجاز يستحق التضحيات بغض النظر عن حسابات الربح والخسارة».
وعما اذا كان يتوقع مفاجآت في ضوء القانون الانتخابي الجديد الذي اعتمد، أجاب: «من الصعب جدا التكهن بما ستفرزه صناديق الاقتراع في الانتخابات النيابية المقبلة. فنحن أمام تجربة جديدة في القانون الذي يعتمد للمرة الأولى على النسبية والذي أردناه يصب في مصلحة الناس أولا. وأملنا كبير بتجديد الحياة السياسية من خلال دخول وجوه جديدة نتمنى أن تكون شابة. وثقتنا كبيرة بجمهور «تيار المستقبل» الذي كان صمام أمان في لحظة انفلات الغرائز واستمر وفيا لمشروع بناء الدولة والنهوض الاقتصادي ولمدرسة الرئيس الشهيد رفيق الحريري».
وختم الحريري مؤكدا أن «مشروع الإعمار الذي قاده الرئيس الشهيد رفيق الحريري كان في سياق حلمه الكبير بأن يعود لبنان لؤلؤة الشرق، وهذا الحلم لم يفارقنا يوما وسنعمل على تحقيقه بإرادة جميع اللبنانيين بإذن الله ودعم الأشقاء الخليجيين والعرب، فلبنان الذي لم تقو الحروب والضغائن عليه يستحق أن نحلم له بمستقبل مزدهر».