بعبدا – تريز القسيس صعب
طاولة حوار اقتصادية، لقاء تشاوري، إجتماع إقتصادي – اجتماعي … كثرت الصفات لكن النتيجة واحدة: إقرار لسلسلة الرتب والرواتب كما صدرت عن مجلس النواب مع إدخال بعض التعديلات على الضرائب عبر مشاريع قوانين أو اقتراحات قوانين من مجلس الوزراء أو مجلس النواب. هذا ما خلص إليه أمس لقاء بعبدا الأول من نوعه في القصر الجمهوري، حيث ان الرئيس العماد ميشال عن استمع واستمزج آراء المشاركين الـ 34 من الوزراء المختصين والهيئات الإقتصادية والتربوية والإجتماعية والتي تراوحت بين مؤيد للسلسلة ومعارض لها عبر زيادة الضرائب عليها.
مصادر المجتمعين اشارت الى أن جميع الإطراف التقوا على قواسم مشتركة مفادها أن ما من اعتراض على السلسلة كسلسلة، إنما هناك ثغرات لابد من معالجتها أو تصحيحها، وهو أمر متوفر دستوريا من خلال مشاريع أو اقتراحات قوانين.
وأشارت المصادر الى صعوبة اجراء فصل بين السلسلة من جهة والضرائب من جهة أخرى، واصفة الإجتماع باللقاء التشاوري الحقيقي على الرغم من وجود اختلافات في وجهات النظر بين المشاركين.
وعلم ان من أبرز المعارضين الشرسين للسلسلة كان الأمين العام للمدارس الكاثوليكية الأب بطرس عازار، ورئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس، اللذين شرحا بالتفصيل أضرار زيادة الضرائب على السلسلة، وتداعياتها على القطاع الخاص، والمدارس الخاصة بحيث قال عازار بوضوح أمام المجتمعين «ان هناك مدارس قد تضطر الى إقفال أبوابها والتي يتدنى عدد طلابها الـ 400 طالب، وايقاف مدرسيها، وذلك بسبب عدم تمكنها من دفع الرواتب».
كذلك أوضح شماس ان إقرار السلسلة سيترتب عليها اضرار جسيمة في القطاعين الصناعي والتجاري، كما سينعكس ذلك على القطاع الإجتماعي.
فالشركات لن تتمكن من دفع زيادة الرواتب، كما لن تتمكن من استمرارية العمل والإنتاج. فهناك ازمة إقتصادية كبيرة وخطيرة، علينا التنبه اليها والتعامل معها بحكمة وروية وعدم التسرع«.
وفي هذا الإطار توقعت المصادر ان يصدق الرئيس عون على السلسلة هذا الأسبوع مع تقديم مشاريع قوانين تتعلق بزيادة الضرائب وتصحيحها.
وصدر عن اللقاء الحواري بيان رسمي اشار الى أنه «بدعوة من الرئيس عون، عقد لقاء حواري في قصر بعبدا قبل ظهر اليوم (أمس)، خصص للبحث في اوجه الخلاف والتناقض واختلاف الآراء بعد تصديق مجلس النواب على قانوني سلسلة الرتب والرواتب في القطاع العام واستحداث بعض الضرائب لغاية تمويل السلسلة المذكورة. وحضر اللقاء رئيس مجلس الوزراء وعدد من الوزراء المعنيين، ورئيس لجنة المال والموازنة وحاكم مصرف لبنان، وممثلون عن نقابات المهن الحرة والهيئات الاقتصادية واتحاد المؤسسات التربوية وهيئات صناعية واجتماعية والاتحاد العمالي العام واساتذة الجامعة اللبنانية». واوضح البيان ان الرئيس عون تحدث في بداية اللقاء مؤكداً «أننا نعالج في اللقاء الحواري اليوم (امس) بعض تناقضات برزت بعد صدور قانوني سلسلة الرتب والرواتب والضرائب، وسوف نجمع الآراء وندرسها بالتفصيل لاتخاذ الموقف المناسب من القانونين». وقال: «هناك مطالب محقة سوف تحترم، وما نسعى إليه هو تعديل لبعض الأخطاء التي وقعت. إن الإمكانات محدودة والوضع الاقتصادي دقيق مع وجود عجز في الميزان التجاري، لذلك لا بد من معالجة مسؤولة وشاملة، وإننا جاهزون لنستمع إليكم بانفتاح ونقيم حوارا حقيقيا يبرز القواسم المشتركة بين الأفرقاء المعنيين».
ثم تحدث الرئيس الحريري فشكر لرئيس الجمهورية دعوته الى الحوار، مشيرا الى أن «الوضع الاقتصادي حساس وعلينا درس الوسائل لتحريك العجلة الاقتصادية».
وقال: «صحيح أن هناك انقساما حيال سلسلة الرتب والرواتب ولكن هي المرة الاولى التي تصدر فيها السلسلة مع إصلاحات وعدد من الضرائب. ونحن ملتزمون كحكومة بالسلسلة التي أقرت ونحاول إيجاد وسائل لإعادة النمو الاقتصادي». وشدد الرئيس الحريري على ضرورة أن يقابل الصرف توفير مصادر التمويل له وليس من خلال الدين».
ثم تحدث المشاركون تباعا عارضين وجهات نظرهم حيال القانونين الصادرين والملاحظات التي توافرت لديهم، وتوالى الوزراء على تقديم شروحات للنقاط التي أثيرت. كذلك عرض رئيس لجنة المال والموازنة النيابية للمراحل التي قطعتها دراسة مشروع موازنة 2017، فيما قدم حاكم مصرف لبنان عرضا للواقع المالي في البلاد.
وفي نهاية التداول «الذي سادته أجواء من الصراحة والواقعية والمسؤولية، تحدث دولة الرئيس، فأكد أن الحوار الذي تحقق اليوم هو بداية، وأن الحكومة ستستمع الى كل القطاعات لمواكبة الوضع الاقتصادي في البلاد، كما أنها سترسل مشروع موازنة 2018 الى مجلس النواب ضمن المهل الدستورية».
وختم الرئيس عون اللقاء الحواري شاكرا الذين لبوا الدعوة، ومعتبرا أن النقاش أظهر وجود قواسم مشتركة بين الحاضرين، سيأخذها في الاعتبار خلال ممارسة صلاحياته الدستورية في ما خص قانوني سلسلة الرتب والرواتب والضرائب المستحدثة منطلقا من ضرورة أن تكون القوانين غير متناقضة ومتكاملة مع القوانين المرعية الاجراء ولا تمس بأمور اساسية تؤثر على الاستقرار والنهوض في البلاد.
ولفت عون الى أن الثغرات التي برزت في القانونين ستتم معالجتها وفقا للأصول الدستورية.
وقال: «سنتعاون معا للوصول الى الاهداف التي نسعى اليها وامامنا فرص حقيقية ليعود لبنان الى الموقع الذي نريده كما سنعمل معا على اقرار خطة تؤمن استقرارا اقتصاديا بموازاة الاستقرار الامني والسياسي الذي تنعم به البلاد. كما سنسعى معا الى انجاز الاصلاحات الضرورية والمضي في مكافحة الفساد. وشدد على ان على هيئات المجتمع مسؤولية ايضا في هذا المجال لانهاء واقع مؤسف جعل من مجتمع الفساد يتغلب على مجتمع الاصلاح. وأكد عون ان « القاعدة التي يبنى عليها الاصلاح والاستثمار في لبنان، هي تطوير البنى التحتية المناسبة في مجالات الكهرباء والمواصلات والاتصالات والمياه والطرق، وهذه كلها تتكامل مع أمن مستقر وقضاء نزيه وعادل».