تلقى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون امس اتصالا هاتفيا من نظيره التركي رجب طيب اردوغان، وتداول معه في التطورات الراهنة، لا سيما بعد اعلان الرئيس سعد الحريري استقالته من الخارج.
واكد الرئيس اردوغان دعم بلاده «للجهود التي يقوم بها الرئيس عون لمعالجة الازمة التي يمر بها لبنان حاليا»، مشددا على «وقوف تركيا الى جانب لبنان وسيادته واستقلاله واستقراره».
واتفق الرئيسان على استمرار التشاور فيما بينهما على مختلف المستويات.
أكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ان التماسك الذي اظهره اللبنانيون خلال الايام الماضية في اعقاب اعلان رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري استقالته من الخارج، حمى الوحدة الوطنية واكد لدول العالم ان لبنان وطن سيد ومستقل وقراره حرّ ما جعل هذه الدول تجدد حرصها على استمرار الاستقرار الامني والسياسي فيه وعدم السماح لاي جهة بالتدخل في شؤونه وفي قراراته وخطواته السيادية.
وفيما عبّر عون عن سروره لاعلان الرئيس الحريري عن قرب عودته الى لبنان، قال بانه ينتظر هذه العودة للبحث مع رئيس الحكومة في موضوع الاستقالة واسبابها وظروفها والمواضيع والهواجس التي تحتاج الى معالجة، لافتا الى ان الحملة الوطنية والديبلوماسية التي خاضها لبنان من اجل جلاء الغموض حول وضع الرئيس الحريري في المملكة العربية السعودية اعطت نتائجها الايجابية.
وتوقف عند ما اعلنه الرئيس الحريري من ان التسوية السياسية لاتزال قائمة، وان مسألة عودته عن الاستقالة واردة من ضمن خياراته.
مواقف عون جاءت خلال اللقاءات التي عقدها امس في اطار التشاور الذي يجريه مع القيادات السياسية والحزبية والهيئات الوطنية، وقد استقبل وفد «الهيئة الوطنية لحماية الدستور والقانون» برئاسة وزير العدل سليم جريصاتي وعرض مع اعضائها التطورات السياسية الاخيرة.
ونقلت الهيئة الى عون موقفها الدستوري والقانوني من الاستقالة التي اعلنها الرئيس الحريري من الرياض والذي يتضمن الاتي:
1- تعرب الهيئة عن تقديرها العالي لطريقة تعاطي رئيس الجمهورية مع الازمة منذ لحظة نشوئها، وقد شكل اداؤه ممارسة رفيعة لدوره المنصوص عليه في المادة 49 من الدستور كرئيس للجمهورية ورئيس للدولة ورمز لوحدة الوطن وحام للدستور، وقاد الى استيعاب الازمة وحماية الاستقرار وترسيخ الوحدة الوطنية واقعا معيوشا في ابهى حلله.
2 – ان استقالة اي مسؤول في الدولة من مركزه لا يصح ان تتم الا داخل الاراضي اللبنانية لانها عمل سيادي من جهة وداخلي محض من جهة ثانية، ولم يسجل العرف الدستوري اللبناني اي استقالة حكومية من الخارج، علما ان الدستور ينص في مادته 26 على ان مركز الحكومة والبرلمان هو العاصمة بيروت.
3- يوجب العرف الدستوري ان يتسلم رئيس الجمهورية الاستقالة من رئيس الحكومة بصورة خطية خلال لقاء يجمعهما حتى يبتها رئيس الجمهورية.
4- ان الملابسات والظروف التي رافقت اعلان الاستقالة المزعومة تشكل قرينة على انها تمت بالاكراه، والاكراه يفسد ويبطل كل عمل ويحيله كأنه لم يكن، وفي ظل الملابسات والظروف اياها المتمادية، فان كل ما صدر ويصدر عن الرئيس الحريري من مواقف لا يمكن الاعتداد به.
5- في جميع الاحوال ومهما تكن ظروف الاستقالة المزعومة، فهي لا ترتب اي نتائج قانونية او دستورية قبل ان يعلن رئيس الجمهورية قبولها عملا باحكام المادة 53 من الدستور، وهو حر في اختيار التوقيت الذي يراه مناسبا لبتها بحسب ما تمليه عليه قناعاته ومقتضيات المصلحة الوطنية العليا، على انه ما دام الرئيس لم يبت الاستقالة المزعومة او انه يعتبرها كأنها لم تكن، فمؤدى ذلك ان الحكومة لا تزال حكومة قائمة وعاملة ومكتملة المواصفات الدستورية وليست حكومة تصريف اعمال والوزراء فيها ليسوا وزراء تصريف اعمال، بل وزراء عاملون، ولا يجوز بالتالي القفز الى الحديث عن استشارات نيابية من اجل تسمية رئيس حكومة مكلف.
6- ان رئيس الحكومة بحسب اتفاقية فيينا يتمتع بالحصانة الديبلوماسية ولا يجوز توقيفه في دولة اخرى تحت اي ذريعة.
7- تثمن الهيئة عاليا مواقف المرجعيات الزمنية والروحية والافرقاء والكتل النيابية في تأييد خطوات رئيس الجمهورية والتمسك بعودة رئيس الحكومة سعد الحريري قبل اي امر آخر، وتنوه بالوعي اللافت الذي اثبته اللبنانيون في التعاطي مع الازمة وتدعو القيادات والمواطنين الى الاستمرار في الالتفاف حول فخامة رئيس البلاد والاصرار على مطلب عودة الرئيس الحريري حرا وكريما وعزيزا الى لبنان باعتباره مسألة حق وكرامة وسيادة، وهي على ثقة بقدرة وطننا على تجاوز هذه المحنة.»
والتقى عون وفد «جبهة العمل الاسلامي في لبنان» ضم الشيخ زهير عثمان جعيد والنائب كامل الرفاعي والشيخ بلال سعيد شعبان.
النائب محمد الصفدي
واستقبل عون النائب محمد الصفدي واجرى معه جولة افق تناولت الاوضاع السياسية الراهنة والتطورات الاخيرة. هم: سفيرة لبنان في الاردن ترايسي شمعون وسفير لبنان في السويد حسن صالح لمناسبة مغادرتهما لبنان لتسلم مهامهما الديبلوماسية الجديدة.
كما استقبل الرئيس عون بطريرك انطاكيا وسائر المشرق للروم الارثوذكس يوحنا العاشر اليازجي على رأس وفد من مطارنة الطائفة، ضم المطارنة: الياس عودة، الياس كفوري، انطونيوس الصوري، كوستا كيال ويوحنا بطش، وجرى عرض للتطورات التي شهدتها الساحة المحلية والاتصالات التي اجراها رئيس الجمهورية من اجل احتواء الازمة والمحافظة على استقرار لبنان. ونوه الرئيس عون بـ»مواقف البطريرك اليازجي والدعوات التي اطلقها من اجل وحدة لبنان واللبنانيين».
اليازجي
بعد اللقاء، تحدث البطريرك اليازجي الى الصحافيين، فقال: «ان زيارتنا لفخامة الرئيس العماد ميشال عون هي من اجل ان نعبر له شخصيا عن محبتنا ووقوفنا الى جانبه، خصوصا في ظل هذه الظروف القاسية والدقيقة التي يمر بها لبنان والمنطقة بشكل عام. لقد اكدنا لفخامته انه الضمانة الاولى لاستقرار وامن وثبات لبنان، خصوصا لما يتمتع شخصه من ميزات وفضائل الصبر والوداعة والحكمة والدقة في متابعة قضايا بمثل هذه الاهمية وفي هذه الاوقات بالذات. ووضعنا فخامته في اجواء الاتصالات التي اجريناها في اليومين الماضيين من اجل تدعيم تكاتف وتلاحم اللبنانيين واهمية الوحدة الوطنية، فزرنا مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان برفقة الاخوة المطارنة، كما اتصلنا بغبطة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي وسائر رؤساء الطوائف المسيحية والاسلامية من اجل هذه الغاية التي تمكن لبنان من ردع كل خطر يلوح في الافق».
واكد ان «ثقتنا كبيرة بكل اللبنانيين وبوعيهم وقد كانت هذه الثقة في مكانها وفق ما اظهره اللبنانيون، لنكون عائلة واحدة لسلامة لبنان والعيش الكريم والآمن فيه. لقد طمأننا فخامته ان لبنان باق كما هو من النواحي كافة لجهة الاستقرار الامني والاقتصادي والسياسي والاجتماعي وغيره، مشيداً بتلاحم اللبنانيين بكل اطيافهم، لان الازمة تمس كل لبنان وسيادته خط احمر لجميع اللبنانيين. نأمل ونصلي من اجل عودة الرئيس سعد الحريري الى بلده، وان تستمر الامور في لبنان على حالها، كما نصلي ان يحمي الله لبنان واللبنانيين والمنطقة».
سئل: هل لديكم معلومات جديدة عن المطرانين المخطوفين؟
اجاب: «لا شيء جديدا في هذا الخصوص، والسعي لا يزال متواصلا، ونحن نحاول ونتابع ونأمل خيرا».
سئل: هل انتم مطمئنون الى ان انتهاء الامور بخير على لبنان؟
اجاب: «نعم، وهذا ما اكد عليه فخامته، وهي مناسبة لنتوجه الى اللبنانيين ودعوتهم الى الاطمئنان، فالعاصفة ستمر ومررنا بظروف صعبة وقاسية وتخطيناها».