IMLebanon

  مشاورات عون تحتوي الازمة والقرارات في مجلس الوزراء

بقي قصر بعبدا منذ «سبت الاستقالة» في 4 تشرين الثاني التي اعلنها الرئيس سعد الحريري من الرياض وحتى «اربعاء التريّث» في 22 الجاري والى اليوم، محور اللقاءات والاهتمامات الداخلية. فكما فتح رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ابواب القصر امام القوى السياسية كافة من دون استثناء منذ «قنبلة» الاستقالة للبحث في تردداتها وفي كيفية ايقاف مفاعيلها السياسية والامنية والاقتصادية، عاد امس ليفتح الابواب مجدداً، لكن لعرض الاسباب الجوهرية للاستقالة من خلال الاستماع الى اراء وافكار الاحزاب والقوى السياسية ومقترحاتهم في شأن حلّ الازمة الحكومية التي حددها الرئيس الحريري بنفسه بثلاث نقاط: التزام اتفاق «الطائف»، الحفاظ على علاقات لبنان بالدول العربية وتنفيذ سياسة «النأي بالنفس» عن الصراعات والمحاور الاقليمية قولاً وفعلاً، قبل ان يضع الرئيس عون رئيس مجلس النواب نبيه بري والرئيس الحريري في لقاء ثلاثي جمعهم في نتائج المشاورات التي استمرت طيلة فترة قبل الظهر.
وفي حين اجمع معظم رؤساء الكتل النيابية والاحزاب السياسية على «اهمية الالتزام بالنأي بالنفس (بإستثناء النائب محمد رعد الذي لم يُشر اليه) وتفعيل العمل الحكومي المُجمّد منذ الاستقالة، علماً ان هناك انقساماً حول النأي بالنفس تمثّل برأيين: الاول بدعوة البعض الى تحديد مفهوم هذا النأي لانه «مطاطي»، والا يشمل الازمة السورية والتهديدات الاسرائيلية والارهاب، في حين شدد اصحاب الرأي الثاني (القوات اللبنانية والكتائب) على ضرورة الالتزام فعلياً بالنأي والحياد الايجابي عن ازمات المنطقة، اشارت المعلومات الى «ان «المخرج» لازمة الاستقالة قد يكون بالعودة الى البيان الوزاري، وتحديداً الى الفقرة التي تشدد على اهمية «نأي لبنان عن الصراعات الاقليمية والدولية والخلافات بين الدول»، وبالتالي اذا وافق الرئيس الحريري على اعتماد هذا المخرج تعود حكومة «استعادة الثقة» الى الاجتماع الاسبوع المقبل».
وكان  رئيس الجمهورية العماد ميشال عون اجرى مشاورات مع كل الفرقاء السياسيين اختتمها بلقاء رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، واطلعه على «نتائج المشاورات التي اجراها قبل ظهر امس مع رؤساء وممثلي الكتل النيابية»، وجرى عرض لحصيلة هذه المشاورات و»كيفية الاستفادة منها لتعزيز الوحدة الوطنية».
ثم رئيس مجلس النواب نبيه بري الى القصر الجمهوري، وعقد لقاء ثنائيا مع الرئيس عون امتد نحو نصف ساعة، انضم اليه بعدها الرئيس الحريري، حيث استكمل استعراض ما تم بحثه قبل الظهر.
وبعد انتهاء اللقاء الثلاثي، غادر الرئيسان بري والحريري، فاكتفى رئيس مجلس النواب بالقول للصحافيين: «تفاءلوا بالخير تجدوه»، فيما بدا الارتياح على وجه الرئيس الحريري الذي التقط صور «سيلفي» مع الاعلاميين والاعلاميات في بهو القصر.
بيان مكتب الاعلام
على الاثر، صدر عن مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية البيان الآتي: «اجرى فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مشاورات اليوم مع رؤساء وممثلي عدد من الكتل النيابية، للبحث في السبل الآيلة الى معالجة الاوضاع التي نشأت عن اعلان دولة رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري استقالة الحكومة ثم تريثه في المضي بها بناء على طلب فخامة الرئيس. وتم خلال المشاورات طرح المواضيع التي هي محور نقاش بين اللبنانيين، بهدف الوصول الى قواسم مشتركة تحفظ مصلحة لبنان وامنه واستقراره ووحدة ابنائه».

وبعد ظهر اليوم (أمس)، عرض فخامة الرئيس مع دولة رئيس مجلس النواب نبيه بري ودولة رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، نتائج هذه المشاورات التي كانت ايجابية وبناءة، وقد توافق خلالها المشاركون على النقاط الاساسية التي تم البحث فيها، والتي ستعرض على المؤسسات الدستورية بعد استكمال التشاور في شأنها اثر عودة فخامة الرئيس من زيارته الرسمية الى ايطاليا، والتي تبدأ يوم الاربعاء المقبل (غدا)  وتستمر حتى يوم الجمعة.
وقد اشاد فخامة الرئيس بالتجاوب الذي لقيه من رؤساء وممثلي الكتل السياسية الذين شددوا على اهمية المحافظة على الوحدة الوطنية والاستقرار الامني والسياسي والاقتصادي وتذليل العقبات امام ما يعيق مسيرة النهوض بالدولة التي بدأت قبل سنة».
المشاورات
وقد باشر رئيس الجمهورية في قصر بعبدا لقاءاته التشاورية مع الكتل السياسية الممثلة في الحكومة وعدد من الاحزاب اللبنانية، وذلك للوقوف على آرائها في عدد من المواضيع التي طرحها رئيس الحكومة سعد الحريري لدى اعلانه التريث في استقالته.
خليل: وافتتح الرئيس عون شريط المشاورات باستقبال وزير المال علي حسن خليل ممثلا «حركة امل» الذي قال بعد اللقاء «بناء على دعوة الرئيس، تشرفت بنقل موقف «حركة امل» من القضية السياسية المطروحة، وسألنا رئيس الجمهورية حول مجموعة من النقاط التي هي مدار بحث، وكان واضحا تقارب وجهات النظر مع فخامته حول معظم القضايا المطروحة والتي فيها تأكيد على التزام لبنان وحكومته بالثوابت التي تم الاتفاق عليها وصياغتها في البيان الوزاري وتأكيد التزامنا بميثاقنا الوطني. كما تم التطرق، في خصوص معالجة الازمة، الى كيفية متابعة المشاورات وانضاجها حتى اعادة الانتظام الى عمل المؤسسات لاسيما مجلس الوزراء».
واشار الى «اننا متفائلون بالوصول الى تفاهم يعيد العمل في مجلس الوزراء ويُجنّب لبنان اي خضة باستقراره السياسي والامني».
الصحناوي: ثم استقبل رئيس الجمهورية الوزير السابق نقولا الصحناوي ممثلا «التيار الوطني الحر» الذي لم يدل بأي تصريح.
استمرار الحكومة
فنيانوس: كذلك، التقى الرئيس عون وزير الاشغال العامة والنقل يوسف فنيانوس عن رئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية الموجود خارج لبنان. وقال فنيانوس اثر اللقاء «امثّل اليوم «تيار المردة» ورئيسه سليمان فرنجية في المشاورات التي اطلقها الرئيس حول موضوع الازمة والنتائج التي صدرت عنها في الاسبوعين الاخيرين، والمتعلقة بموضوع رئيس مجلس الوزراء الرئيس سعد الحريري. ونحن نعتبر ان ما قام به فخامة الرئيس وكل طرف في الجمهورية اللبنانية في هذا الموضوع يُعبّر عن الوحدة اللبنانية التي تجلّت في شكل واضح إثر هذه الازمة التي مرّت فيها البلاد. ومن ناحية ثانية، تمنينا على فخامته استمرار عمل هذه الحكومة ملتزمين التزاماً مطلقاً ببيانها الوزاري، وطبعاً تحت مظلة اتفاق «الطائف» ووثيقة الوفاق الوطني.»
اضاف «إن البحث الذي يجري اليوم في مختلف الدوائر المعلنة وغير المعلنة، هو حول موضوع النأي بالنفس، واطّلعتم جميعاً في هذا الخصوص على التغريدة التي نشرها فرنجية خلال الازمة، وهي انه في ما خص موضوع الثوابت نحن لا نغيّر موقفنا ولا نتغير. فهذه ثوابتنا ومستمرون عليها. وابلغنا فخامة الرئيس هذا الموقف، واعلنا بصورة صريحة بأننا في هذا الموضوع بالذات وفي المواضيع الاستراتيجية، وموضوع النأي بالنفس هذه هي مواقفنا منذ ان بدأنا بالعمل السياسي، وهي تستمر حتى نهاية عمل هذه الحكومة وما بعدها».
* النأي بالنفس عن ماذا بالتحديد؟ فكلامكم ليس واضحاً حول هذا الموضوع.
– «نحن ملتزمون بالبيان الوزاري».
* البيان الوزاري لم يذكر موضوع النأي بالنفس.
– «نحن لم نذكر موضوع النأي بالنفس في البيان الوزاري، لأن سبق ان استُعمل قبل ذلك ولم نكن نريد استخدام العبارة ذاتها».
رعد: واستقبل رئيس الجمهورية رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد ممثلا «حزب الله» الذي صرّح بعد اللقاء «ان التشاور مهم في هذه المرحلة، خصوصاً في حضرة رئيس الجمهورية القوي واطراف متفهمين لدقة وحساسية الظرف. بحثنا في ما يتصل بحماية لبنان وضمان إستقلال قراره واستئناف عمل حكومته وعودة الحياة السياسية إلى طبيعتها وكانت الآراء متطابقة ونأمل ان ننتقل إلى الفعل».
الحياد الكامل
النائب الجميل: واستقبل الرئيس عون النائب سامي الجميل عن حزب «الكتائب» الذي صرح بعد اللقاء «اننا نقدر جداً دعوات رئيس الجمهورية للتشاور مع الجميع ، ونعتبر ان التواصل بهذا الشكل الدائم مع فخامة الرئيس امر جيد كي نتمكن من ابداء رأينا، على الاقل، في المسائل المطروحة. اما في ما يتعلق باجتماعنا اليوم، لقد طرح علينا رئيس الجمهورية موضوعين، الاول ويتعلق برأينا ومفهومنا للنأي بالنفس، واكدنا في هذا الاطار ان ما نؤمن به هو الحياد الكامل للبنان وليس النأي بالنفس ذو المفهوم المطاط والذي ليس له اية مرتكزات قانونية او دستورية. اننا مع اقرار حياد لبنان الكامل، وهذا الحياد ليس في الدفاع عن لبنان، لكنه حياد عن الصراعات التي لا علاقة له بها، ذلك ان الدفاع عن لبنان هو شأن لبناني لا يمكن للبنان لا ان يُحيّد نفسه ولا ان ينأى بنفسه عنه. فالدفاع عن لبنان شيء والحياد عن الصراعات الاقليمية التي لا علاقة لها بلبنان شيء آخر».
اضاف «نحن مع اعتماد حياد كامل للبنان في الداخل، بحيث انه اقرار داخلي، واعتراف خارجي، وهو ما نعتبره وسيلة لحماية لبنان من كل الاذى الذي يمكن ان يلحق به وما يعطينا حصانة وحماية دوليتين. وشرط الحياد هو السيادة، فلا حياد بلا سيادة، ولا دولة بلا سيادة، كما ان لا يمكننا ان نقوم باي خطوة باتجاه بناء الدولة ما لم تكن الدولة سيدة قرارها وما لم يكن الشعب اللبناني هو من يقرر مصيره. لهذا السبب اننا نعتبر ان الشرط الاساسي للحياد سيادة الدولة وحصرية السلاح بيدها، وهذا شرط اساسي لقيام الدولة في شكل عام بكل الملفات الاخرى. واستغرب كل الكلام الذي يُحكى كأن مشكلة لبنان الوحيدة تدخل «حزب الله» بالدول العربية الامر الذي يُشكّل بالتأكيد ضرباً لسيادة الدولة وحياديتها وتدخلا غير مقبول في شؤون الاخرين، انما الاخطر من ذلك السلاح في الداخل. وللاسف، لا احد يتناول هذه المشكلة، ومشكلة السيادة وحق الشعب اللبناني بتقرير مصيره». واعتبر النائب الجميل «ان طرح كل هذه الامور اساسي بالنسبة الينا، لان بقدر ما يهمنا عدم التدخل في شؤون الاخرين ورفض تدخل الاخرين في شؤوننا، الا ان لدينا مشكلة كبيرة في الداخل تستلزم حواراً ونقاشا نتمنى ان يحصل تحت سقف المؤسسات كي نتمكن من حل معضلاتنا مرة نهائية، لان الشعب اللبناني تعب من العيش في المؤقت الدائم، ومن العيش على اعصابه ومن الخوف الدائم من المستقبل. لقد حان الوقت ان نستفيد من هذه الازمة ونحوّلها الى شيء ايجابي من خلال الجلوس سويا ودراسة سبل حل مشاكلنا بنيويا كي لا تتكرر الازمة التي نعيشها اليوم او تلك التي حصلت في السابق».
النأي مطاط
ارسلان: واستقبل رئيس الجمهورية وزير المهجرين طلال ارسلان عن الحزب «الديموقراطي اللبناني» وقال «نحن نقدّر عالياً ونثمّن دور رئيس الجمهورية بكل المقاربات التي اجراها خلال الايام العشرين الماضية لاحتضان الحالة الوطنية الجامعة والتي كان له فعلاً الدور الكبير بإرسائها بحنكته وتوجهه وصلابته في الوقت ذاته، وفي تحصين الموقف اللبناني العام. ونشكره على المبادرات المتتالية وهذه هي المرة الثالثة التي يدعو فيها الفرقاء للتشاور في هذه المسائل لمحاولة إيجاد حلول جدّية لضمان وحدة اللبنانيين والاستقرار في حياتنا السياسية ان كان على مستوى المؤسسات الدستورية او الاقتصادية والمالية وغيرها».
وعن موقفه من موضوع النأي بالنفس، اجاب ارسلان «موقفنا واضح وصريح في هذه المسألة. ان كلمة النأي بالنفس عامة ومطاطة وفخامة الرئيس يحاول ان يوحّد الاراء حولها. اننا في هذه المسألة منفتحون على الحوار ومتجاوبون مع اي مسألة ضمن المنطق والمعقول، إنما على المستوى السياسي، فاني لا افهم ما معنى النأي بالنفس في مواجهة الإرهاب. نريد جوابا على ذلك، او النأي بالنفس بالنسبة الى الاعتداءات الاسرائيلية المتكررة على لبنان فهل هذا ينطبق عليها مبدأ النأي بالنفس؟ هل ان الإرهاب ومحاربته ينطبق عليهما كلمة النأي بالنفس؟ والنقطة الأساسية في هذه المسألة مثل مسألة الحياد عندما نتكلم عن الحياد. ليس المهم ان نقرر نحن فقط ان ننأى بأنفسنا او نقرر الحياد، فالمهم، ايضا، ان ينأى الآخرون بأنفسهم عنّا. المسألة ليست من طرف واحد بل متكاملة. من هذا المنطلق نحن في هذه الساعة نؤيّد موقف فخامة الرئيس ومنفتحون على الحوار مع كل القوى، وندعم توجهات فخامة الرئيس للمّ شمل اللبنانيين، لكننا نريد اجوبة واضحة حول مفهوم كلمة النأي النفس عند الجميع وعلى ضوء هذا الأمر كل شخص يدلي بموقفه».
تأييد الرئيس
بقرادونيان: والتقى الرئيس عون الامين العام لحزب «الطاشناق» النائب هاغوب بقرادونيان الذي قال «تشرفت بمقابلة فخامة الرئيس، وتأكدنا مرة اخرى بأن التشاور والحوار هما الطريقان الوحيدان اللذان يوصلاننا الى حلول. واكدنا لفخامته وقوفنا الى جانب هذه المبادرة، وهي لإعادة الانتظام الى العمل السياسي الرسمي في البلد. وتمنينا على فخامته الاستمرار في هذه المبادرة للخروج من الازمة ونأمل ان يعود الرئيس الحريري الى الحكومة وان يدعو الى جلسة حكومية، ونستمر في العمل حتى إجراء الانتخابات النيابية بناء على البيان الوزاري وعلى التسوية التي تمت مع انتخاب فخامة الرئيس ومجيء الرئيس الحريري الى لبنان».
الناشف: والتقى رئيس الجمهورية رئيس الحزب «السوري القومي الاجتماعي» حنا الناشف الذي قال «قدمنا الى رئيس الجمهورية الشكر الجزيل على مواقفه الوطنية وعلى استيعابه للأزمة، والحفاظ على السلم الاهلي والوحدة الوطنية وضمانها وصيانة وحدة الشعب اللبناني بموقف وطني متميز».
اما بالنسبة الى موضوع النأي بالنفس، فاشار الى «ان مواقفنا كانت ولاتزال كما هي، إذ طلبنا ان يُحدد النأي بالنفس، تحديد علمي قانوني كامل، وان لا يكون كلاما موجها ضد دول او دولة معينة. وذلك كي يتجنّب لبنان السقوط في محاور او تحالفات نرفضها جميعا، لأننا نريد لبنان الواحد الذي يحافظ على امنه وسيادته الواحدة، وعلى وحدة شعبه وتضامنه واحتضان كل مكوّنات الشعب اللبناني ونسيجه».
تقزيم الازمة
جعجع: واستقبل الرئيس عون رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع الذي قال «تشرفت بلقاء فخامة الرئيس، وطرحت رأي حزب «القوات» بالازمة الحالية. وانا ارى في مكان ما ان هناك من يحاول ان يُقزّم الازمة او ان يأخذها في شكل سطحي، والواقع ليس كذلك. فجميعنا متمسكون بالتسوية وهذا ما اريد ان اؤكد عليه، ونريد الاستقرار الذي له مقومات. فليس عبر المزاح يحصل الاستقرار ونحافظ على التسوية، واكبر دليل ان التسوية كانت موجودة، فما هو سبب الازمة التي نعيش؟ هناك من يلبس التسوية ثوباً ليس لها بالفعل. واذا اردنا ان نصل الى نتيجة يجب ان نُفتّش عن السبب الحقيقي للأزمة ونحاول حلّها. فكل مشكلة لها حل، لكن للحلول مقومات. وتطرقت مع فخامة الرئيس الى ثلاث نقاط رئيسية، وتناولنا على هامش اللقاء ايضاً موضوع النازحين. ورأينا واضح جداً في هذه المسألة، وهو انه حان الوقت لأن يعود النازحون السوريون الى بلادهم بكل كرامة وعزّة. لأنه اصبح هناك حد ادنى من المناطق الآمنة، بقدر الامن الموجود في لبنان، وبالتالي ليست هناك اي ضرورة لاستمرار وجودهم هنا. ومن يستطيع منهم العودة الى سوريا من خلال معبر المصنع فليفعل، وليس لدينا اي مشكلة بذلك، ومن لا يستطيع ان يعود عبر المصنع، لسبب انه قد يتم اعتقاله او قتله او قد يسجن، فيمكن لن يعود الى المناطق الآمنة في الشمال من خلال تركيا او المناطق الآمنة في الجنوب من خلال الاردن. لذلك فإن على لبنان وبالتحديد وزارة الخارجية ان تنسّق مع الوكالات المعنية في الامم المتحدة من جهة، ومع الدول المعنية بالاخص تركيا والاردن وروسيا واميركا. وهذا في ما يتعلق بموضوع النازحين الذي لا اعتقد ان هناك احداً في لبنان يختلف حوله».
وتابع جعجع «اما النقطتان الاخريان اللتان يوجد خلاف حولهما، فهما موضوع النأي بالنفس، الذي هو ليس فقط مجرد رأي للبعض، إنما واقع نعيشه على مستوى منطقة الشرق الاوسط، حيث هناك ازمة كبيرة، ومن المهم ان نقوم بكل ما يجب كي يبقى لبنان في مأمن عن كل ما يحصل في منطقة الشرق الاوسط. ان النأي بالنفس يجب ان يكون فعلا اكثر من قول. فلا احد يرى انه كي تُحل الازمة يجب ان يقال اننا فقط مع النأي بالنفس. فبذلك لا تكون قد حلّت، إذ ان النأي بالنفس يعني الخروج الفعلي من ازمات المنطقة. وانا لا اعتقد اننا كلبنانيين نطلب الكثير إذا طالبنا جميعنا الخروج من ازمات المنطقة وفي شكل عملي. ولنا جميعا الحرية بأن يكون لنا رأي في هذا الموضوع. فنحن، مثلاً حتى الآن نقول ان النظام في سوريا لا يمكن ان يستمر، فهذا رأي سياسي. وهناك من يستطيع ان يقول ان هذا النظام ديموقراطي وحرّ وحضاري يجب ان يبقى. فهذا اصبح رأيا سياسيا، والاشكال ليس هنا. فعلينا ان نخرج فعلياً من ازمات المنطقة».
اما النقطة الثانية، فاشار رئيس «القوات»، الى «ان الدولة اذا لم تكن تريد ان تكون دولة فعلية، فسنبقى معرّضين. فموضوع سلاح «حزب الله»، مطروح شمالاً ويميناً. ومن الممكن ان يقول البعض ان في ظل هذه الازمة تطرحون هذا الموضوع، لكننا نرى بدورنا اننا نستطيع ان نذهب الى مرحلة «لا يموت الديب ولا يفنى الغنم» وفي الوقت نفسه نؤمّن كل مقومات الاستقرار المطلوبة، خصوصاً في ظل حمأة الازمات في المنطقة».
* هل هذا يعني ان «القوات اللبنانية» لن تستقيل ولن تخرج من الحكومة؟
– «إذا كان البعض مستعجل كي نخرج من الحكومة، فنحن لن نخرج منها. واذا اردنا ذلك، نحن من يحدد متى نفعل. ولا تنسوا انه يُعاد الان النظر بالتسوية. وإذا لم يحصل ذلك، فإننا سنبقى في الازمة التي نحن واقعون فيها».
* الا يُعتبر حديثكم تطوراً في موقفكم من وضع القرار العسكري في يد الدولة؟
– «في مرحلة اولى».
اعادة نظر بالتسوية
* ليس واضحاً عدم ذهابكم الى الاستقالة، في وقت ان التصاريح، وفقاً للبعض، كانت تقول ان الاستقالة قائمة، لكنكم تنتظرون التوقيت؟ لماذا تغير موقفكم اليوم؟
– «لأنه يتم إعادة النظر بالتسوية. فالرئيس الحريري استقال وقال ان من الممكن ان يُعيد النظر باستقالته، شرط ان يُعاد النظر بالطريقة التي كانت فيها معالجة الامور».
* لماذا لم تتصل بالرئيس الحريري حتى الآن؟
– «من قال لكم ذلك. هل علي ان اخبركم كلما تواصلت معه».
* يبدو ان هناك سوء تفاهم او زعلان مع الرئيس الحريري؟
– «مع الرئيس الحريري لا يوجد زعل. هناك البعض، ومنهم احباء في البلد وعلى مستوى كبير جداً، من اطلق شائعات واخباراً مغرضة وكاذبة عن «القوات اللبنانية». وانا اريد ان اوضّح امراً على هذا الصعيد، فمن الممكن لكثيرين ان يزايدوا علينا في الكثير من الامور، إلا في المواضيع السيادية، مثل ان يتدخل احد في شؤوننا. فنحن لدينا حساسية مفرطة حول هذا الموضوع. وللاسف هناك من كانت عاطفته تجاه الرئيس الحريري جيّاشة، واخذ يُطلق علينا اتهامات شتى، في الوقت الذي اريد ان اذكرهم اين كانوا هم في 7 ايار ونحن اين كنا، واين كانوا خلال حصار السراي وانا شخصياً اين كنت؟ فالرئيس الحريري عام 2011 دخل الى البيت الابيض رئيسا للحكومة وتم اسقاط حكومته في لبنان. واذا كانت ذاكرة البعض قصيرة، فنحن والكثير من اللبنانيين ذاكرته ليست كذلك، وبالتالي كل هذه الحملات مردودة. واذا كان البعض متضايق من وجودنا في الحكومة، فنحن لا نشعر بذلك. وسنواصل القيام بكل ما كنا نقوم به، واذا كان هناك من لا يريد ان نطرح كل المواضيع التي كنا نطرحها، بدءاً من زيارة وزراء الى سوريا، انتهاء بتقديم السفير اللبناني اوراق اعتماده للرئيس الاسد، فلم نر ايا من السفراء يقدم اوراق اعتماده منذ سبع سنوات الى الآن امام الرئيس الاسد. وما بينهما من صفقات. واذا كان البعض غير مسرور بهذه المواقف، فنحن من جهتنا مسرورون».
ازمة عابرة
جنبلاط: والتقى الرئيس عون رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» النائب وليد حنبلاط الذي قال بعد اللقاء «في هذه الأزمة التي سنسميها عابرة، لكن الصعبة والدقيقة التي مرّرنا بها اثبت الرئيس عون شجاعة هائلة وحكمة كبيرة جداً في كيفية الدوزنة السياسية من اجل الخروج من هذا المأزق. ولا شك كان صوته ومواقفه مهمة جداً في تصويب الأمور واستطعنا من خلالها ان نصل إلى شاطئ الأمان، لذلك، في المحادثات التي جرت اليوم اوكلت له معالجة الأمور الباقية ونثق به وبحكمته».
ورداً على سؤال حول إذا ما كان يعتبر من خلال تغريدته على تويتر والصورة التي ارفقها بها ان موضوع السلاح ما زال يُهيمن على الإطار السياسي في لبنان، اجاب «اعتقد ان من الأفضل ومن الحكمة ان لا نشير في اية محادثات لاحقة إلى قضية السلاح. لأننا إذا اردنا ان ندخل في سجال حول قضية السلاح في الداخل نعود إلى الحوارات السابقة على ايام الرئيس بري في الـ2006 وعلى ايام الرئيس السابق ميشال سليمان. اعتقد هذا الأمر غير مجد. هذا رأيي. فلنتحدث عن الأمور التي تحدثوا عنها اي النأي بالنفس وكيفية تطبيقه، وعلينا الا ننسى جميعاً ان من المهم جداً ان نهتم بقضية الاقتصاد، صحيح ان حاكم المصرف المركزي انقذنا او انقذ الأسواق، لكن نحن بحاجة لمعالجة اكثر وحتى قضية رفع الفائدة تسبب جموداً في الأسواق لا بد من معالجته».