كتبت تيريز القسيس صعب:
الاهتمام الفرنسي مع لبنان ومشاكله الداخلية والاقليمية، والذي يعود الى اعوام، لم تخف وطأته، ولم يتراجع المام المسؤولين الفرنسيين بالملفات الساخنة والحساسة.
فالدعم الفرنسي اللامتناهي في المحافظة على امن واستقرار لبنان، وتعلق اللبنانيين «بالام الحنون»، دفع الرئيس الفرنسي ايمانوييل ماكرون الى المضي قدما وعدم التراجع عن اجراء اﻻتصالات الدولية والعربية الضرورية واللازمة لعقد مؤتمرات دولية تساعد وتدعم لبنان ﻻجتياز المراحل اﻻقليمية الصعبة، في انتظار الحلول الدولية للأزمة السورية.
فكان الحشد الدولي اﻻول في روما لمساعدة الجيش، ثم تلاه المؤتمر السياسي اﻻقتصادي «سيدر» الذي عقد اخيرا في العاصمة الفرنسية، وﻻحقا ينتظر ان يعقد في بروكسيل مؤتمر حول النزوح السوري وكيفية معالجة هذه اﻻزمة.
ولعل التحرك الفرنسي عبر اعلان ماكرون عن وضع» برنامج أوروبي لتمويل المجتمعات التي تستضيف السوريين»دليل ثابت بان المؤتمر المقبل قد يحمل في مضمونه التفاتة دولية وأوروبية للدول التي تتحمل عبء النزوح وتداعياته.
على أي حال السفير الفرنسي في لبنان برونو فوشيه، وفي اول حديث عن المؤتمرات الدولية وتحديدا مؤتمر «سيدر» خص «الشرق» بسلسلة مواقف عن النيات الفرنسية تجاه لبنان، فاكد ان هذا المؤتمر هو من احد عناصر خريطة طريق مجموعة الدعم الدولية. وقال ان الجميع وضع امام اعينه اهمية اعادة انعاش اﻻقتصاد اللبناني واحياء النمو اﻻقتصادي، مشددا ان على الحكومة القيام باجراءات اصلاحية جذرية تعتمد الشفافية.
واعتبر انه ﻻ يمكن، ﻻ للمملكة العربية السعودية، وﻻ للبنان ان يديرا ظهرهما، فهما بلدان شريكان منذ سنوات. وقال: ان ما يهم فرنسا التمسك بالاستقرار في لبنان، وان يتبنى لبنان كل ما التزم به، وان ينأى فعليا بنفسه ،مطالبا كل اﻻفرقاء السياسيين ان ينأوا عن انفسهم بمن فيهم حزب الله.
واعتبر الديبلوماسي الفرنسي انه طالما ليس هناك من حل لعودة النازحين السوريين، فان العودة لن تتم.
«سيدر» والمجريات السياسية
وأكد فوشيه في حديثه لـ«الشرق» ، «انه لا يمكن فصل مؤتمر سيدر عن مجريات الامور السياسية العامة، اذ انه احد عناصر خريطة الطريق التي وضعتها مجموعة الدعم الدولية للبنان التي انعقدت في باريس في كانون الاول الماضي». وقال: ان هذه الخريطة تشمل 3 نقاط اجتماع «روما» لدعم الجيش الذي حصل الشهر الماضي، وهدفه الاجابة على السؤال كيف نريد ان يكون لبنان قويا، وللاجابة على هذا الامر راينا انه يجب دعم المؤسسات العسكرية كالجيش والقوى الامنية كقوى الامن الداخلي وما يتفرع عنها، بهدف مواجهة التهديدات الارهابية التي تطاول اﻻراضي اللبنانية.لقد شارك في هذا اللقاء حوالى 40 دولة اتت لتعبر عن تضامنها الاكيد للبنان.
النقطة الثانية، فهي اجتماع «سيدر» ومضمونه هو ذاته، انما في اطار دعم اﻻقتصاد اللبناني الضعيف لمعالجة نسبة التضخم العالية ومشكلة البطالة الموجودة اليوم في لبنان عند اللبنانيين والسوريين أيضا، واذا كان هدفنا المحافظة على استقرار البلد، فيجب اعادة اطلاق اقتصاده. الهدف الذي ارادته الحكومة هي خلق خطة للاستثمار، وهي خطة اعادة تحريك عجلة اﻻقتصاد. ولاجل ذلك على لبنان ان يجمع عدداً من الشركاء الدوليين من الذين يقبلون بهذه اﻻستراتيجية.
والثالثة: مؤتمر النازحين السوريين الذي سيعقد في بروكسل الاسبوع المقبل
أضاف: «لقد شارك في «سيدر» حوالى 37 دولة، و17 منظمة دولية، وقد عرض لبنان خطة وضعتها الحكومة، وهي خطة طويلة الامد على 12 سنة، بحوالى 23 مليار دولار، وفي مرحلتها اﻻولى للسنوات الست بحوالى 10.3 مليارات دوﻻر. لقد اعلن الشركاء عن رغبتهم في اﻻستثمار والدعم، اكثر مما كنا نتوقع، حيث كنا ننتظر ما بين 6 الى 7 مليارات دوﻻر، وحصلنا على 11 مليار دوﻻر تقريبا، وهذا في ما يخص القطاع العام، الا ان هذا اﻻمر ﻻيشمل ما قد يطرحه القطاع الخاص للاستثمار في لبنان».
إصلاحات جذرية شفافة
وأشار فوشيه الى «ان اهمية مؤتمر «سيدر» تكمن في ان الجميع وضع امام أعينه اهمية اعادة انعاش اﻻقتصاد اللبناني واحياء النو اﻻقتصادي، وهذا اﻻمر سيكون افضل، لاصلاحات في المالية العامة لان خدمة المساعدات المالية هي التي تقلقنا،وليس الكمية. وﻻ يمكن ان يستمر اﻻقتصاد على هذا المنوال في تحمل عبء الدين اضافة الى انه يتوجب على الحكومة اجراء اصلاحات جذرية تعتمد الشفافية اﻻقتصادية والتي من شانها ان تخلق اجواء مشجعة للاستثمار، واصلاحات في الحوكمة على قطاعات محددة تهم اللبنانيين ﻻسيما قي قطاع الكهرباء والذي يخص كل اللبنانيين. كل هذه الامور موجودة في مؤتمر سيدر، ويجب ان تطبق في القريب.
وتابع: فالحكومة اللبنانية لم تستمع فقط الى الدعم الدولي لها، انما ايضا فان المجتمع الدولي تمنى على لبنان ان يحصل منه على هذه الوعود. هذا امر واضح. فالاتفاق بدا في 6 شباط الماضي وسيستمر بعد اﻻنتخابات المقبلة والحكومة الجديدة، ونحن ننتظر ان تاخذ الحكومة في عين اﻻعتبار كل اﻻجراءات والتدابير المطلوبة. اضف الى ذلك طلبنا من الحكومة اللبنانية، وقبل اجتماع «سيدر» ان تتخذ بعض الاجراءات او القرارات مثل اقرار الموازنة، كما اقرار كل مشاريع التعاون والاستثمار الدولي في البرلمان.. هذه النيات الطيبة تدل على ان لبنان بدا يسلك الطريق الصحيح، رغم كل التصاريح التي تعبر عن استياء اللبنانيين من نتائج باريس 1 و2 و3… وأحب ان اشير الى انه سيتم تشكيل لجنة مشتركة لمتابعة المقررات وتنقيذ المشاريع.
وقال فوشه: هذه اللجنة مهمتها مراقبة ما ستفعله الحكومة من تنفيذ للمشاريع، وستجتمع كل 6 او 3 اشهر في بيروت او في دولة اوروبية، والتي ستتابع المراحل التنفيذية للمشاريع المقررة،كما الاصلاحات التي تعهدت بها الحكومة اللبنانية. كل ما نريده مراقبة وضع تقدم المشاريع واﻻلتزامات. وقد طلبت هولندا ان يكون اﻻجتماع اﻻول على اراضيها وابدت استعدادها بزيادة مساعداتها ومساهماتها من 200 مليون يورو الى 300 مليون يورو اذا التزمت الحكومة بالاصلاحات المطلوبة. سنتابع مراقبة عمل الحكومة، وهذا لا يعني ابدا اننا نضع شروطا انما سنحث الحكومة ونذكرها بالتزاماتها. فعلى الحكومة الجديدة ان تعمل سريعا على وضع برنامجها الذي يتضمن الالتزامات الواضحة التي تعهدت بها في باريس،وفي الاولوية كل الملفات التي تهم كل اللبنانيين، ﻻسيما الكهرباء الذي يؤثر على المالية العامة، على الحوكمة واﻻستثمار.
لبنان بحاجة للسعودية
سئل: ماذا عن اللقاء الثلاثي الذي جمع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، وولي العهد السعودي محمد بن سلمان ورئيس الحكومة سعد الحريري؟
اجاب: لست مخولا الاجابة عن هذا الامر، لكن كل ما يمكنني قوله ان الرئيس ماكرون تدخل في الملف اللبناني مع الجهات السعودية واللبنانية ﻻسيما في الازمة اﻻخيرة، والتي طويت وانتهت. وقد عبرنا عن اهتمامنا بلبنان، ونؤكد ان استقرار لبنان يهمنا نحن كفرنسيين. لا يمكن ان نقوم باي شيء يعكر الاستقرار ويجعلنا قلقين. اننا ندرك جيدا انه ﻻ يمكن ﻻ للبنان وﻻ للملكة العربية السعودية ان يديرا ظهرهما، فهما بلدان شريكان منذ سنوات عديدة، ولا اعتقد ان السعودية بعد الغيمة السوداء التي شابت العلاقة مع لبنان، تريد ان تبتعد عن لبنان. فلبنان في حاجة اليها،كما هو في حاجة الى كل شركائه. لقد قمنا بجهود الى جانب السعوديين ﻻفهامهم ان اﻻمور يجب ان تتوقف هنا. فنحن ننظم مؤتمر روما وكذلك باريس وبروكسيل ويجب ان تكونوا موجودين فيه. فلبنان في حاجة للسعودية ﻻنجاح الخطة اﻻستثمارية، وهذه الرسالة الفرنسية تلقفها السعوديون بايجابية، وقد حضروا مؤتمر روما، كما اعلنوا عن تقديم مساعدات بحوالى المليار دوﻻر.
وللصدفة شاءت الظروف ان يقوم ولي العهد بزيارة فرنسا في تلك الفترة، فالتقى ماكرون لمرتين، كما الحريري، وكل ما اراده الرؤساء يصب في اطار عودة العلاقات اللبنانية السعودية الى طبيعتها.
فتم تعيين سفير في بيروت، واعلنوا عن استثمارات بمليار دوﻻر في سيدر، والمسؤولون يلتقون دائما.
وعن هبة الثلاثة مليارات دولار لصالح الجيش التي تم الاعلان عنها في عهد الرئيس ميشال سليمان، أكد السفير الفرنسي المعلومات التي تشير إلى أن هذه الهبة لم تعد مطروحة حالياً. تم تنظيم المؤتمر الذي انعقد في الخامس عشر من آذار في روما بهدف تقديم الدعم الذي تحتاجه القوى الأمنية الى القوات المسلحة اللبنانية وقوى الأمن الداخلي.
ما يهما استقرار لبنان
سئل: كيف تقرأون المرحلة اﻻقليمية والدولية؟
اجاب: كل ما يمكنني قوله ان لبنان محاط بدول وضعها معقد. فمن جهة هناك اسرائيل، ومن جهة الجنوب، وسوريا في حالة حرب، وهذه الصراعات يمكن ان تخرج عن اطارها. ان ما يهمنا في فرنسا هو التمسك بالاستقرار في لبنان، وهذا يدفعنا الى التكرار ان علي لبنان ان يتبنى ما قرره، وان ينأى فعلا بالنفس، وهذا اﻻمر يخص كل الفرقاء. على كل فريق سياسي ان يتبى سياسة النأي بالنفس، وهذا اﻻمر اكرره امام كل الذين التقيهم بمن فيهم حزب الله.
عودة السوريين لن تتم إلا بحل
فكل ما يهمنا ان لبنان يستضيف مليون ونصف مليون لاجئ سوري، وهذا يشكل عبئاً على لبنان، وعلى الاقتصاد، وطالما ان الحرب لاتزال مستمرة في غياب اي رؤية سياسية جدية. فان هؤلاء لن يعودوا الى ديارهم. إن كل المسؤولين الذين التقيهم يتمنون عودة النازحين ،وهؤلاء انفسم يريدون ذلك، لكن طالما انه ليس هناك من حل فان العودة لن تتم. وعلينا في الاعلام ان نطالب بمساعدة لبنان كي يتحمل هذا العبء الكبير جدا حيث ان اعدادهم الكبيرة واضحة في المدارس والمستشفيات الرسمية. فلبنان يتكبد تكاليف مالية كبيرة، لذا جاء مؤتمر بروكسيل في ٢٥ و٢٦ الجاري ليعيد تسليط الضوء على وجوب تقديم الدعم للبنان.
سئل: هل سيبقى لبنان بمنأى عما يحصل في المنطقة؟
اجاب: اعتقد ان الامور لا تسير في الاتجاه الذي يتمناه لبنان والذي يسمح بعودة النازحين في الوقت الراهن الذين يشكلون عبئاً على الاقتصاد اللبناني..
زيارة ماكرون تأجلت ولم تلغ
سئل: هل زيارة الرئيس ماكرون الى لبنان تاجلت ام الغيت؟
اجاب: ابدا الزيارة تأجلت فقط نظرا لجدول اعمال الرئيس المثقل في تلك الفترة التي كانت ستحصل فيها. فليس هناك اي سبب سياسي وراء هذا التاجيل.