طالب رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي المسؤولين كافة بأن يترفّعوا عن مصالحهم الضيّقة وبأن يبدوا المصلحة العامة ويعزّزوا القواسم المشتركة. وأشار إلى أن «لبنان على مفترق طرق، خلاصته إما النهوض المنتظر أو التدهور القاتم»، مضيفاً: «في حال تحقّق السيناريو السياسي-الاقتصادي الإيجابي، تبدأ الضغوط الاقتصادية والاجتماعية بالانحسار ويبدأ البلد بالنهوض من كبوته القاتمة. ويتمحور هذا الأمر بانتخاب رئيس جديد للجمهورية في أسرع وقت ممكن، وتشكيل حكومة جديدة تتعهد باعتماد نهج اصلاحي حقيقي بدعم سياسي فاعل وشامل يطال خصوصا القطاع العام وايجاد بيئة استثمارية آمنة في ظل قضاء عادل ومستقل، واستكمال الخطوات المطلوبة للانتقال الى مرحلة الاتفاق النهائي مع صندوق النقد الدولي، ما يؤسس للحصول على مساعدات خارجية واستثمارات باتجاه لبنان والتي تشترط انخراط الصندوق كمراقب دولي للإصلاحات في الداخل. وفي حال تحقق السيناريو الإيجابي المنشود، من المتوقع أن يسجل الاقتصاد الفعلي نموا إيجابيا يتراوح بين 4% الى 5% في العام 2023 يحركه المشاريع والاستثمار الخاص، ويساعد على استقرار سعر صرف الليرة». وقال «أما السيناريو المعاكس، لا سمح الله، فسوف يؤدّي الى مزيد من الركود الاقتصادي والتعثر في كافة القطاعات الذي سيؤدي إلى ضغوط كبيرة على سعر الصرف ما ينعكس خصوصا على الأوضاع الاجتماعية و على الأُسَر اللبنانية بشكل عام». برعاية وحضور الرئيس ميقاتي، افتتح «منتدى الاقتصاد العربي» بدورته الـ 28 أعماله في فندق «فينيسيا انتركونتيننتال» في بيروت تحت عنوان: «لبنان: الطريق إلى النفط»، في حضور أكثر من 400 مشارك من لبنان ومن نحو 30 بلداً، من بينهم عدد من الوزراء اللبنانيين الحاليين والسابقين وعدد من النواب الحاليين والسابقين، إضافة إلى رؤساء الهيئات والغرف الاقتصادية والمهنية وقادة الشركات المالية والصناعية والتجارية والاستثمارية عامة.
ميقاتي
وقال ميقاتي: في لبنان ورغم الضغوطات الماكرو – اقتصادية المستمرة والاختلالات المالية المتواصلة في ظل تشنج سياسي متعاظم، عاد الاقتصاد ليسجل هذا العام نموا يقارب 2% بالقيم الفعلية، بعد الانكماش الصافي الملحوظ الذي شهده منذ بداية الازمة. ولعل نمو الاستيراد بنسبة 44% في الأشهر الاحدى عشرة الأولى من هذا العام مردّه الى تحسن النشاط الاقتصادي المحلي في ظل ارتفاع الطلب الداخلي. هذا النمو يترجم عبر عدد من المؤشرات الماكرو الاقتصادية والتي من أبرزها: – تحسن قطاع البناء – ارتفاع تدفق الزائرين عبر مطار بيروت بنسبة 53% – التحسّن الموازي في التدفقات المالية بالعملة الصعبة باتجاه الاقتصاد المحلي. – زيادة عدد السياح بنسبة 70% في الأشهر التسعة الأولى من العام 2022، مع توقع موسم مزدهر لعيدي الميلاد ورأس السنة. – تحسن النشاط الفندقي مع ارتفاع نسبة اشغال الفنادق من 45% في الأشهر التسعة الاولى من العام 2021 الى 55% في الأشهر التسعة الاولى من العام 2022. – زيادة تحويلات العاملين في الخارج بنسبة 7% في العام 2022 لتبلغ 6,8 مليارات دولار. اضاف: لقد انجزت الدولة اللبنانية اتفاقية ترسيم الحدود البحرية جنوباً وأطلقت عملية الاستكشاف في البلوك رقم 9 وسوف تقوم الشركات المكلفة بذلك بحفر بئر استكشافة في العام 2023. وفي حال أتت نتائج التنقيب إيجابية، يتعزز عامل الثقة في الاسواق. وبما أن عنوان المؤتمر اليوم هو «الطريق إلى النفط»، من المهم القول أن استكشاف الغاز سيدرّ مكاسب اقتصادية مهمة على لبنان، أولاً من خلال جذب الاستثمارات الأجنبية، وتالياً من خلال تعزيز إيرادات الدولة في حال تبيّن أن الموارد الهيدروكربونية قابلة للتسويق. كما أن انتعاش القطاع الهيدروكربوني في لبنان سيخفض من عجز قطاع الطاقة ويعزز الوضعية الخارجية للبنان ويساعد على الولوج الى نهوض اقتصادي عام.
أبو الغيط..
بدوره، تناول الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط الصعوبات الاقتصادية في لبنان وتبعاتها الاجتماعية والإنسانية والأمنية المثيرة لقلق، مشيراً إلى أن ثمة تدهوراً خطيراً في الناتج المحلي الإجمالي، وفي قيمة العملة، ومعدل البطالة نحو 30 في المئة. وشدد على أن الإصلاحات المطلوبة لإخراج لبنان من الأزمة باتت ضرورة مُلحة ولا تقبل التأجيل، خصوصاً في ضوء تفاقم أزمتي الغذاء والطاقة، وما يشهده الاقتصاد العالمي من ظروف زادت من صعوبة الأوضاع ما يشكل باعثاً للإسراع بالإصلاح. وأوضح أن الخطوة الأولى على «الطريق إلى النفط» هي الإصلاح، داعياً إلى الجدية في إصلاح النظام المالي والمصرفي وهيكلة الدين العام بما يمكن من استعادة الثقة في النظام المصرفي، والحفاظ على حقوق، ووقف الانهيار في قيمة العملة المحلية. من جهته، انطلق رئيس اتحاد الغرف العربية ورئيس غرفة تجارة وصناعة البحرين سمير ناس من التأكيد على أن القطاع الخاص العربي والخليجي، يقف إلى جانب نظيره اللبناني، حتى يستعيد الاقتصاد اللبناني عافيته، مشيراً إلى إن الحضور العربي في المنتدى، يهدف إلى دعم مسار التعافي والإصلاح الاقتصادي، والمساهمة في دفع مسيرة الاستقرار والنمو في لبنان، متعهداً العمل على تشجيع وتحفيز عودة الاستثمارات، خصوصاً وأن لبنان يزخر بالإمكانات والموارد البشرية والطبيعية والمشاريع المنتجة، بالإضافة إلى الموقع الاستراتيجي الذي يؤهله لأن يكون مركزاً لوجستيا لحركة التجارة عربياً، وإقليمياً، ودولياً.. ثم كانت كلمة لرئيس الهيئات الاقتصادية الوزير السابق محمد شقير جاء فيها: يقولون أن الروابط والعواطف لم يعد لها مكان في عالم اليوم خصوصاً في مجال العلاقات الدولية، لكننا وبعكس ذلك لا نزال نؤمن بأن لكل دولة عربية مكانتها الخاصة لدى شقيقتها الأخرى، إنطلاقاً مما يجمع بينها من تاريخ وأخوة وأصالة وحضارة. فرجاءً لا تبتعدوا عن لبنان ولا تتركوه وحيداً، فهو بأَمَسّ الحاجة للحضن العربي المحب، كي ينهض ويستعيد عافيته ودوره الريادي بين أشقائه والعالم.