بمعزل عن النتائج الممكن ان يفضي اليها الحراك المستجد على الضفة الرئاسية، من الاعتصام النيابي في المجلس ومواكبته شعبيا، الى عودة التواصل بين القوى السياسية والقيادات الروحية، وتصاعد وتيرة المواقف المحذرة من انهيار دراماتيكي غير مسبوق بعدما تخطى سعر صرف الدولار الخمسين الف ليرة، فإن الضغط الذي ينتج عنه لا بد الا ان يولّد «شيئا ما» في اتجاه وضع حد للشغور الرئاسي، خصوصا انه كسر حلقة المراوحة القاتلة والجمود المدمر الذي ساد المشهد الرئاسي ايلول المنصرم.
ومع ان رد االفريق المعطل حامل لواء الورقة البيضاء لم يتأخر، اذ لم يحدد رئيس مجلس النواب نبيه بري موعدا لجلسة الانتخاب الثانية عشرة الخميس المقبل واستعاض عنها بجلسة للجان النيابية المشتركة لدرس احكام قانون الضمان الاجتماعي، بيد ان ارتفاع منسوب الضغط على الفريق المعطل يكشفه ويعريه امام الرأي العام اللبناني والعالم، ويضطره الى التخلي عن ورقة التعطيل.
وتقول مصادر سياسية معارضة ان حزب الله في الـ 3202 ليس بنفس قوته في الـ 4102 حينما فرّغ الرئاسة عامين ونصف عام لايصال مرشحه وتمكن. ذلك ان البلاد لم تكن وسط ازمة مالية واقتصادية خانقة، ولا المعارضة بالحدية نفسها القائمة اليوم ولو مشتتة، ولا التململ الشعبي داخل بيئته يتهدد وجوده، فيما كان حلفه مع التيار الوطني الحر في اوج عزه، ما يعني ان الحزب في مأزومية ولا بد سيضطر للرضوخ في فترة لن تتعدى الاشهر في الحد الاقصى، خصوصا اذا ما استمرت موجة الضغط من مختلف الاتجاهات سياسيا وشعبيا. وتوازيا مع الضغط الداخلي، يشكل اجتماع باريس الذي توسع من رباعي الى خماسي محطة اساسية في مجال حث المعطلين على النزول عن شجرة مطالبهم وسقوفهم العالية لانتخاب رئيس. وعلم ان موعده تحدد في 6 شباط المقبل على مستوى مستشارين ومديري خارجية على ان يبحث في تنسيق المساعدات للشعب اللبناني والتحضير لاجتماع المسؤولين.
وفيما الانهيارات تتوالى والدولار لا يجد من يفرمل اندفاعته الصاروخية وقد تخطى الخمسين الف ليرة، لم يعد اللبنانيون ينتظرون سوى الانباء السيئة عن دولتهم الفاشلة ليس في لبنان فحسب بل على المستوى الاممي، وجديدها اليوم فقدان حقوقه في التصويت في الجمعية العمومية للأمم المتحدة الى جانب فنزويلا وجنوب السودان لتخلفه عن سداد مستحقات الجمعية.
لجان لا انتخاب
اذا، لا جلسة رئاسية جديدة في الافق ما دام رئيس مجلس النواب لم يحدد موعدا لها، وبدا انه لن يدعو اليها قريبا او اقلّه هي لن تُعقد الخميس المقبل، لان اللجان المشتركة ستعقد جلستها في ذلك التاريخ، اذ دعا بري «لجان المال والموازنة، الإدارة والعدل، الصحة العامة، والعمل، والشؤون الإجتماعية، الى جلسة مشتركة في تمام الساعة العاشرة والنصف من قبل ظهر يوم الخميس في 62 الجاري ذلك لدرس مشروع القانون الوارد بمرسوم رقم 13760 الرامي إلى تعديل بعض أحكام قانون الضمان الإجتماعي وإنشاء نظام التقاعد والحماية الإجتماعية».
الاعتصام
ووسط العقم الرئاسي، يستمر النائبان ملحم خلف ونجاة عون صليبا في اعتصامهما داخل قاعة مجلس النواب والذي بدآه اول امس للمطالبة بعقد جلسات متتالية حتى انتخاب رئيس، في وقت توافد نواب متضامنون معهم، من كتل أخرى، الى البرلمان.
التلاقي للانتخاب
الى ذلك، وغداة لقاء ضم وفدا من حزب الله الى رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط في كليمنصو بدعوة من الاخير كما قال اعلام الحزب، اعتبر رئيس الهيئة الشرعية في «حزب الله» الشيخ محمد يزبك انه «يجب على المسؤولين تحمل مسؤولياتهم الوطنية والإنسانية من خلال التلاقي والتفاهم، والعمل على انتخاب رئيس للجمهورية، يحمل هموم المواطنين وسيادة الوطن، وتحصين حدوده، والانفتاح على العالم بندية واستقلالية، والعمل على انتظام المؤسسات وبعث الأمل».
خطوات ومشاورات
الى ذلك، وبعد تلويحه اول امس بمقاطعة جلسات الانتخاب، كتب أمين سر كتلة اللقاء الديموقراطي النائب هادي أبو الحسن عبر حسابه على «تويتر»: «موقفنا كلقاء ديموقراطي بالأمس بعد ١١ محاولة فاشلة لإنتخاب رئيس ليس موقفاً تعطيلياً بل خطوة بالإتجاه الصحيح لخلق دينامية مختلفة وللحث على تحقيق خرق جدّي في جدار الأزمة، وسيترافق الموقف مع سلسلة خطوات ومشاورات بدأت بالامس للوصول الى إنتخاب رئيس للجمهورية. فليطمئن البعض».
البنك الدولي وكنعان
ليس بعيدا من الواقع المعيشي – الاقتصادي، استقبل النائب ابراهيم كنعان في دارته في البياضة وفداً من البنك الدولي آتياً من واشنطن، وجرى بحث في المسائل المالية والاصلاحية والمشاريع المشتركة بين لبنان والبنك الدولي، لاسيما على صعيد ادارة التمويل والعمليات الاصلاحية المرتبطة بالموازنة واعادة هيكلة القطاع العام والحكومة الالكترونية. وكانت جولة أفق شاملة ركز خلالها النائب كنعان على المسألة الاجتماعية من الزاويتين الصحية والتربوية، لاسيما في المناطق التي هي بحاجة لعناية مركزة وطارئة لتستمر الى حين بلوغ مرحلة الانقاذ الفعلي. واشار كنعان الى الاتفاق على عقد جلسة في الأيام المقبلة مع مكتب البنك الدولي في بيروت لمتابعة هذه الأمور، وجرى التركيز على مسألة المستشفيات الخاصة والحكومية التي تقاوم الانهيار الشامل واعطاء الملف الاولوية والاهتمام ضمن البرامج الملحوظة بين لبنان والبنك الدولي.