لا يبدو الخروج من «نفق» تأليف الحكومة سهلا حتى الساعة، وسط الاصطفافات العمودية ورفض اي طرف التنازل عن مطالبه الوزارية التي يراها «محقة» و»مشروعة» فيما يعتبرها خصومه مضخّمة ومنتفخة وغير واقعية. وبحسب ما تقول مصادر سياسية مراقبة قد يحتاج كسر هذا «الستاتيكو» السلبي الى «صعقة» تأتي من الخارج، تكون كفيلة بوضع حد للاخذ والرد المستمر على طاولة التأليف.
لكن المثير للقلق، هو ان هذا «الخارج» منهمك اليوم بملفات كثيرة معقّدة ودسمة، منها على سبيل المثال لا الحصر، ملف العقوبات الاميركية التي أعادت واشنطن فرضها على ايران، وتطورات سوريا واليمن والعراق، وبالتالي فإن الوضع اللبناني ليس مدرجا على قائمة أولوياته، ما يعني ان أمد «الفراغ» الحكومي قد يطول الى أجل غير مسمى.
التشكيل تفصيل صغير دوليا
والحال، بحسب المصادر، أن المجتمع الدولي يعتبر مسألة تشكيل الحكومة اللبنانية تفصيلا صغيرا في المشهد الاقليمي والدولي العريض، وبالتالي فهو ليس في الوقت الراهن، قادرا على «التلهي» بهذا الاستحقاق «الضيّق»، فيما تحديات استراتيجية واقتصادية وعسكرية كبرى، تطاله مباشرة بمفاعيلها، تتسارع.
3 اهتمامات
وبحسب المصادر، فإن ما يهم المجتمع الدولي لبنانيا هو 3 أمور:
أولا، الحفاظ على الاستقرار، أمنيا وعسكريا في شكل خاص. وحتى الساعة، هذا الاستقرار مؤمن في الداخل. فالجيش والقوى الأمنية يضبطان الوضع بيد من حديد. وهما باتا متفوقين في الحرب على الارهاب ويخوضان ضده عمليات استباقية في شكل شبه يومي. والى إمساك الاجهزة بالوضع على الحدود، فإنها تتحكم جيدا بزمام الامور في الداخل اللبناني، وهذا ما يريح المجتمع الدولي.
ثانيا، يتطلع الخارج الى ان يحافظ لبنان على سياسة النأي بالنفس التي أقرّتها حكومته مجتمعة منذ أشهر. وفي حين يبدو هذا المبدأ اليوم، مدار أخذ ورد على هامش عملية تأليف الحكومة، حيث يطالب بعض الاحزاب المحلية بالتطبيع مع النظام السوري، معاودا في الوقت عينه، التصويب على الدول الخليجية وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، تقول المصادر ان عددا من الدبلوماسيين الاجانب الذين زاروا لبنان في الاونة الاخيرة، أبلغوا المسؤولين اللبنانيين الذين التقوهم في بيروت، بضرورة التقيد بهذه السياسة ومواصلة السير بها في الحكومة العتيدة، محذرين من تداعيات الخروج عنها على الاحاطة والدعم الدوليين للبنان.
ثالثا، التزام القطاع المصرفي اللبناني بالتشريعات والقرارات الدولية. وفي السياق، تشير المصادر الى ان الغرب ولا سيما الولايات المتحدة، راضية عن التزام «المركزي» بكل القوانين والتشريعات التي تصدر عنها، لناحية تجفيف منابع تمويل الارهاب في شكل خاص. الا انها أبلغت مسؤولين لبنانيين زاروا واشنطن منذ مدة غير بعيدة، بأنها تتطلع الى استمرار هذا التعاون المصرفي في الفترة المقبلة، خصوصا في أعقاب دخول العقوبات الاميركية على ايران حيز التنفيذ.
انتظار الخارج غير مجدٍ
وفي عود على بدء، تقول المصادر إذا لم يبادر اللبنانيون الى تفعيل قنوات الاتصال في ما بينهم، لتقريب وجهات النظر وايجاد الحلول لمعضلة التأليف، فإن تصريف الاعمال سيستمر، أما انتظار الخارج، فلن ينفع. فهل تنشط المشاورات مجددا بين القوى المعنية بالتشكيل في الساعات المقبلة، أم يبقى هؤلاء كل في موقعه فيكون اول المتضررين العهد واللبنانيون؟