مع مغادرة موفد «خماسية باريس» الوزير جان ايف لودريان بيروت ممهلا القوى السياسية اللبنانية شهرا للتشاور والغوص في تفاصيل طرحه الحواري مطلع ايلول المقبل تمهيدا لاتخاذ القرار، يحبس اللبنانيون انفسهم، المحبوسة اصلا بفعل موجة اللهيب التي تضرب لبنان وعدد من دول العالم، ترقبا لما سيؤول اليه مصير اوضاع دولتهم النقدية وانعكاسه المباشر عليهم اعتبارا من اليوم، اثر اقفال حاكم مصرف لبنان رياض سلامة باب مكتبه في الطابق التاسع من مبنى مصرف لبنان ، طاويا ثلاثة عقود من ترؤسه مالية الدولة وحقبة أخيرة من حقبات الزمن الحريري في لبنان.
ووسط الضبابية التي تغلف الملف حتى الساعة تبدو الامور متجهة نحو خيار أوحد يتمثل في تسلم النائب الاول للحاكم وسيم منصوري الدفة المالية، سواء استقال او لم يستقل، وهو قرار سيعلنه في مؤتمر صحافي يعقده في الحادية عشرة من قبل ظهر اليوم الإثنين في الطابق السابع في مصرف لبنان. الا ان موقفا لافتا في السياق طفا على واجهة المشهد، عبّر عنه نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب اليوم معلنا رفض تولي نائب الحاكم الشيعي المسؤولية «لانهم سيحملون الشيعة المسؤولية في استمرار الانهيار».
الموازنة
ودعا رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وزراء حكومته إلى جلسة لمتابعة مناقشة مشروع قانون موازنة 2023، اليوم الاثنين الساعة الرابعة بعد الظهر في السراي الحكومي.
ما زلنا على موقفنا
وفي وقت تترقب الاوساط السياسية مواقف القوى الداخلية من طروحات المبعوث الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان، بدا حتى الساعة ان اي طرف لم يتخلّ عن تموضعه بعد. وفي السياق، أكد رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد «أننا ما زلنا على موقفنا، لم نغيّر ولن نبدّل، وجاهزون لإقناع الآخرين بما عليه اقتناعنا لمصلحة بلدنا الذي يضمنا جميعًا ولمصلحتهم قبل أن تكون لمصلحتنا، وعسى أن ننتظر فرجاً يأتينا، وإلهاماً يدفع البعض للتراجع عن أخطائه».
تقدم بين التيار والحزب
على خط المعارضة تسجل اتصالات بعيدة من الاضواء لتوحيد الموقف من اقتراح لودريان، في وقت يبدو حوار التيار الوطني الحر وحزب الله يحرز تقدما. في هذا الاطار، أشار عضو تكتل «لبنان القوي» النائب أسعد درغام «الى أننا دخلنا مرحلة مهمة جدا من الحوار مع حزب الله وأمس كان موقف الحزب جيداً لجهة رفضه تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان في ظل غياب رئيس الجمهورية اذ تمسك بالشراكة الوطنية». وشدد في حديث الى محطة «الجديد» على أن «كلام الوزير جبران باسيل يوم أمس كان واضحا لجهة المطالبة باللامركزية الموسعة، والصندوق الائتماني، وبرنامج بناء دولة»، لافتا الى أن «الحوار إنطلق من دون شرط مسبق وبالتالي نحن مستعدون للاتفاق على برنامج، وعندما نحصل على توافق كل القوى اللبنانية، هذا الأمر يؤدي الى الاتفاق على مقومات الدولة في المرحلة المقبلة». وتابع «نحن بحاجة الى وفاق وتفاهم يعيد انتاج السلطة ويؤدي الى رئيس للجمهورية يستطيع أن يحكم، ويتمكن من خوض الاستحقاقات المقبلة، إن كانت مالية أو إستنهاض البلد وعودة النازحين السوريين».
تغطية قانونية؟
وسط هذه الاجواء، تبقى التطورات على الخط المصرفي عشية انتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في صدارة الاهتمامات. وفي وقت بات خيار استقالة النواب الثلاثة للحاكم مستبعدا، تتجه الانظار الى الجلسة التشريعية المرتقب الدعوة اليها لاقرار قوانين تغطي اقراض المركزي الدولة اللبنانية.
ضبط سعر الصرف
وفي ظل تراجع في سعر صرف الدولار ، اعتبر نائب حاكم مصرف لبنان سليم شاهين في حديث تلفزيوني أن «على الجميع تحمل مسؤولياته في هذه اللحظة التاريخية التي تمر بها البلاد». واضاف «بعدما تطوي البلاد صفحة مع انتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في 31 تموز المقبل، نحن أمام مفترق طرق قد يكون الاخير أمام ما تواجهه البلاد». واشار شاهين الى ان «تداعيات تحرير سعر الصرف يمكن ضبطها في حال كان هناك قرار سياسي بذلك».
الشيعة والمسؤولية
ليس بعيدا، قال نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى العلامة الشيخ علي الخطيب «سبق ان ارتفعت الاصوات عندما تحدثوا عن الشغور في حاكمية مصرف لبنان واستلام الشيعي النائب الاول مهام الحاكمية لان هذا الموقع للطائفة المسيحية فما عدا مما بدا حتى تغيرت الامور الى تحميل النائب الاول مسؤولياته في البقاء في موقعه وعدم الاستقالة وتهديده بالمحاكمة؟»، وقال «يريدون تحميلنا مسؤولية الانهيار الاقتصادي والمالي وينسون مسؤولياتهم ودورهم في حصول الانهيار، وعدم محاسبة كل مسؤول عنه، ويريدون تحميل الطائفة الشيعية والسلاح وزر الانهيار، لذلك انا ارفض ان يتولى نائب الحاكم الشيعي المسؤولية لانهم سيحملون الشيعة المسؤولية في استمرار الانهيار. نحن نرفض اساساً التفكير من منطلق طائفي كما نرفض هزيمة طائفة ونريد ان ينتصر لبنان بكل طوائفه على الازمات».
عريضة الى الامم المتحدة
على صعيد آخر، ومع اقتراب ذكرى انفجار 4 آب، تقدّم حزب القوات اللبنانية ممثلاً بجورج سركيس من جهاز العلاقات الخارجية في جنيف، بالعريضة النيابية الحقوقية المشتركة وأودعها في سجل مجلس حقوق الإنسان العالمي التابع للأمم المتحدة. وصاغ تكتل الجمهورية القوية هذه العريضة، ووقعها ٣٥ نائباً في ٧ تموز الحالي؛ وهي تدعو مجلس حقوق الإنسان إلى تشكيل لجنة تقصي حقائق دولية في جريمة مرفأ بيروت.