حدد وزير الداخلية نهاد المشنوق ما يفهم منه ان «لبنان ليس في سلم اولويات فرنسا، حيث تتقدم عليه في اجندة الخارجية الفرنسية قضايا وتعقيدات العراق وسوريا واليمن، ولفت بالتالي الى سعي باريس واحرارها على دفع اسم لبنان ليكون في اولوية جدول اعمال المناقشات الدولية؟!
هذا الكلام يبدو مستغربا لكثر ما تردد عن ان باريس تتهم بلبنان على كل ما عداه نظرا لارتباطها تاريخيا بالشأن اللبناني منذ عقود من الزمن، فضلا عن اهتمام فرنسا بالتجربة الارهابية المعروفة بنظام الصداقة الذي يواجه الجماعات الارهابية المتطرفة في هذه الاونة لاسيما ان الوزير المشنوق طالب برفع التقنيات العسكرية والامنية الموجودة في لبنان، وقول وزير الداخلية انه «لمس اندفاعا فرنسيا غير محدود من اجل لبنان والتأكيد على انه رغم مصاعب المنطقة يجب اعطاء الاولوية للبنان، حتى وان كانت الاجواء الدولية لا تسير في هذا الاتجاه.
واشار الى ان وزير الخارجية الفرنسية لوران فابيوس يعطي اهمية قصوى لزيارته ايران في طابعها السياسي من دون ربطها بامور اقتصادية، وركز المشنوق على معنيين للاهتمام الفرنسي الاقليمي بقوله ان «اليمن هي الحديقة الخلفية للمملكة العربية السعودية والعراق هو المجال الاوسع للامن القومي لايران» وتوقع نتائج سريعة لمراجعة طهران بالنسبة الى انشغالات لبنان، اذ من الممكن الفصل بين الفراغ الرئاسي اللبناني، بمعنى ابعاد الازمة الدستورية عن انشغالات المنطقة.
كذلك، كان كلام فرنسي على ان هناك ورقة غير معلنة لدى فرنسا والا لن يحصل فابيوس على شيء من الايرانيين لان المجال المفتوح امام الوضع اللبناني هو الاتفاق بين السعودية وايران برعاية اميركية من غير ان يعني ذلك وجود اتجاه اميركي جدي لتوظيف واشنطن ثقلها في هذا السياق، حيث لا مؤشرات توحي بذلك (…).
وعن الوضع الامني قال المشنوق ما يفهم منه ان الوضع تحت السيطرة والامن اللبناني هو الوحيد بالنسبة الى الامن العربي الذي حقق عمليات استباقية في مواجهة الارهاب، وهو من الاجهزة العربية القليلة التي تمكنت بسرعة من اعتقال من قاموا باعمال ارهابية او كان يعد للقيام بها (…)
هذا الاطراء سمعه المسؤولون اللبنانيون في امركا ومعظم الدول الغربية والعربية حيث تمكن لبنان من تجفيف مصادر كثيرة واعتقل عددا كبيرا من المفاتيح الجدية، في ظل اجماع لبنان قل نظيره على رفض اي حال متطرفة امنيا، حيث قدرة الجيش كبيرة، وذلك بفضل المساعدات الجدية من اميركا وبريطانيا وفرنسا، لاسيما ان قائد الجيش العماد جان قهوجي وقيادة الجيش تمكنا خلال ستة اشهر من اقامة تحصينات استراتيجية في المنطقة الحدودية (…)
وفي السياق السياسي قال وزير الداخلية ان الحوار بين حزب الله وتيار المستقبل خفف الكثير من التوتر بموضوع الدورة الاستثنائية لمجلس النواب بما في ذلك موضوع الية عمل الحكومة، حيث هناك قرار استراتيجي بوجوب بقاء الحكومة وبوجوب ان يبقى الوضع مستقرا على ما هو عليه، طالما ان احدا غير مستعد لان يقامر على المزيد من الفراغات السياسية – الدستورية.
ومن ابرز ما قاله الوزير المشنوق هو ان رئيس الحكومة ليس في وارد الاستقالة وهو يتحمل مسؤولياته حتى اخر دقيقة، في اشارة منه الى ان الكلام على استقالة رئيس الحكومة غير صحيح ولا يشبه الرئس سلام مع ما يعنيه ذلك من ان الحكومة في وضع صحيح وان وجودها انجاز سياسي لرئيسها (…)
ولجهة ما تردد عن ان الاستحقاق الرئاسي يتصدر اهتمامات الفاتيكان ترى اوساط مطلعة انه لا يكفي القول ان البابا يهمه خروج لبنان من نفق الازمة الرئاسية مع الاخذ في الاعتبار وجود منطقين حول الانتخابات الرئاسية الاولى يقول ان تحصل في الاشهر القليلة المقبلة، اما الاخر فيقول بــ «انتظار الحلول المرتبطة بالوضع في سوريا»، مع العلم ان الفرنسيين يعتبرون ان الطرح الثاني قد يطول حتى وان لم يكن هناك من استعداد داخلي لتغيير النظرة ونمط التعاطي مع الانتخابات الرئاسية، حيث ان «دود الخل منه وفيه» بحسب ما هو قائم من عقد سياسية يعرف الجميع من اين جاءت وكيف ولماذا خصوصا ان عملية الشد التي يمارسها رئيس التيار الوطني العماد المتقاعد ميشال عون تدخل في صلب ما ليس منه بد؟!
وفي مقابل كل ما تقدم يبدو ان اصرار حزب الله على متابعة دوره العسكري في الحرب السورية يشكل ثلاثة ارباع العقد، حيث لا بد وان يقال في حال جاء انتخاب رئيس الجمهورية طبيعية، ان الرئيس العتيد لن يكون قادرا على التصرف سياسيا في ظـل خروج حزب الله على المألوف اللبناني الذي يفرق بين ما هو مقبول من ضمن العلاقة مع سوريا، وبين ما هو مفروض على الحزب من جهة العلاقة بينه وبين ايران التي تصر كما يبدو على ان يقوم الحزب بدور عسكري طالما انها تحتاجه في خدمة مشروعها الاقليمي بثياب حربية؟!